Site icon IMLebanon

سوق العقارات.. الركود لا يعني الانهيار

BeirutLebanonConstruction
خضر يحي
بدأت أجراس سوق العقارات في لبنان تُقرع معلنة تراجعها مقارنة بالسنوات القليلة الماضية. فالأرقام تشير إلى ركود الطلب على العقارات وانخفاض حجم المشاريع العقارية… وكلها مؤشرات تؤكد أن القطاع الذي يشكل ما نسبته 14 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي، يشهد تراجعاً خصوصاً في ما يخص حركة المبيع.

منذ الأزمة الاقتصادية العالمية في العام 2008، لفت قطاع العقارات اللبناني النظر اليه بوصفه أحد أقل المتضررين من الأزمة، وخصوصاً انه سجل ارتفاعاً ملحوظاً في الطلب نتيجة لـ “الهدوء” السياسي والاقتصادي الذي رافق تلك الفترة في لبنان. لكن العام 2015 حمل أكبر نسبة “ركود” عرفه القطاع منذ أكثر من عشر سنوات. فحالة “عدم الاستقرار” التي يعيشها لبنان بالإضافة الى الأزمات المتتالية التي تعصف بالبلد، جعلت قطاع العقارات في أزمة. ولكن الحال لم تصل إلى مرحلة الخطر، وفق ما يؤكده الخبير العقاري رجا مكارم، اذ يقول في حديث لـ “المدن” ان “قطاع العقارات في لبنان يشهد انخفاضاً ملحوظاً على مدار السنوات الخمس الماضية، ولكن هذه الانخفاضات لم تتعدَّ نسبتها 1 أو 2 في المئة من مجمل المشاريع المنجزة”. وطمأن مكارم الى واقع القطاع حاضراً ومستقبلاً، رابطاً تحسنه بتحسن الأوضاع السياسية، بدءا بانتخاب رئيس الجمهورية. ورفض الحديث عن “انهيار” كامل للقطاع، اذ” تشهد بيروت، على سبيل المثال لا الحصر، مشاريع عقارية قيد الانشاء تزيد مساحتها عن مليوني متر مربع”. واللافت في الأرقام التي قدمها مكارم تشديده على أن قرابة 60 الى 70 في المئة من هذه المساحات بيعت قبل انطلاق المشاريع، ما يؤكد مناعة القطاع من الانهيار حتى في هذه الظروف.

هذا “التفاؤل” الذي أبداه مكارم لا يخفي المعاناة التي يشهدها القطاع على صعيد حركة البيع والدورة الاقتصادية، وخصوصاً اذا ما قورن بأعلى مستوى نمو سجله في العام 2010، اذ تشير الاحصاءات الى ان حالة الركود التي أصابت سوق العقارات في العام 2015 هي الأعلى خلال السنوات الماضية. وفي هذا الاطار أشار تقرير بنك “عودة” الى انخفاض معاملات البيع العقارية 14 في المئة خلال الاشهر السبعة الأولى من العام الجاري، مع تراجع مساحات رخص البناء الممنوحة بنسبة 17 في المئة خلال الفترة نفسها. اما المؤشر العقاري التابع لبنك “بيبلوس” فبيّن تراجعاً حاداً في الطلب على العقارات، وسجل تراجعاً وصل الى 62.8 في المئة عن أعلى نسبة له في نيسان 2010.

وعلى رغم هذه الأرقام السلبية عموماً، الا أن الأسعار لم تشهد تغيراً يذكر، واقتصرت نسبة الانخفاض على 10 في المئة كحد أقصى. ويعزو مكارم الانخفاض الطفيف في الاسعار الى “قدرة المطورين العقاريين على المناورة”، بالاضافة الى الطلب المرتفع على شراء الأراضي.

ويعمد المطور عادة الى بيع الشقق والمساحات العقارية “على الخريطة” أي قبل انشاء المشروع، لتحصيل كلفة الأرض وبعض أكلاف الانشاءات، ليصبح كل ما يباع بعدها ربحاً صافياً. هذه الآلية مكنت المطورين من الابقاء على الأسعار على المستوى نفسه الذي كان قبل الأزمة. ويشير مكارم في هذا السياق إلى أن الاقبال على شراء الأراضي مرتفع بصورة أعلى من العرض، ما يزيد الأسعار، بالتالي ينعكس ارتفاعاً على أسعار الشقق السكنية.

في المقابل، يعتبر المدير التنفيذي لشركة “انشاء” للمقاولات أحمد ضاهر، أن “الطلب على العقارات انخفض بشكل ملحوظ خلال السنوات الماضية، اذ ساهم تراجع الاستثمار الخليجي في لبنان بشكل أساسي في هذا الانخفاض، وخصوصاً أن الطلب اللبناني لا يستطيع تعويض هذا النقص”.
ويؤكد ضاهر في حديث لـ”المدن” أن الأسعار” انخفضت بنسب متفاوتة وفق المناطق، اذ شهدت المناطق الجبلية والبعيدة عن العاصمة ضموراً في الشراء وانخفاضاً في الأسعار زاد عن 18 في المئة، في مقابل اقبال أقل من طبيعي، في بيروت نظراً لكونها العاصمة”. كما لفت ضاهر الى أن اسعار العقارات عموماً تعتمد على قدرة مناورة المطور، اذ ترتبط بقدرته المالية على الانتظار ريثما تستقر الأوضاع السياسية والاقتصادية، فصغار المطورين لا يستطيعون الصمود أمام أوضاع كهذه، ما يدفعهم الى خفض الأسعار أكثر من غيرهم.

برغم الأرقام السلبية لا يزال القطاع بعيداً عن الانهيار، اذ لم يتعرض المطورون لأي خسائر تذكر في ظل هذا الركود، بالاضافة الى حصولهم على دعم وتسهيلات من المصارف اللبنانية والمصرف المركزي ما يحول دون هذا الانهيار.