Site icon IMLebanon

قوة الإنفاق الاستثماري الحكومي تدعم الاقتصاد القطري

Doha-Qatar
من المتوقع أن يحافظ الاقتصاد القطري على قوة أدائه بصورة نسبية خلال العام 2016 وحتى العام 2017 بدعم من قوة الإنفاق الاستثماري في خطة التنمية والتي تبلغ قيمتها 200 مليار دولار إضافة إلى قوة الإيرادات الناتجة عن إطلاق مشروع محطة برزان، وذلك على الرغم من تراجع أسعار النفط. كما من المتوقع أن يرتفع معدل التضخم بصورة تدريجية فور ركود وتيرة تراجع أسعار المواد الغذائية والسلع العالمية وفور استعادة الإيجارات قوة ادائها، إلا أنه من المفترض أن تشكّل قوة الدولار دعماً لمعدل التضخم المستورد.

من المتوقع أن تسجل قطر أول عجز مالي في العام 2016 وذلك منذ العام 1999 بتأثير من تراجع إيرادات النفط والغاز بواقع 40٪، الأمر الذي قد يؤدي إلى خفض نشاط المشاريع غير الضرورية على خلفية رغبة السلطات بالتحكم بوتيرة الإنفاق وتنشيط القطاع الخاص. وقد طال تأثير تراجع أسعار النفط على أداء القطاع المصرفي الذي شهد تباطؤاً في نمو الودائع والائتمان والأصول، ما أدى إلى ضيق السيولة وارتفاع أسعار الفائدة وارتفاع مبادلات مخاطر عدم السداد، إلا أن الاقتصاد القطري يعدّ أكثر اقتصادات المنطقة قدرة على مواجهة هذا التراجع في النمو، لما يمتلكه من دعم مالي وخارجي كصافي الأصول الخارجية التي تساوي 132٪ من الناتج المحلي الإجمالي.

وتتمثل المخاوف بشأن النمو الاقتصادي في وتيرة أسعار الطاقة وأداء الاقتصاد العالمي وتقلّب أداء أسواق المال وتنفيذ السلطات خطتها للبنية التحتية المحلية قبل بطولة كأس العالم في العام 2022. كما من المتوقع أن تواجه قطر ضغوطات لكونها الدولة الوحيدة في العالم المصدّرة للغاز الطبيعي المسيّل مع دخول كل من استراليا وأميركا في هذا المجال وفرض التنافسية خلال العام 2016.

النمو الاقتصادي يحافظ على قوته بدعم من القطاع غير النفطي والاستثمار الحكومي
من المتوقع أن يسجّل الناتج الإجمالي الحقيقي نمواً بواقع 5.4٪ في العام 2016 و5.1٪ في العام 2017 مقارنة بالزيادة المتوقعة البالغة 4.9٪ في العام 2015. وعلى الرغم من أن هذه النسبة قد جاءت أقل من المتوسط السنوي الذي سجلته قطر في الفترة ما بين العام 2010 حتى العام 2014 البالغة 9.2٪ إلا أن اقتصادها لا يزال يعدّ من بين أكثر الاقتصادات نشاطاً على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي.
وبعد أن ارتفع انتاج قطاع النفط و بلوغه أقصى سقف لانتاج الغاز الطبيعي المسيّل في العام 2012، من المتوقع أن يشهد هذا القطاع انتعاشاً تماشياً مع انطلاق مشروع محطة برزان للانتاج في أواخر العام 2015 ليصل الانتاج إلى أقصى مستوى بواقع 1.4 مليار قدم مكعب يومياً في العام 2016، الأمر الذي قد يساهم في بلوغ النمو النفطي الحقيقي 0.7٪ في العام 2015 و1.7٪ في العام 2016 ليتراجع بعد ذلك إلى 1.0٪ في العام 2017.
وقد كان مشروع محطة برزان آخر مشروع يتم إقراره قبل قرار تعليق نشاط استخراج الغاز في العام 2005 من الحقل الشمالي الضخم. وفور اتمام المشروع، من المفترض أن توفر المحطة كميات إضافية من منتجات الغاز الطبيعي كالمكثفات وسوائل الغاز الطبيعي. فقد أصبح لهذه المنتجات التي بدأت تمثّل أهم منتجات الطاقة السائلة دوراً أساسياً فاق دور النفط بعد أن شهد الأخير تراجعاً في حقول قطر العتيقة خلال العام 2007. فقد بلغ متوسط انتاج النفط 0.66 مليون برميل يومياً في العام 2015 بعد أن كان قد بلغ اعلى مستوى في العام 2007 عند 0.85 مليون برميل يومياً.
بينما يظل في المقابل القطاع غير النفطي المحرك الأول لاقتصاد قطر. إذ من المتوقع ارتفاع الانتاج بواقع 9.1٪ في المتوسط على أساس سنوي بدعم من الإنفاق الحكومي في الفترة ما بين العامين 2015 و2017. وسيستمر كل من قطاع الخدمات المالية وقطاع التشييد والبناء وقطاع التجارة وقطاع الضيافة بدعم القطاع غير النفطي في قطر. كما من المفترض أن تساهم قوة نمو الكثافة السكانية بواقع 8.8٪ على أساس سنوي بدعم نمو الاقتصاد وذلك من خلال إنعاش وتيرة الاستهلاك المحلي.
وقد أبدت السلطات استمرار التزامها بتنفيذ خطة التنمية والتنويع الاقتصادي بقيمة 200 مليون دولار بغض النظر عما تشهده الاسواق من تراجع في أسعار النفط. وتشير الحاجة إلى تنفيذ مشاريع البنية التحتية لبطولة كأس العالم في العام 2022 وما يتبعها من مشاريع أخرى إلى استعجال السلطات في بذل جهودها حول هذا الأمر. إذ يبدو أن بعض المشاريع قد بدأت السير على الخطة الموضوعة كمشروع سكك الحديد القطرية (40 مليار دولار) ومشروع ميناء حمد (7 مليارات دولار) ومشروع لوسيل متعدد الاستخدامات (45 مليار دولار) ومشروع الطرق والصرف الصحي (14.6 مليار دولار)، بينما سيتم توقيف نشاط المشاريع غير الضرورية وسط نشاط وتيرة الإنفاق الحالية.

معدل التضخم قد يرتفع تدريجياً في العامين 2016-2017 تماشياً مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع العالمية

من المتوقع أن يرتفع معدل التضخم تدريجياً خلال العامين القادمين من نسبته المتوقعة للعام 2015 عند 1.7٪ ليصل إلى 3.0٪ في العام 2017 وذلك على أساس سنوي في المتوسط. ومن المحتمل أن يعزى هذا الارتفاع الملحوظ إلى كل من ارتفاع الإيجارات وتراجع بطيء في أسعار المواد الغذائية والسلع العالمية. وبينما تباطأ معدل التضخم في أسعار الإيجارات ليصل إلى 1.8٪ على أساس سنوي في أكتوبر، ستستمر الزيادة في الكثافة السكانية التي يقودها ارتفاع عدد العمالة الماهرة من الوافدين في زيادة الضغوطات على الوحدات السكنية المحدودة التي تمتلكها الدولة. فقد ارتفع سعر الأراضي والمباني وفق مؤشر أسعار العقار بواقع 18.2٪ على أساس سنوي في سبتمبر الماضي إلا أنه قد أخذ بالاعتدال خلال العام الماضي. وقد ساهمت قوة الريال القطري المربوط بالدولار الأميركي في كبح معدل التضخم المستورد.

أسعار النفط المنخفضة قد تؤدي إلى تراجع الحساب المالي والتجاري

من المحتمل أن يسجل الميزان المالي لقطر عجزاً في العام 2016 للمرة الأولى منذ العام 1999. ومع استمرار ارتفاع مستوى الإنفاق وسط تراجع الإيرادات النفطية بواقع 40%، فمن المتوقع أن يتراجع الفائض المالي من 16.1% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2014 إلى -0.5 من الناتج المحلي الإجمالي في 2016. أما في العام 2017 فسيشهد الحساب المالي توازناً كما سيتراجع فائض الحساب الجاري بصورة ملحوظة.
ومن المحتمل أن يتم التحكم بمستوى الإنفاق في المستقبل لا سيما الإنفاق الجاري. أما الإنفاق الرأسمالي فمن الضروري أن يتم رفعه لتعوض السلطات التراجع الذي شهدته الميزانية نتيجة التأخيرات والقيود المفروضة والبدء بتنفيذ خطة التنمية قبل بطولة كأس العالم في العام 2022 إلا أنه وكما ذُكر سابقاً سيتم توقيف المشاريع غير الضرورية.
وقد دفع التراجع المستمر في أسعار الطاقة الحكومة بإعادة تشكيل آلية الإنفاق. إذ تشمل بعض القوانين الجديدة تحديد سقف جديد للمشاريع الاستثمارية بواقع 600 مليار ريال قطري (165 مليار دولار) وتشكيل وحدة للإنفاق الكلّي ودائرة لإدارة الاستثمار الحكومي والتحويل من احتساب الميزانية على السنة المالية إلى السنة العادية بدءاً من العام 2016 وسحب بعض الدعم المقدم لبعض مؤسسات الدولة وخصخصة بعض مؤسسات الدولة شبه الحكومية. وقد تم الإعلان عن القانونين الأخيرين من قبل أمير دولة قطر في نوفمبر من العام 2015 في محاولة للتقليل من احتكار الدولة للاستثمار وإتاحة المجال للقطاع الخاص للمشاركة في النشاط الاقتصادي للدولة.