كتب ايلي الحاج في صحيفة “النهار”: تقلب اللبنانيون بين احتمال وآخر على أعصابهم في الأيام الماضية وهم يتابعون عملية تسلل سياسية واسعة وقوية، يحدو الأمل لاعبيها في تسجيل هدف خاطف بانتخاب رئيس للجمهورية يحمل اسم سليمان فرنجيه، بعد طول جمود منهك وفراغ في السياسة والرئاسة.
لم تنته المحاولة. الأكيد أن الشوط في دقائقه الأخيرة وفرنجيهلم يربح الرئاسة حتى اليوم لكن أمامه الوقت. ففي تشرين الأول الماضي دخل سن الخمسين. الجنرال ميشال عون على النقيض خسارة القصر الرئاسي هذه المرة تعادل عنده معركة “واترلو”. صحيح أن من راهنوا على تراجع الجنرال بسهولة عن الترشح لمصلحة حليفه النائب الزغرتاوي ارتكبوا خطأ لكن اللعبة لا تزال مفتوحة .
الرابية في 2015 ليست الدوحة في 2008 عندما أقنع “حزب الله” عون بتأييد رئاسة قائد الجيش آنذاك ميشال سليمان. وقتها كان معه وقت الجنرال عون. أدرك الحزب موقف حليفه المسيحي الأكبر على الأرجح من دون حاجة إلى مفاتحته في الموضوع. كانت عملية جس نبض كافية عبر اجتماع مع رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل ليتأكد أن اقتناعه في محله، فلم يضيّع الحزب وقتاً سيحتاجه للتوضيح لحليفه الآخر فرنجيهأنه يتمنى ويأمل ضمناً في وصوله إلى الرئاسة، لكن انتخابه يمرّ عبر الجنرال عون “الممر الإلزامي” كما وصفه مرة السيد حسن نصرالله، قبل أن يعرض “تسوية سياسية شاملة” حملت رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب وليد جنبلاط وبعده الرئيس سعد الحريري على الاندفاع في عملية التسلل التي “تفرملت” – موقتاً – لعوامل داخلية أكثر منها خارجية.
حتى اليوم على الأقل لم تنجح المحاولة، لأن الحزب لم يلاقِ فريق الهجوم بحركة كافية ومعلنة. يمكن القول إنه مستعجل وغير مستعجل انتخاب رئيس فيما الصراع الاقليمي والدولي على أشده في المنطقة حول لبنان، ولا هو متحمس للضغط والخوض في مفاوضات يعلم بأنها ستكون مرهقة مع الجنرال عون الذي سأل، وعن حق: لماذا فرنجيه وليس أنا؟
وقد يكون مبكراً تحديد الرابحين والخاسرين: النائب فرنجيه لن يخسر حتى لو لم يصل إلى قصر بعبدا، فقد كان نائب زغرتا سياسياً شمالياً وصار مرشحاً رئاسياً. ومن يدري؟ فقد تدور وتدور وتعود الرئاسة إليه في الأيام والأسابيع المقبلة. النائب الجنرال عون أثبت أن تجاوزه مستحيل وحتى لو اجتمع 127 نائباً في البرلمان لن يستطيعوا انتخاب رئيس جمهورية غيره من دون موافقته. مسيحيو قوى 14 آذار – إذا كانت هذه التسمية لا تزال صالحة للاستعمال- هم أيضاً لم يخسروا بل على النقيض أثبتوا حضوراً على الملعب السياسي وأكدوا أن تجاوزهم ليس نزهة لمن يرغب. والرئيس الحريري لم يخسر خلافاً للانطباعات الأولية، فقد أثبت أنه أكثر من يسعى ويحمل همّ الفراغ والأخطار الكبيرة التي تهدد لبنان من خلفه.