يعد اللبناني محمد يوسف أحمد منصور وشهرته سامي شهاب، والذي وضعته السعودية أمس ضمن 12 قياديا في حزب الله على قوائمها للإرهاب، أحد أبرز المطلوبين لدى القضاء المصري، حيث سجن في مصر عام 2009 بعد إدانته بالتخطيط لتنفيذ أعمال إرهابية داخل البلاد ضمن خلية تابعة للحزب، قبل أن ينجح في الهرب مستغلا الفوضى الأمنية التي شهدتها البلاد، إبان ثورة 25 يناير 2011.
يقول المحامي أمير سالم، المدعي الرئيسي في قضية هروب شهاب من السجن، لصحيفة ”الشرق الأوسط” إن “شهاب يعد من أخطر العناصر التي دخلت مصر، وقد خاطبت السلطات الإنتربول الدولي للقبض عليه بموجب الأحكام القضائية الصادرة ضده، التي وصلت إلى 17 عاما في قضيتي الإرهاب والهروب، لكن كما هو معلوم للجميع هو منذ هروبه إلى لبنان ووجوده مع تنظيم حزب الله فإن الأمر أصبح صعبا من الناحية السياسية والأمنية”.
ينتمي شهاب إلى أسرة شيعية كانت تقطن الجنوب اللبناني، وعقب الاجتياح الإسرائيلي للبنان في سبعينات القرن الماضي انتقلت أسرته إلى العاصمة بيروت. وفي منتصف الثمانينات انضم شهاب إلى فصائل التعبئة العامة التابعة لحزب الله وتلقى تدريبات عسكرية أهّلته للمشاركة في أعمال المقاومة ضد الجيش الإسرائيلي، حتى تدرج بأوساط ميليشيات الحزب وتم ضمه إلى القوات الخاصة، فأصيب في إحدى المعارك بإصابات سطحية، على حد قوله.
بمرور السنين ازدادت خبرته فالتحق بالوحدة “1800” في حزب الله، المكلفة بدعم القضية الفلسطينية، وواصل تدريباته على الأعمال الاستخباراتية، فصدرت تكليفات له بالدخول إلى مصر بجواز سفر مزور وشراء قطعة أرض بمنطقة رفح واستغلالها في أعمال الرصد وحفر أنفاق بين مصر والأراضي الفلسطينية لاستغلالها في تهريب الأشخاص والأسلحة إلى داخل الأراضي الفلسطينية ودعم المقاومة بالأموال والأسلحة والمقاتلين.
وفي مطلع عام 2009 ألقت السلطات المصرية القبض على شهاب، حيث اتهمته نيابة أمن الدولة مع 27 شخصًا بالتخطيط للقيام بهجمات إرهابية وأعمال تخريبية داخل الأراضي المصرية، في ما عرف إعلاميا بـ”خلية حزب الله”. وجاء في التحقيقات أن شهاب أقر بتكليفه من حزب الله بتنفيذ عمليات “انتحارية” في مصر، خصوصا في سيناء ضد السياح الإسرائيليين.
لكن حزب الله قال حينها ردا على تلك الاتهامات إن “شهاب كان يقدم إمدادات عسكرية لقطاع غزة بمساعدة ما يصل إلى عشرة أشخاص آخرين.. ونفى حزب الله أن يكون استهدف مصر”.
وفي 26 (آب) 2009 صدر ضده حكم في تلك القضية بالسجن 15 عاما. وقال قاضي المحاكمة حينها إن “المحكمة ترى أن ما اقترفه حزب الله اللبناني من أفعال بواسطة ممثليه لا صلة له بدعم المقاومة الفلسطينية”. وتساءل: “هل كل ذلك الدعم يكون من خلال جمع المعلومات عن القرى والمدن والطرق الرئيسية بمحافظتي شمال وجنوب سيناء وأن يشمل هذا الدعم رصد وتحديد الأفواج السياحية المترددة على مناطق جنوب سيناء، واستئجار بعض العقارات المطلة على المجرى الملاحي لقناة السويس لاستغلالها لرصد السفن العابرة بالقناة؟”.
وتابع القاضي في القضية التي شغلت حينها الرأي العام المصري والعربي أن “هذا الحزب المسمى بحزب الله كان يقصد ضرب اقتصاد مصر وتمزيق أوصال شعبها وإشاعة الفوضى وعدم الاستقرار في أرجائها”.
لكن سجن شهاب في مصر لم يدم كثيرا، فبعد أقل من عامين استطاع شهاب الهروب والوصول إلى لبنان، مستغلا أحداث الفوضى التي شهدتها البلاد إبان ثورة 25 يناير 2011. وحظي شهاب حينها باستقبال شعبي حاشد حضره زعيم الحزب حسن نصر الله وسط أنصاره من حزب الله في بلدة حداثا، بعد أيام من سقوط نظام حسني مبارك في مصر. وخاطب نصر الله المصريين ممسكا شهاب في يده قائلا: “نشكركم كل الشكر على تحرير هؤلاء الأسرى”.
تقول التحقيقات المصرية في قضية الهروب إن عناصر من حماس دخلت مع عناصر جماعة الإخوان المسلمين لإخراج العناصر الموجودة داخل سجن وادي النطرون، مستخدمين بعض المعدات الثقيلة من لوادر لتسهيل الاقتحام، وإن تلك العناصر نجحت بالفعل في مخططها وتسللت تلك المجموعات داخل الأراضي المصرية يوم 28 يناير 2011. وفي 29 يناير قامت باقتحام بعض السجون المصرية بمناطق أبو زعبل ووادي النطرون والمرج، مشيرة إلى أن الهجوم على السجون نتج عنه هروب جميع المسجونين بوادي النطرون وعددهم 11 ألفا و161 مسجونا.
وقال شاهد في القضية، وهو اللواء حمود الشاذلي، إن شهاب كان على رأس قائمة الأسماء التي يبحث عنها مقتحمو السجون في يناير 2011، إضافة إلى أسماء من حركة حماس.
وبينما قيل إن شهاب ومن معه فروا من مصر عبر الأنفاق في سيناء إلى غزة ومن ثم إلى لبنان، قالت مصادر إن شهاب غادر مصر بجواز سفر سوري زودته به المخابرات السورية واستخدمه للوصول إلى السودان، ليواصل من هناك إلى دمشق جوا ومن ثم إلى بيروت، وهناك قدم له حزب الله استقبال الأبطال في الضاحية الجنوبية.
يقول منتصر الزيات، المحامي الإسلامي الشهير: “هروب شهاب كان طبيعيا وسط حالة الانفلات التي حدثت، بالتأكيد قدرات حزب الله قوية وعالية واستطاع شهاب فور خروجه أن يتصرف بحكمة، ففي الوقت الذي سارع فيه المتهمون الفلسطينيون لدخول سيناء في تلك الظروف، تم القبض عليهم سريعا، لكن شهاب دخل إلى السودان ومنها إلى لبنان”.
وأصدرت محكمة جنايات القاهرة في (حزيران) 2015 حكما بالحبس مع الشغل لمدة عامين، بحق شهاب في قضية هروبه، التي تم فيها أيضًا الحكم بالإعدام على 99 متهما، على رأسهم الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، ومرشد جماعة الإخوان الدكتور محمد بديع، والداعية يوسف القرضاوي.