IMLebanon

صناديق الاستثمار العقاري تخفّف من التعرّض للقطاع المصرفي

real-estate

موريس متى

أعلن حاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة في الكلمة التي ألقاها في “المنتدى العربي للاقتصاد الأخضر” سلسلة خطوات من المتوقع ان ينفذها المصرف المركزي في الفترة المقبلة تحفيزاً للاقتصاد ودعماً للقطاعات.
من أبرز ما تضمنته كلمة سلامة، إنجاز المركزي خطة تحفيزية جديدة بقيمة مليار ونصف مليار دولار لسنة 2016 بهدف دعم عدد من القطاعات الإقتصادية الرئيسية. لكن اللافت، أنه أشار الى أن المصرف المركزي يعمل على إنشاء صناديق عقارية في المصارف، في خطوة من المفترض ان تساهم في تقديم دعم كبير للقطاع العقاري.

ماهي الصناديق العقارية؟
صناديق الاستثمار هي محافظ تجتمع فيها المدخرات الصغيرة لتكوّن حجماً من الأموال يمكن أن يستفيد من ميّزات التنويع والذي يؤدي إلى تقليل مخاطر الاستثمار. والصناديق العقارية الإستثمارية، هي الصناديق التي تتمحور حول العقارات وكيفية ضبط المشاريع الضخمة وتوفير الإدارة الجيدة والسيولة الكافية في القطاع العقاري. وهذه الصناديق هي عبارة عن برنامج استثمار عقاري مشترك يهدف إلى إتاحة الفرصة امام المستثمرين فيه للمشاركة جماعياً في أرباحه. وتعد هذه الصناديق من أدوات الاستثمار ذات المخاطر المتوسطة إلى المنخفضة، ويعود ذلك إلى طبيعة نشاطها العقاري، علىرغم محدودية المخاطر في النشاط العقاري عموماً، علماً أن العائدات الاستثمارية من هذا النشاط تعد عائدات مجزية وتفوق مقدار المخاطر في ذلك الاستثمار. وقد جمعت صناديق الاستثمار العقاري عددا من النقاط الإيجابية في الاستثمار العقاري والتي من أهمها العائدات الجيدة مع المخاطر المتوسطة، والثقة في إدارتها، علماً انها تتميّز بالشفافية المطلوبة والتي فرضتها أنظمة صناديق الاستثمار العقاري ولوائحها.
الصناديق في لبنان
تواجه المصارف اللبنانية تحدّيات تتمثّل بتباطئ اقتصادي ضرب قبل اعوام المصادر الرئيسية التي كانت تدير السيولة في الاقتصاد الكلي. ومن هذه المصادر قطاع الخدمات وعلى رأسه السياحة؛ بالاضافة الى تآكل المالية العامة والتي تدفع الدولة إلى زيادة الطلب على التمويل؛ عدم الثبات السياسي والأمني الذي يؤدي إلى تراجع التصنيف الائتماني للمصارف؛ السيولة الهائلة التي تحتويها المصارف والتي تفرض دفع فوائد عليها؛ والقوانين الدولية التي تحدّ من القدرة التجارية للمصارف خصوصاً على الصعيد الخارجي. من هذا المُنطلق تتعرض المصارف اللبنانية إلى القطاعين الخاص والعام بشكل كبير. وقد حاول مصرف لبنان تقليص زيادة حجم القروض إلى القطاع الخاص عبر التعميم رقم 369، إضافة الى زيادة أسعار الفائدة على القروض التسليفية في شباط 2015، لكن على رغم ذلك استمرت قروض القطاع الخاص بالارتفاع وان بوتيرة أقلّ. والملاحظ في تركيبة هذه القروض أن نحو 29% منها هي قروض شخصية، 17% للمقاولين والمطورين العقاريين، 15% للقطاع التجاري، 10% للقطاع الصناعي، 7% للقطاع العقاري، 6% للوساطة المالية. وبذلك يمكن التأكد أن المصارف تتعرض بنسبة تفوق 25% للقطاع العقاري، ما يُشكل تحدياً كبيراً للمصارف اللبنانية خصوصاً مع تراجع العمليات العقارية والتي تضع المقاولين والمطورين العقاريين في وضع مالي صعب أدى الى تجميد أصولهم المالية، بالاضافة الى تعثر عدد من أصحاب المشاريع والشقق في عمليات التسديد. وتعثّر المقترضين عن الدفع، قد يدفع بالمصارف إلى وضع يدها على العقارات موضوع القروض. وتاليا، فإن سيناريو الـ Subprimes قد يتكرر على الطريقة اللبنانية، وستكون له تداعيات سلبية على القطاع المصرفي اللبناني. من هنا تأتي خطوة مصرف لبنان الرامية الى تأسيس الصناديق العقارية الإستثمارية التي تهدف الى توزيع المخاطر (Risk Mitigation) عبر فتح هذه الصناديق على الأسواق المالية وأمام المواطنين. لكن السؤال الذي يُطرح هو حول التصنيف الائتماني لهذه الصناديق الذي سيرتكز حكماً على تصنيف لبنان الائتماني، النشاط الاقتصادي، القوانين التي تمّ التصويت عليها حديثاً، والتي لن تساعد في تحسين التصنيف الائتماني للصناديق العقارية. وايضا يوجد تحد آخر سيواجه هذه الصناديق، يكمن في عملية تمويلها. فتصنيف لبنان الائتماني قد لا يُساعده في جذب الاستثمارات الخارجية ليتم إستثمارها في هذه الصنديق، وقد يشكل تمويلها تضارباً مع الودائع في المصارف اللبنانية، ما يعني أن زيادة رأس مال هذه الصناديق سيؤدي حتماً الى تراجع في الودائع. ويبقى الأمر بالنسبة إلى حاكم مصرف لبنان واضح من ناحية أنه يُفضل دفع ثمن تحميل المخاطر للأسواق عبر Premium، والتي تبلغ قيمتها قيمة النقص في الودائع. ولا يُخفى على أحد أن مصرف لبنان يقوم بجهود هائلة للمحافظة على النظام المالي والنقدي، في ظل تردّي الأوضاع الاقتصادية وغياب الاستقرار السياسي والأمني. أمام هذا الواقع، ينبغي على مصرف لبنان القيام بإجراءات من خارج نطاق صلاحياته على أساس أن مهماته تشمل السياسة النقدية، أما السياسة المالية فهي من مهمات الحكومة التي هي في حالة شلل مستمر يُهدّد كل مفاصل الدولة.