كتبت رندة تقي الدين في صحيفة “الحياة”:
ينتظر أن يستفسر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند من زعيم تيار “المستقبل” رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري حين يستقبله صباح اليوم في باريس عن التطورات في الملف الرئاسي اللبناني في ضوء المعلومات عن احتمال التوصل الى تسوية على انتخاب النائب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية.
وإذ ترحب الأوساط الفرنسية المسؤولة “بأي اتفاق لبناني لانتخاب رئيس”، فإنها تؤكد أنها لا يمكن ان تكون كررت على مدى ١٨ شهراً ان فرنسا لا تضع أي فيتو على أي مرشح للرئاسة في لبنان وان ليس لها مرشح رئاسي، لتقول في اللحظة الاخيرة أن هذا مرشح غير مناسب، هذا فضلاً عن ان ليس لديها شيء ضد سليمان فرنجية.
وفي تقدير باريس ان انتخاب رئيس “بسرعة في لبنان ضروري، لأن تزايد خطورة ما يحدث في المنطقة عامل ضاغط كبير جداً، والناس في لبنان اعتادوا على الفراغ وعلى القول ان مشكلة انتخاب الرئيس لن تحل إلا بعد انتهاء الصراع السوري، وهذا كارثي للبنان، لأنه يجعل منه ضحية أكثر من جانبية للصراع في سورية. وبما ان الصراع السوري لن يحل بعصا سحرية فإن ذلك سيعني أن الوضع في لبنان سيستمر في التدهور على كل الصعد من مشكلة اللاجئين إلى الوضعين الامني والاقتصادي، مع غياب القرار”.
وتضيف الأوساط المسؤولة:” إذا كان انتخاب الرئيس في لبنان لا يبعد البلد كلياً عما يحدث في سورية، لكنه يتيح في المقابل أخذ القرارات العملية على رغم الأزمة السورية. وإذا تمت هذه التسوية بين الحريري وفرنجية ستظهر كتسوية من صنع لبناني وليس من الخارج وان بإمكان اللبنانيين أن يتوصلوا الى اتفاق. وتواجد الحريري على رأس الحكومة مع فرنجية رئيساً يعيد التوازن إذا اعتبر بعضهم أن مجيء فرنجية هو انتصار لبشار الأسد”.
وأوضحت المصادر الفرنسية المسؤولة أن “التسوية المطروحة جدية، خصوصاً إذا وافق عليها “حزب الله” بحيث يكون لفرنجية الاصوات المطلوبة لانتخابه”، لكن باريس تلفت نظر جميع الفرقاء في لبنان إلى أنه “إذا وافقت قوى 14 آذار على تجيير أصواتها لمرشح من 8 آذار، ينبغي ألا يكون ذلك انتصاراً لطرف على آخر، بل يجب ان يكون ذلك في اطار اتفاق صلب على بعض النقاط الاساسية، خصوصا مسألة سياسة النأي بالنفس عن سورية، وهذا هو الأساس”.
وأضافت الأوساط نفسها ان هذه التسوية “هي مسألة ثقة، فـ “حزب الله” لن يتغير، ما يعني ان الانقسام الموجود على الساحة اللبنانية سيبقى، وكذلك تضارب المصالح”. ودعت باريس فرنجية والحريري إلى “ضرورة التنبه الى عدم ترك زعيم التيار الوطني الحر العماد ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع خارج الاتفاق حتى لا تصبح التسوية إسلامية، ضد معارضة مسيحية”، مشيرة إلى صعوبة إيجاد قانون انتخابي مناسب للجميع. ورأت الأوساط الفرنسية أن “انتخاب فرنجية ممكن شرط ان يتمكن الحريري من التأكد من إمكان ممارسة الحكم في ظروف سياسية مضمونة ومقبولة”. وسألت:” كيف يكون ذلك اذا كان القانون الانتخابي غير مناسب له”؟ ومسألة الثقة مهمة جداً في نظر باريس، “فهل سيتمكن فرنجية فعلاً، من أن يكون رئيساً للبنان وأن يبقي بلده على مسافة من النظام السوري؟”.
وترى الاوساط في الوقت نفسه أنه “إذا وصل فرنجية الى سدة الرئاسة، قد يهدف الى أن يصبح رئيس بلده قبل كل شيء، خصوصاً ان الأسد الآن عبء وهو لا يمثل خياراً استراتيجياً لأنه يحرج الجميع بمن فيهم الروس والايرانيون”، ولذا لا تعتقد باريس أن لفرنجية مصلحة في أن يكون رجل بشار في لبنان، “ويعرف فرنجية أنه ليس من مصلحة لبنان أن يغير سياسته ليكون مع بشار الاسد لأنه يفقد دعم وصداقات الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد الاوروبي ودول الخليج. ولبنان بحاجة الى ان يكون بلداً متوازناً في علاقاته. والمسألة ليست في شخص فرنجية، ولكن يجب الإعتماد على الصيغة التي سيرسو عليها توازن القوى في لبنان”.
وأكدت الأوساط أن باريس وواشنطن “تشاورتا حول الموضوع وأن العاصمتين ترحبان بضرورة انتخاب رئيس في لبنان في أسرع وقت وبأي تسوية يتفق عليها اللبنانيون وبالطبع بتسوية قائمة على انتخاب فرنجية رئيساً مع الحريري رئيساً للحكومة على ألا يترك الاطراف المسيحيون خارج الاتفاق”.
وتجدر الاشارة الى ان مسؤولين خليجيين اعتبروا في أحاديث مع “الحياة” أن فرنجية “شخصية محترمة” تقدر وضعه على رغم انه حليف لبشار. إلا أن هؤلاء المسؤولين الخليجيين نقلوا عن جعجع تخوفه من ان حليفه الحريري يندفع نحو قبول أي صفقة يقدمها له “حزب الله”، وهم يرون أنه إذا حصل اتفاق على رئيس فهذا امر جيد و الدول سترحب بانتخاب الرئيس في لبنان. وتابع المسؤولون الخليجيون، ان بمجرد انتخاب رئيس في لبنان وهدوء الأمور فيه، وحتى لو بقي الضغط السوري على المنطقة، فإن الخليجيين سيعودون إلى زيارة لبنان بمئات الآلاف إذ يتطلع عدد من مواطنيهم الى رفع حظر حكوماتهم عن التوجه الى لبنان في حال هدأت أوضاعه.