Site icon IMLebanon

الفساد يُكلف خزينة الدولة أكثر من 800 مليون دولار سنوياً

Corruption2

 

موريس متى

 

أيام قليلة تفصلنا عن التاسع من كانون الاول، تاريخ توقيع وزير الاقتصاد والتجارة الدكتور ألان حكيم ورقة تفاهم مع ثلاث جمعيات لبنانية منها جمعية “سكّر الدكانة”، بهدف رصد الفساد في وزارة الاقتصاد والتجارة، وجميع المديريات التابعة لها على كل الاراضي اللبنانية، في خطوة جريئة ستساهم وفق التقييم في اعادة بعض الثقة بمؤسسات الدولة بعدما فقدت قبل اعوام نتيجة الفساد المتغلغل في أروقة المؤسسات والادارات العامة.

ستفتح كل ملفات وزارة الاقتصاد والتجارة أمام هذه الجمعيات للإطلاع عليها وعلى كل تفاصيلها بعد توقيع ورقة التفاهم، وفق ما أكده وزير الاقتصاد والتجارة لـ”النهار”. واضاف “ستقوم هذه الجمعيات أيضا برصد آراء المواطنين على أبواب الوزارة، ومتابعة سير المعاملة التي تختارها الجمعية المعنية، والتي ستضع خبراتها في متناول ادارة الوزارة لدرس احتمال وجود اي فساد، وبهدف توعية وتدريب الموظف على ان يكون رادعاً للفساد”. واشار الى انه سيكون هناك “رصد لآراء الموظفين في تحسين أداء العمل ووسائله، لتتكون بذلك لدى الوزير والرأي العام صورة واضحة عما يحصل داخل أروقة الوزارة وفي كل المديريات التابعة لها. فالهدف الأول والاساسي من هذه الخطوة ليس محاسبة الفاسدين والمشتركين في الفساد وفي عمليات مشبوهة فحسب، والتي تُعتبر أمرا طبيعيا اذ سيتم تحويل الملفات إلى القضاء، بل في نشر ثقافة الاستقامة في العمل ورفض الفساد من الموظف الذي قد يكون عرضة للرشوة من المواطن، أو من المواطن الذي قد يكون عرضة للابتزاز من الموظف”.
واعتبر حكيم ان “هذه الخطوة هي واحدة من خطوات بدأت الوزارة إتخاذها منذ أن توقف مجلس الوزراء عن العمل بالشكل المطلوب والصحيح. وهي تهدف إلى تحسين أداء موظفي الوزارة عبر لقاءات أسبوعية مع الوزير في ظل التوعية على الحوكمة الرشيدة ومحاربة الفساد وتحسين الأداء في خدمة المواطن، الموظف وتالياً الاقتصاد ككل”. ولفت الى أن “الموظف المنسي من رؤسائه هو عرضة للرشوة دائماً، خصوصاً مع الأجور المُنخفضة نسبيا التي يتقاضاها بعض الافراد في عدد من المواقع الحساسة في الوزارة. من هنا، اؤكد انه يجب على الموظف أن يعرف أن أعلى الهرم، أي الوزير، مُستعد لسماع رأيه وشكواه واقتراحاته لتحسين ظروف العمل”.
وفي سياق متصل، لفت حكيم الى سعيه المستمر للوصول الى مكننة شاملة لمديرية حماية المستهلك لكي تصبح ممكننة بالشكل المطلوب والذي يسهل عملها ويسرع المعاملات والاجراءات، معتبراً أن المراقبين سيتمكنون من إدخال كل المعلومات إلى قاعدة بيانات المديرية، كما أن الـ GPS سيسمح للوزارة بالتأكد من أماكن وجود هؤلاء المراقبين. واشار الى وجود مشروع لمكننة مديرية الملكية الفكرية ووصل قاعدة بياناتها بقواعد البيانات العالمية بهدف حفظ حقوق المواطنين وتفادي أي لغط مستقبلي مع علامات مسجّلة عالمياً بعد تسجيلها في لبنان.
للموظف والمواطن واجبات تجاه الدولة، كذلك لهما حقوق تجاهها. من هذا المنطلق تندرج خطة تحسين الأداء في وزارة الاقتصاد والتجارة بحسب حكيم، مؤكداً السعي الى سدّ العجز المزمن في الإصلاحات الداخلية والتي من أهدافها محاربة الفساد. وحول آلية محاسبة كل من يظهر أن له علاقة بفساد معين داخل الوزارة، قال: “نحن كوزارة سنقوم بإحالة الملف على السلطات القضائية المعنية، النيابة العامة والتفتيش المركزي وغيرها. لكن الأهم هو إدخال ثقافة محاربة الفساد في الوزارة، وهذا الأمر كاف لردع الفاسدين إذا ما وجدوا. المطلوب إعادة الشفافية الإدارية الى الدوائر الرسمية عموماً، ما يعيد ايضا ثقة المواطن بهذه المؤسسات. لكن ما يُمكن تأكيده أن الفساد في لبنان يُكلّف الدولة والاقتصاد مبالغ طائلة، عبر حرمان خزينة الدولة من مستحقاتها أو عبر خسارة الفرص الاقتصادية”.
تتراجع غالبية المؤشرات الاقتصادية في لبنان بفعل الأزمة السياسية القائمة منذ أكثر من عام، وما يزيد الوضع سوءاً هو تفاقم آفة الفساد في الإدارات والمؤسسات العامة وكل مرافق الدولة. وقد دفع الفساد السائد في إدارات الدولة، بالبلاد الى مراتب متقدمة جداً بين دول العالم حيال أسوأ بيئة اقتصادية وأسوأ مؤسسات وبنى تحتية. وقد حلّ لبنان في المرتبة 101 بين 140 دولة في تصنيف تقرير التنافسية العالمية لسنة 2015 الذي أصدره “المنتدى الاقتصادي العالمي”.
احتل لبنان في العام 2014، المركز 136 في مؤشر الفساد بين 175 دولة في العالم. ووفق تقرير “منتدى الاقتصاد العالمي” عن التنافسية حيال الرشاوى والمدفوعات المشبوهة للمؤسسات والشركات، احتل المرتبة 142 بين 144 دولة في العام 2014 ايضاً. وتراجع الى المرتبة 142 بين 144 دولة في مستوى المحسوبيات في قرار الدولة وما تتضمن من عامل “الواسطة” والتدخلات السياسية. كذلك تشير التقديرات الى ان الفساد يكلف الخزينة اللبنانية نحو 1.6% من إجمالي الدخل القومي سنويا، أي ان الخسارة تتجاوز 800 مليون دولار اذا اعتبرنا ان الناتج هو 45 مليار دولار.