IMLebanon

قانون الانتخاب يغرق في “عتمة” التسوية

Parliament

 

كتب ايلي الفرزلي لصحيفة “السفير”:

منذ يوم أمس بدأ عدّاد اللجنة المكلفة درس قانون الانتخابات النيابية بالعمل. المهلة شهران والقاعدة عدم التسريب، «تأكيداً لجدية العمل». ويبقى العنوان: عدم العودة إلى «قانون الستين»، كما أعلن منسق اللجنة النائب جورج عدوان، قبيل الاجتماع، الذي عقد في مجلس النواب.

هذا في الشكل، لكن في المضمون ثمة من يعتقد أن دور اللجنة انتهى قبل أن يبدأ. فعندما شكلت اللجنة العشرية لم تكن الرئاسة في البال. لكن عند انعقادها تغير الكثير، على الأقل في الأجواء المحيطة. صار هناك اسم واضح للرئاسة يتكرر في السر والعلن، وصارت التحالفات خاضعة لرمال متحركة لا يمكن التنبؤ بكيفية استقرارها في النهاية. وهذا يجعل عمل اللجنة أشبه بالضرب بالرمل. من أين تبدأ وما هو المعيار؟ ومن يضمن أن يستمر هذا الفريق أو ذاك على رأيه من البداية حتى النهاية؟ وقبل كل ذلك، تبقى الحقيقة الأكثر سطوعاً أن كثراً ما يزالون يكنّون الحب لقانون الستين، وهم لن يزيحوا عنه، باتجاه أي قانون لا يضمن المحافظة على حصصهم في المجلس النيابي المقبل.

أعضاء في اللجنة لا يوافقون على الربط بين ما يجري على صعيد الرئاسة وبين مهمتهم، معتبرين أن الهدف ما يزال نفسه وهو الوصول إلى قانون انتخابي يوازن بين النظامين النسبي والأكثري. النائب سليمان فرنجية أكد، في بيانه أمس، أن الحريري طالب «بقانون انتخابي لا يضرب تمثيل طائفة من دون تحديد شكل القانون. وقد تم التوافق حول رفض أي قانون يضرب كيان أي طائفة». وإذ يؤكد هذا الموقف أن الحريري ما يزال ضنيناً بالاقتراح الذي وقعه مع النائب وليد جنبلاط وسمير جعجع، إلا أن ثمة من يعتقد أن الحريري الساعي إلى تسوية تعيده إلى رئاسة الحكومة، لن يكون معنياً بمنصب لا ثقل نيابيا خلفه. وهذا الثقل، أقله حتى الوقت الراهن، لا يؤمنه سوى قانون الستين، الذي يتردد بقوة أنه كان بنداً على جدول أعمال اجتماع باريس (تجزم مصادر تيار المستقبل أن هذا الأمر عار من الصحة وأن ما أشار إليه فرنجية في بيانه يعبّر بدقة عن رأي الحريري). ذلك أن أي قانون آخر، بالرغم من أنه يبقي الغلبة العددية لـ «14 آذار» مجتمعة، كما هو الحال مع القانون المختلط الذي طرحه «المستقبل» و «الاشتراكي» و «القوات»، لن يريح «المستقبل» و «الاشتراكي».

لا هذا ولا ذاك سيفرح عندما يجد أن المستفيد الأول سيكون حليفهم الثالث، الذي صار «فاتحا على حسابه» في أكثر من مناسبة، ولا سيما بعد تجربة خوضه معركة الجلسة التشريعية والتعهدات المرتبطة بها بالشراكة الكاملة مع «التيار الوطني الحر»، علماً أنه لم يعد واضحاً ما إذا كان هذا القانون ما يزال يحظى بتأييد الموقعين عليه، فقد سبق وأعلن جنبلاط على طاولة الحوار تخليه عنه، قبل أن يعود النائب مروان حمادة ويؤكد في اجتماع اللجنة أمس التزام الكتلة بما وقّعت عليه. وإذا كان كلام جنبلاط قد أربك حلفاءه بداية، فثمة من يعيد موقفه إلى سوء تفاهم بشأن الالتزام بما طالب به في «الاتفاق الثلاثي»، أي ضم دوائر الشوف وعاليه وبعبدا في محافظة واحدة.

في المحصلة، عاد التشاؤم ليسيطر على فرص الوصول إلى قانون انتخاب، على ما يعتبر مصدر نيابي، مشيراً إلى أن ما ينقل عن التسوية حالياً، يشكل، إذا ما صح، انقلاباً على اللجنة وعملها وضربة كبيرة لقانون الانتخاب، كما يشكل انقلاباً على التفاهم الذي أبرم عقب فتح أبواب المجلس النيابي.

وبرغم السرية المعتمدة، إلا أنه كان واضحاً أن الأجواء داخل اللجنة تنحو نحو الضبابية. أقصى الأحلام هو حصر الاقتراحات التي قاربت العشرين، بما يؤدي ربما إلى الاتفاق على اثنين. بعدها سيتم الانتقال إلى اللجان المشتركة، وربما إلى الهيئة العامة على أمل أن يكون الاتفاق السياسي على القانون الموعود قد نضج.

ذلك أقرب إلى الكلام في الهواء في هذا الوقت، على ما أظهرته الأجواء التحضيرية التي بدأتها اللجنة، أمس، بحضور كامل أعضائها، أي النواب: جورج عدوان، ميشال موسى، الان عون، أحمد فتفت، مروان حمادة، سيرج طورسركيسيان، سامر سعادة، علي فياض، اميل رحمه وروبير فاضل. إذ إن الطريق ستكون طويلة وشاقة، بحيث سيصعب البدء بما انتهت إليه لجنة التواصل الانتخابي، أي بحصر النقاش بين اقتراحي «المستقبل» و «الاشتراكي» و «القوات» من جهة و «كتلة التنمية» من جهة أخرى (المناصفة بين النظامين المختلط والأكثري)، إذ إن «الكتائب» لديه اقتراح ثالث (الداوئر الصغرى) وكذلك لم يعرف توجه «التيار الوطني الحر»، الذي يضع القانون الانتخابي على سلّم أوليات حواره مع «القوات».

وهذا يعني عملياً أن كل القوانين ستوضع على الطاولة، بشكل أو بآخر، بحيث يتقدم كل عضو في اللجنة بلائحة أولوياته من القوانين المطروحة، على أن تضيق اللائحة، بحسب مدى الاتفاق بشأنها.. إلى أن تنحصر بقانونين أو ثلاثة. لكن السؤال الأساسي يبقى: هل ثمة من هو مستعد لتقديم التنازلات قبل نضوج التسوية السياسية؟