رائد الخطيب
يرزح الاقتصاد الحقيقي تحت مزيد من الضغوط على مدى الأشهر الماضية، مع تفاقم حدة الاضطرابات السياسية والامنية في المنطقة، وما رافقتها من تداعيات سلبية على الاقتصاد اللبناني.
وتأثر القطاع العقاري بشكل واضح خلال هذه المدة، خصوصاً وأنَّ العملية السياسية في البلاد، لا تزال تنتظر زخماً ايجابياً.
فقد انخفضت قيمة المعاملات العقارية في تشرين الأول 2015 إلى692.25 مليون دولار، من 712.19 مليون دولار في أيلول.
كذلك إنخفضت القيمة التراكمية لمعاملات المبيع العقارية بنسبة 12.76 في المئة سنويا إلى 6.46 مليارات دولار خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2015، مقارنة مع 7.41 مليارات دولار في الفترة نفسها من العام السابق. بالإضافة الى ذلك فقد أحجم المستثمرون من دول الخليج العربية عن الاستثمار في لبنان.
وتؤشر هذه الارقام الى ان القطاع العقاري مستمر في التباطؤ، كما قال المدير العام لشركة رامكو العقارية رجا مكارم، و«لكن الايجابي في الموضوع انها لم تتوقف نهائياً. إلا ان عمليات البيع التي تمت، أدت الى انخفاض الأسعار نحو 25 في المئة، ولم تقتصر عمليات البيع على الشقق الصغيرة فحسب بل على الشقق الكبيرة والفخمة«.
وتبين الدراسة التي وضعتها «رامكو» أن معدل سعر الشقة في الطوابق الأولى قيد الإنشاء في بيروت هو 3720 دولاراً للمتر المربع. ويبلغ متوسط قيمة الشقة 885360 دولاراً بمتوسط حجم 238 متراً مربعاً، علماً ان هذا السعر لا يأخذ في الاعتبار هوامش الخفض المعتمدة في الوقت الراهن في السوق«.
«ونظراً لتخفيضات المطورين، وتقليل مساحة الشقق السكنية الجديدة، انخفضت قيمة الشقق قليلا بالمقارنة مع عام 2014»، بحسب الدراسة.
وتبين الدراسة ايضا أن متوسط سعر شقة (في الطابق الأول) انخفض بنسبة 4 في المئة بين عامي 2014 و 2015.
ويصنف وسط بيروت التجاري بانه منطقة متميزة عن المناطق المجاورة، فيه أعلى مستويات أسعار السوق. ويعرض المتر المربع بمتوسط سعر بـ 6679 دولارا اميركيا في الطابق الأول. في حين ان متوسط حجم الشقق قيد الانشاء 331 مترا مربعا، يبلغ سعرها الوسطي بمليونين و210،749 دولارات اميركية.
أما خارج وسط بيروت التجاري، فان الفوارق الكبيرة في الأسعار، وفي الأحياء الراقية، مثل عين التينة أو سرسق، تظهر تباين الأسعار الرائجة بين4900 دولار و5250 دولاراً لكل متر مربع في الطابق الأول.
اما الأحياء المتوسطة في الأشرفية (مثل البداوي أو حي السريان) فتبدأ في نحو2600 دولار للمتر المربع.
وتراوح الأسعار في معدلاتها من عين المريسة حتى الرملة البيضاء مروراً بالمنارة والروشة بين 4583 دولارا
و6925 دولارا للمتر المربع الواحد في الطوابق الأولى. علماً ان هذه الأرقام ليست أسعار الشقق المطلة على البحر، بل تضم أسعار الشقق الواقعة في المنطقة ذاتها ولو لا تتمتع بالضرورة بمناظر مطلة على البحر.
منطقة الوسط التجاري
ووفق الدراسة، تم تقسيم منطقة وسط بيروت الى خمسة تجمعات جغرافية حيث تراوح معدلات أسعار الطوابق الأولى بين 6000 دولار و7000 دولار للمتر. وتعكس الأرقام بعض الانخفاض على فترة الأشهر الاثني عشر الماضية، لا سيما وأن لا مشاريع جديدة قيد الإنشاء في منطقة خليج السان جورج المطلة على البحر. وهذا يعكس انخفاضاً نسبة للعام الماضي. أما في المشاريع قيد الإنشاء، فتتصدر الأسعار المشاريع المقامة في منطقة فوش اللنبي المطلة على مرفأ بيروت.
وبحسب الدراسة ايضا، لا توجد شقق في بيروت أقل من 2000 دولار للمتر. والمناطق الأرخص هي المناطق الوسطيّة كالباشورة والطريق الجديدة حيث تراوح أسعار الطوابق الأولى بين 2088 دولاراً و2400 دولار.
ولفت مكارم الى أنه لم تحدث فعلياً انهيارات في السوق، علماً أنَّ كل الأسباب موجودة. إلا أن قطاع العقار استطاع النأي بنفسه عن التأثر الكبير بالتدهور الاقتصادي حيث كان يفترض أن تتدهور الأسعار. فالأسعار، بحسب مكارم، في العاصمة لا تزال سليمة رغم كل شيء، وتشبه الحياة العادية في أرقى عواصم العالم مثل واشنطن ولندن.
واشار مكارم، الى أن الصعوبة التي تواجه فعلياً المطورين تتعلق بمسألة ايجاد أرضٍ للبناء، فالأراضي لا تزال متمسكة باسعارها المرتفعة، علما انها ارتفعت بالمقارنة عن العام الماضي بما لا يقل عن 5 في المئة.
اضاف أنه رغم عدم وجود مشاريع جديدة، إلا أنه لا تزال هناك مشاريع قيد التطوير على مساحة لا تقل عن مليوني متر مربع. وهذا يدل على أن المطورين اللبنانيين، ورغم عدم مجيء المستثمرين الخليجيين، مستمرون رغم كل الظروف.
وتبين إحصاءات المديرية العامة للشؤون العقارية تحسناً في أداء القطاع العقاري خلال تشرين الأول، بحيث إرتفع عدد المعاملات العقارية إلى 5803 معاملات، من 5510 معاملات في أيلول.
أما على صعيد تراكمي، فقد تراجع عدد المعاملات العقارية 11.92 في المئة سنويا إلى 51096 معاملة خلال فترة العشرة أشهر الأولى من العام الجاري، مقارنة مع 58009 معاملات في الفترة نفسها من العام المنصرم.
يبقى ان الهيئات الاقتصادية، كانت قد أطلقت تحذيرات من استمرار المراوحة في الوضع السياسي، خصوصاً وأن كل المؤشرات الاقتصادية تميل الى وضعٍ سلبي. والجميع بات ينتظر مخرجاً للأزمة يحول دون غرق البلاد في أتون النزف الاقتصادي المستمر.