الذي حدث يبقى لغزا. لا أحد يعرف ما الذي حدث في مكان ما، وفي وقت ما، وأدى الى القفز فوق ميشال عون وسمير جعجع، واختيار سليمان فرنجية ليكون الرئيس الثالث عشر للجمهورية اللبنانية.
المشهد السياسي في بيروت يختزل بكلمة واحدة “البلبلة”. قلة قليلة جدا هي التي تعرف ماذا حصل في الأروقة الخلفية القريبة والبعيدة، البعض يتحدث عن انقلاب وراء الستار جعل زعيم تيار المردة يهبط هكذا من المدخنة أو حتى من المريخ باعتبار انه كان مستبعدا كليا من تيار المستقبل الذي يرى فيه الحليف الشخصي والاستراتيجي للرئيس السوري بشار الأسد.
مصدر في تيار المستقبل يقول لصحيفة “القبس” هذا مزيج من التحليل او الاستنتاج والمعلومات. نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف الذي تعمد أن يقول امام السفير اللبناني في موسكو ان بلاده ليست مع العماد ميشال عون ولا مع الدكتور سمير جعجع، هو من أطلق الشرارة الأولى حين رأى ان الوزير السابق جان عبيد وقائد الجيش العماد جان قهوجي والنائب سليمان فرنجية هي اسماء معقولة لكي يتوافق عليها الاطراف في لبنان.
يضيف المصدر انه كان واضحا من قراءة بديهية للاسماء ان الروس يقصدون فرنجية تحديدا كبديل لعون.
وعلى اساس ان تفاهم الرئيس سعد الحريري مع هذا الأخير إذا ما عاد رئيسا للحكومة مستحيل.
سقوط صفة… صديق الأسد
ويشير المصدر الى ان الروس تحدثوا بصورة مباشرة عن انهم لم يذهبوا إلى سوريا لانقاذ النظام فحسب، وانما أيضا للدفع في اتجاه مرحلة انتقالية تفضي الى نشوء وضع جديد في سوريا بحيث تسقط من التداول صفة “صديق الأسد” عن فرنجية.
رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي يوصف في الكواليس بأنه بين الذين وضعوا ذلك “السيناريو العجيب” يلوذ بالصمت، وان تكلم لا يبوح بأي سر، حتى المقربون بدوا وكأن افواههم ختمت بالشمع الاحمر، وحين يتكلمون يقولون ان التسوية تسير على خط رفيع جداً وقصير جداً. هذا يعني ان الحذر هو سيد المرحلة، وكذلك الحنكة في اخراج الفيلم الروسي القصير لا الفيلم الاميركي الطويل كما في عمل زياد الرحباني الشهير، وان كان هناك من يشير الى ان السفير الاميركي السابق في بيروت ديفيد هيل هو صاحب الفكرة وعمل على تسويقها في عواصم القرار. العمل يجري لمنع حصول تحالف بين التيار الوطني الحر و”القوات اللبنانية” وهما القوتان المارونيتان الوازنتان، ينزع التغطية المارونية عن انتخاب فرنجية، فيما يبدو “حزب الله” في حرج شديد حيال حليفه عون الذي قد يجد نفسه كبير الخاسرين، خصوصا بعدما رفض عرضاً سابقاً بتعيين صهره العميد شامل روكز قائداً للجيش مقابل عزوفه عن الترشح للرئاسة.
هل يعتزل الجنرال؟
وهنا لا يستبعد نائب في “التيار الوطني الحر” ان يعتزل الجنرال السياسة، وهنا الطامة الكبرى للتيار، خصوصا ان سلسلة من الضربات وجهت اليه منذ عودته من المنفى الفرنسي في عام 2005 وحتى الآن، كما لو ان هناك قراراً من مكان ما بإقصائه رئاسة الجمهورية حتى ولو كان الاسد وليس فرنجية فقط هو البديل. الكل يدورون الآن داخل اللغز، وزراء ونواب في تيار المستقبل لا يعرفون ما حصل وما يحصل، النائب عاطف مجدلاني لفت الى ان اسم فرنجية لم يطرح بعد داخل التيار ولا يزال جعجع مرشحاً حتى الآن.
واضاف لا اعلم ما اذا كان الحريري هو من طرح فرنجية كمرشح، وما نريد بلوغه تسوية ترضي الجميع، واي تسوية شاملة تتطلب سلة متكاملة لوقف النزيف السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
عون يمتلك المفتاح
وقال الوزير السابق ماريو عون امام الاجتماعات والحوارات في باريس، لم يتغير شيء بالنسبة الينا بشأن موضوع رئاسة الجمهورية، وعون هو المرشح، وهو الذي يمتلك المفتاح في هذا الشأن.