Site icon IMLebanon

هل تسببت الصين في تراجع الاقتصاد الأفريقي؟

chinapresidentzimbabwe
تتهادى وتيرة الاقتصاد الصيني، لكن هل من خسائر اقتصادية أخرى؟
الإجابة القصيرة هي “نعم”. تأثرت أفريقيا بشكل سلبي، وإن كان التأثير لا يهدم كل التحسن الذي حدث في العقدين الماضيين.
وبحسب مؤشرات صندوق النقد الدولي، فقد تباطأ النمو الاقتصادي في الدول الافريقية جنوب الصحراء بحوالي 3.8 في المئة، وهو الأبطأ منذ عام 1999، مما يعني أنها كانت أبطأ منها أثناء الأزمة الاقتصادية العالمية.
كما أظهرت المؤشرات، التي نُشرت في أكتوبر/ تشرين الأول، إنخفاضا عن مثيلاتها التي نُشرت قبل ثلاثة أشهر، يقدر بحوالي 4.4 في المئة.
إلا أن معدلات النمو، رغم تراجعها، ما زالت تفوق الزيادة السكانية. لذا، فالنشاط الاقتصادي للفرد الواحد، وهو مؤشر تقريبي لمتوسط مستوى المعيشة، ما زال في تصاعد.
ومن المتوقع أن يزيد إجمالي الناتج المحلي للفرد هذا العام، في 35 من 45 دولة أفريقية، فيما يتوقع صندوق النقد الدولي أن تبلغ نسبة النمو في أفريقيا 4.3 في المئة خلال العام القادم.
وقد تضاعف حجم الاقتصاد الأفريقي بعد 11 عاما من بداية القرن الواحد والعشرين.
وفي عام 1993، كان إجمالي الناتج المحلي للفرد هو نفسه في عام 1970. لكنه زاد في عام 2010 بحوالي 50 في المئة.
وكانت الصين عاملا هاما، وإن لم تكن الوحيد. وقد حدث تقدم حقيقي في الاستقرار السياسي والسياسات الاقتصادية في أفريقيا، رغم أن بعض المحللين يرون أن هذا التقدم قد تجمد منذ الأزمة الاقتصادية.

وظهرت الصين كأحد أكبر مصادر تمويل الاستثمار في استخراج المواد الاولية، مما ساعد على زيادة سعر الصادرات الأفريقية عالميا.
ويقدر الخبراء بمؤسسة ماكنزي أن ربع عائد النمو الاقتصادي في أفريقيا بين عامي 2002 و2007 يأتي من النفط، والمعادن، وغيرها من الموارد الطبيعية. كما أتت مساهمات غير مباشرة في شكل زيادة الإنفاق الحكومي، نتيجة عوائد الضرائب على صناعات الموارد.
وبحسب البنك الدولي، فإن العقد الأول من القرن 21 شهد زيادة في أسعار المعادن وموارد الطاقة بحوالي 160 في المئة. وبالنسبة للمعادن النفيسة، تعدت الزيادة 300 في المئة، في حين شهدت المنتجات الزراعية زيادة تفوق مئة في المئة. وكان الطلب الصيني على المواد الاولية عاملا أساسا في زيادة الأسعار.
وأصبحت المشروعات الجديدة ذات التكلفة المرتفعة، أو في المناطق النائية، أكثر ربحا.
لكن الآن، انتهت الطفرة في زيادة الأسعار. وانخفضت أسعار النفط، والنحاس، والألمنيوم بحوالي نصف الحد الأعلى الذي وصلت إليه خلال السنوات القليلة الماضية. كما انخفض سعر خام الحديد بأكثر من ذلك. وكلها من أهم صادرات عدد من البلدان الأفريقية.
كما أن تباطؤ الاقتصاد الصيني، وتحوله إلى الصناعات الخدمية يعد عاملا هاما لتفسير هذا الانخفاض.
ويقول صندوق النقد الدولي إن الدول الأفريقية المصدرة للنفط يواجهون صدمة كبيرة، ومن بينها نيجيريا وأنغولا، إذ أن نصف عائدات الحكومة تأتي من الأنشطة المتعلقة بالنفط.
ومن المتوقع أن يؤدي انخفاض أسعار النفط إلى تأجيل الاستثمار في أنشطة إنتاج البترول الأخرى. وبحسب صندوق النقد الدولي، فهو الأوقع حدوثه في شرق أفريقيا.
وتشهد الدول الأفريقية المنتجة للنفط تراجعا في النمو هذا العام، فانخفض نمو نيجيريا إلى أربعة في المئة بعد أن بلغ 6.3 في المئة العام الماضي، وحققت أنغولا نموا بنسبة 3.5 في المئة، مقارنة بـ 4.8 في المئة عام 2014.
ومن المرجح أن إمدادات النفط من أعضاء منظمة الدول المصدر للنفط “أوبك”، ومن أمريكا الشمالية هي أحد أسباب انخفاض أسعاره. وكذلك تراجع الطلب من الصين.

وتمثل الصادرات من باقي البضائع حوالي 40 في المئة من نشاط السكان في الدول الافريقية جنوب الصحراء، وستتأثر هذه الصناعات أيضا بتراجع الأسعار، لكن صندوق النقد الدولي يقول إن التأثير سيكون أقل منه على الدول المصدرة للنفط، كما ستستفيد الأنشطة غير المتعلقة بالنفط من تراجع أسعاره.
وستتمكن الصناعات الأخرى من خفض الإنفاق على دعم الوقود، أو زيادة إنفاق المستهلكين حال وصول هذا الانخفاض إليهم.
وأعرب البنك الدولي عن قلقه بشأن تأثير هذا التراجع، وأعلن مطلع هذا العام أن “أن اعتماد العائد على قطاع المواد الاولية والخام ما زال مرتفعا”.
كما أنه حال تراجع الحكومة عن الخدمات الاجتماعية والبنية التحتية، فإن “مكاسب خفض معدلات الفقر، وآمال النمو في المستقبل قد تنهار مع تزايد عيوب البنية التحتية”.
ورفع البنك المركزي في زامبيا من معدلات الفائدة خلال الأسبوعين الماضيين، لتصل إلى 15.5 في المئة، وذلك للحد من التضخم الذي تسبب فيه ضعف العملة، والذي يرجع بدوره إلى تراجع صادرات البلاد من النحاس.
وتوقعات النمو الاقتصادي في أفريقيا قد تكون مخيبة، بعد التقدم الذي حققته القارة في العقد الأول من هذا القرن. والمزيد من النمو سيحد من مشكلة الفقر التي تعاني منها القارة.
ومع ذلك، فإن مستقبل أفريقيا سيكون مختلفا وأفضل بكثير مما مرت به القارة في ثمانينيات القرن الماضي.