IMLebanon

سؤال لأصحاب المبادرات المتهوّرة (بقلم هيثم الطبش)

baabda-residence

 

كتب هيثم الطبش

بين الـ70% والأكثر من ذلك أو الأقل من الطريق، التي يُقال ان النائب سليمان فرنجية قد يسلكها في مشواره إلى كرسي الرئاسة الأولى، حملت الساعات الماضية مؤشرات تقلل من هذه الفرص وتضعها في خانة التمنيّات غير المدعومة بالقوة الكافية لتحويلها إلى حقيقة.

وإن صحّت المعطيات المستجدة فإن ذلك يعني أن الرئيس سعد الحريري أخفق مجدداً في صناعة خرق محلي متوازن، وأبلغ دليل على ذلك تصريح السفير السعودي علي عواض عسيري، عن أن المملكة تدعم خيار اللبنانيين في ملف الرئاسة لكن الشرط الأول هو التوافق المسيحي على المرشّح.

المملكة تدرك أن التوافق المسيحي صعب المنال في الظروف الحالية، ولو كان ليحصل لأثمر رئيساً منذ زمن، إلا أن اصطفاف التيارالعوني خلف حزب الله وفرنجية تحديداً وراء النظام السوري، وإيران من خلفهما، يجعل أي مسعى لإدراك هذا التوافق غاية لا تُدرك.

وقد حاولت بكركي من قبل جمع الأقطاب المسيحيين سعياً إلى دخان أبيض يخرج من مدخنتها وإلى إسم يخرج من صرحها، لكن عباءة البطريرك التي تتسع لكل المسيحيين بقيت في حدودها الرمزية من دون ترجمة عملية، وبالتالي فإن الانقلاب على حليفين من قياس القوات اللبنانية وحزب الكتائب ومعهما مجموعة من المسيحيين السياديي، لن يحقق هذا المنال.

ولذلك كان على الرئيس سعد الحريري أن يعي أن أي محاولة لكسر رتابة الوضع السياسي الداخلي كان الأجدى أن تبدأ من التواصل مع سيّد بكركي ووضعه في أجواء أي خطوة في اتجاه ملء الفراغ في بعبدا. ولئن كان الحريري حريصاً على المصلحة الوطنية، وذلك لا شك فيه، فإنه يجب أن يترجم على مساحة مسيحية جامعة عمادها مرجعيتها ألأساس، وهو ما جاء كلام السفير عسيري ليضعه في نصابه المنطقي… التوافق المسيحي أولاً.

وإذا كانت قيادة المملكة تتابع التطورات الجارية على الساحة اللبنانية من دون ان تتدخل في الشؤون الداخلية، والكلام لعسيري دائماً، فإن لذلك معنى واحداً وهي أن السعوديين لم يباركوا في أي مرحلة خطوة الحريري في اتجاه فرنجية، ولم يكونوا خلفها أصلاً، خصوصاً أن المملكة اكتفت في أن تأمل في تمكّن القوى السياسية من انتخاب رئيس للجمهورية في اقرب فرصة لوضع حد للشلل، من دون أن تخوض لا في مواصفات الرئيس ولا في طرح اسماء.

والموقف الدبلوماسي السعودي جاء ليرسم ايضاً ما يمكن أن يشبه إطاراً للتسوية الشاملة التي يُحكى عنها، فالمملكة تأمل ان يستعيد لبنان عافيته على الصعد كافة بما يتضمن تثبت الاستقرار وإنعاش الاقتصاد وتنظيم الحياة السياسية، فأين كل تلك الملفات من الحديث الدائر على الساحة السياسية راهناً؟ لا أحد يتحدث عن الاقتصاد ولا عن الاستقرار، فما نقل عن الاجتماع الباريسي واتصال الحريري بفرنجية، الذي أعقبه لم يرشح عنهما أي إشارات في هذه الاتجاهات، ما يؤكد مجدداً أن السعودية لم تكن في أجواء تلك الخطوة.

حتى الآن تبدو السعودية في وضع جيد في اليمن وهي مفاوض قوي جداً في الملف السوري وهي موقع القرار العربي الأول في الملفات كافة، فما الذي سيدفعها إلى تقديم لبنان على طبق من ذهب للمحور السوري الإيراني برئيس يأتي من صفوفه؟ وما الذي قد يدفع البعض إلى مجرد التفكير في “مغامرات غير محسوبة”؟ السؤال برسم اصحاب المبادرات المتهوّرة.