Site icon IMLebanon

الشحن الذكي

Fetchr
تصور مدينة عربية تعج بالحركة؛ شوارعها دون أسماء وأرقام مرئية، والمواطنون هم الوحيدون الذين يعرفون تخطيط المنطقة، ويعتمد زوار المدينة الخارجيون فيها أحياناً على الاتجاهات المتوقعة وغير المؤكدة. وتقوم جهة تجارية إلكترونية من الولايات المتحدة أو الأردن بشحن طرد لعميل في تلك المدينة، ولكن في كثير من الأحيان لا تصل الشحنة إلى المكان الذي يجب أن تصل إليه، وذلك لأن سائق خدمة التسليم لا يملك عنواناً محدداً للعميل. وبعد البحث، فإن السائق يستسلم، أو ربما يترك الطرد في مكان ما بالقرب من موقع العميل.

وقد واجه إدريس الرفاعي هذه المشكلة أكثر من مرة عندما كان مسؤولاً عن العمليات في موقع (MarkaVIP) الإلكتروني لتجارة الألبسة والذي يتخذ من عَمان، الأردن مقراً له، حيث أعيدت ثلث الشحنات للشركة بسبب عدم توفر معلومات كافية عن عناوين العملاء. وفي السعودية، التي تعتبر أكبر سوق بالنسبة للشركة، فإنه تم إعادة %40 من الشحنات المرسلة للسبب نفسه، مما كلف الشركة نحو 40 دولاراً كرسوم شحن للسلعة الواحدة التي ثمنها أقل من 10 دولارات.

وعانت جوي عجلوني المشاكل نفسها في موقعها (Bonfaire) الإلكتروني لبيع الإكسسوارات الفاخرة الذي يتخذ من سان فرانسيسكو، كاليفورنيا مقراً له. ولم يستلم عملاؤها في السعودية والإمارات والكويت طلباتهم 9 مرات من أصل 10.

ووفقاً لمسح صادر عن (Ipsos)/ (PayPal)، تضاعفت قيمة التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منذ عام 2011 لتصل إلى 15 مليار دولار خلال 2015 . حيث أظهر المسح أن قدرة الشركات على إيصال البضائع التجارية بسلاسة وسرعة بات أمراً ضرورياً لغايات الربح الصافي. و%20 من هذا المبلغ في عمليات الشراء يتم إجراؤها عبر الهواتف الذكية.

وقد نجح كل من الرفاعي وعجلوني في حل هذه المشكلة التي تكمن في عدم توفر خرائط المدن الرسمية المنتشر ليس فقط في البلدان العربية، ولكن أيضاً في مدن أخرى في أنحاء آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية، وذلك من خلال تأسيسهما شركة (Fetchr) التي تتخذ من دبي مقراً لها، وتعمل في الإمارات والسعودية والبحرين، ويخططان للتوسع في أكثر من 11 دولة على مدى الأشهر الـ12 المقبلة، بما في ذلك قطر والمغرب وإندونيسيا ونيجيريا وجنوب أفريقيا. ويقول الرفاعي، الرئيس التنفيذي للشركة: “هدفنا التوسع من دولة إلى أخرى، حيث نحاول تحقيق ذلك بأسرع وقت ممكن”.

وقد دخلت العلامات التجارية المعروفة، والتي تهيمن على سوق شركات الشحن والتوصيل العالمية كشركة (DHL) وشركة (FedEx) بشكل رئيسي، ومؤخراً (Google) و(Amazon) سباق المنافسة في تقديم خدمة التوصيل والشحن السريع واستخدام الطائرات من دون طيار. ولكن حتى بالنسبة لشركة مثل (DHL)، والتي تعتمد أسلوب الشحن في المناطق النائية في أكثر من 220 دولة، فإن عمليات التسليم في الأسواق الناشئة يمكن أن تكون تحدياً.

وتعد شركة (Fetchr) أحد أهم الشركات الناشئة التي ظهرت في الشرق الأوسط، حيث جذبت انتباه (New Enterprise Associates) إحدى أشهر شركات رأس المال الاستثماري في الولايات المتحدة، والتي تحقق عائدات ضخمة، والتي تعتبر كل من شركة (Apple) و(3Com) و(Salesforce.com) ضمن استثماراتها الأولى. وفي يونيو/ تموز 2015، قادت شركة (New Enterprise Associates) جولة التمويل الأولى لشركة (Fetchr) والتي قيمتها 11 مليون دولار، مما يجعلها أول شركة ناشئة عربية تحصل على تمويل للمرحلة الأولى من شركة رأس مال استثماري أمريكية كبرى، مما جعل قيمة الشركة 30 مليون دولار. ومن بين الشركات المستثمرة التي كانت ضمن هذه الجولة كل من شركة (TriplePoint Capital) وشركة (500 Startups) وشركة (Roland Berger) وشركة (Delta Partners) التي تتخذ من الإمارات مقراً لها، وشركة (Dhabi Holdings) الاستثمارية التي يملكها الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان. وفي سبتمبر/ أيلول، استثمرت شركة (Mobily Ventures)، الذراع الاستثمارية لشركة الاتصالات السعودية (اتحاد اتصالات) 1.5 مليون دولار. وتعتبر شركة (Fetchr) الشركة الناشئة العربية الأولى والوحيدة المدرجة ضمن قائمة الشركات التي قامت بتمويلها شركة (New Enterprise Associates).

ويقول فوريست باسكيت، الشريك العام في شركة رأس المال الاستثماري (New Enterprise Associates): “الأمر الذي أثار انتباهنا هو تصادم التقنيات الحديثة مع المشكلة الصعبة التي لم يتم إيجاد حل لها، حيث إنها فرصة غير مستغلة يمكن أن تكون مربحة وناجحة جداً”.

ويعتقد باسكيت أن شركة (Fetchr) قد تكون هدفاً للاستحواذ المحتمل لشركة تريد أن تدخل سوق التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط والأسواق الناشئة.

والأمر الذي ساعد (Fetchr) على تحقيق النجاح هو امتلاكها لفريقاً متميزاً بخبرة من شركات مثل (Uber Saudi Arabia) و(فيسبوك) و(Cobone) نسخة الشرق الأوسط لموقع (Groupon).

وحتى الآن، لدى الشركة أكثر من 200 عميل، وبشكل أساسي الشركات القائمة على الأعمال التجارية الإكترونية، ولكنها ترفض الإفصاح عن عدد الشحنات التي تتعامل معها يومياً. ومن بين هؤلاء العملاء موقع (GlamBox)، التي توفر في كل شهر لمشتركيها في الإمارات عينات من منتجات التجميل مثل الماكياج والعطور. ولكن توصيل الشحنات لوجهتها النهائية كانت بمثابة الكابوس لها، حيث كانت ترجع 4 من أصل 6 شحنات. وكانت العواقب المالية التي نتجت عن هذه المشكلة غير محتملة، مما كلف الشركة 7 دولارات في عملية الشحن لكل طلبية قيمتها 20 دولاراً، إلى جانب إلغاء الاشتراكات.