بعد نحو 3 سنوات من خروجه من البنك المركزي المصري عاد المحافظ السابق فاروق العقدة من جديد إلى المركزي، ولكن هذه المرة من خلال المجلس التنسيقي مما أشاع جوا من التفاؤل بين المصرفيين في وقت تواجه فيه مصر أزمة عملة ومتاعب اقتصادية جمة.
كما تلقت الأوساط المصرفية بارتياح ضم المصرفي العالمي محمد العريان إلى المجلس التنسيقي.
وسيساهم العقدة، الذي قاد البنك المركزي طوال نحو 10 سنوات حتى استقالته في فبراير 2013، من خلال موقعه الجديد، في وضع أهداف السياسة النقدية مع عدد من أبرز المسؤولين الحكوميين والخبراء الاقتصاديين.
ونشرت الجريدة الرسمية أمس قرار الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، إعادة تشكيل المجلس التنسيقي للمركزي وتعيين العقدة والعريان وعبلة عبداللطيف في المجلس كأعضاء من ذوي الخبرة.
والعريان خبير اقتصادي عالمي مصري الأصل، يشغل حاليا منصب كبير المستشارين الاقتصاديين في مجموعة أليانز الألمانية. وفي العام الماضي استقال العريان من منصب الرئيس التنفيذي في شركة بيمكو أكبر شركة في العالم لإدارة صناديق السندات. وتشغل عبلة عبداللطيف منصب رئيسة المجلس الاستشاري الاقتصادي للرئيس المصري.
ويأتي الإعلان عن تشكيل المجلس التنسيقي قبل يوم واحد تولي المحافظ الجديد للبنك المركزي طارق عامر مهام منصبه، خلفا لهشام رامز. وسبق للمحافظ الجديد أن عمل مع العقدة كنائب له في الفترة بين 2003 و2008. ووفقا للقانون “يضع المجلس التنسيقي أهداف السياسة النقدية بما يحقق الاستقرار في الأسعار وسلامة النظام المصرفي”.
وقال أحد أعضاء البنك المركزي المصري لرويترز أمس، مشترطا عدم نشر اسمه، إن “قرار تشكيل المجلس هو إعادة إحياء وتفعيل للمجلس من جديد. لكن كنت أعتقد أن وزير التخطيط لا بد أن يكون ضمن أعضاء المجلس وهو ما لم يحدث”.
وأضاف أن “المجلس يحتاج لخبراء مستقلين لهم دراية واسعة بالسياسات النقدية والسياسات المالية، وهو ما يتوافر في القيادات السابقة التي عملت في البنك المركزي”.
ويضم المجلس التنسيقي الذي يرأسه رئيس الوزراء شريف إسماعيل 7 أعضاء من الحكومة هم محافظ البنك المركزي ووزير الاستثمار ووزير المالية ووزير التجارة والصناعة ونائبا محافظ المركزي ووكيل المحافظ للسياسة النقدية.
وقد جرى تشكيل أول مجلس تنسيقي للبنك المركزي في عام 2005، وكان من ضمن أعضائه وزير التخطيط وستة من ذوي الخبرة من بينهم العريان.
لكن المجلس لم يضطلع حينها فعليا بدور نشط في رسم سياسات البنك منذ ذلك الحين، رغم أن القانون ينص على أن يعقد المجلس اجتماعا واحدا على الأقل كل 3 أشهر وكلما دعت الضرورة لذلك.
ويرى أحمد خير الدين وهو محلل ومصرفي سابق أن العقدة سيكون “حلقة وصل جيدة” بين المركزي وقطاع الأعمال وشركات الصرافة… نتمنى أن يلعب العريان دورا أكثر فاعلية في المجلس التنسيقي الجديد”.
لكنه قال إن “الوضع صعب والإصلاحات الآن أهم من الأشخاص… المهم هو إجراء إصلاحات في سوق الصرف وفي ميزان المدفوعات والميزان التجاري”.
وعلى مدى 10 سنوات كان العقدة أهم شخصية مصرفية في مصر منذ توليه منصب محافظ المركزي في عام 2003 إلى أن ترك المركزي في مطلع 2013، ونجح خلال تلك الفترة في إعادة هيكلة القطاع المصرفي.
ووصف هاني جنينة رئيس البحوث في شركة فاروس القابضة في تصريحات لقناة العربية قرار عودة العقدة للبنك المركزي بأنه “جاء في وقت مناسب جدا … أهمية المجلس في هذه المرحلة أن مصر ستشهد تحولا تدريجيا من سياسة تثبيت سعر الصرف إلى سياسة أكثر مرونة”.
وقال السيد القصير رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية والعمال المصري لرويترز إن “عودة العقدة للمشهد يمثل إضافة هامة للمجلس لأنه على إطلاع وعلم وخبرة بما يدور في الشأن الاقتصادي المصري وتحديات المرحلة”.
وتمر مصر بصعوبات اقتصادية منذ انتفاضة 2011 التي أنهت حكم حسني مبارك الذي استمر 30 عاما، والتي أدت إلى ابتعاد المستثمرين والسياح الأجانب، الذين تعتمد عليهم مصر كمصدر للعملة الأجنبية.
وقد ازدادت الأوضاع سوءا، إثر تحطم طائرة روسية في مصر الشهر الماضي. وتقول موسكو إنه حدث بسبب قنبلة. وتراجعت احتياطيات العملة الأجنبية من 36 مليار دولار قبل انتفاضة 2011 إلى حوالي 16.4 مليار دولار في أكتوبر، مما لا يتيح للبنك المركزي الذخيرة الكافية للدفاع عن الجنيه المصري في مواجهة الضغوط المتزايدة.