“اذا مش بـ16 بـ22، سيكون للبنان رئيس جمهورية قبل نهاية العام”، عبارة قالها وزير للوكالة “المركزية”، مطلع على حيثيات التسوية التي أوحت المعطيات الحسية على محورها بتقدم سريع، في ضوء اتصال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند “بمشروع الرئيس العتيد” النائب سليمان فرنجية على مدى خمس عشرة دقيقة، وحركة القيادات المسيحية المتسارعة في اتجاه بكركي بعد عودة سيدها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الراغب في انتخاب رئيس يضع حداً للفراغ في اسرع وقت.
وتنقل اوساط سياسية لـ”المركزية” عن الوزير المشار اليه قوله انّ عقبتين اساسيتين ما زالتا تعترضان تتويج التسوية: الأولى، استمرار ترشح رئيس تكتل “التغيير والاصلاح” النائب ميشال عون وتصلبه حتى الساعة خلف هذا الترشح باعتباره الاقوى مسيحياً، ويفترض كما يؤتى بالاقوى سنياً لرئاسة الحكومة والاقوى شيعياً لرئاسة المجلس ان يأتي الاقوى مسيحياً لرئاسة الجمهورية، وكما قال سابقاً “الاصيل لا الوكيل”. ويرتكز هنا الى موقف سمعه من احد ابرز مكونات 8 اذار مع بدء الحديث عن التسوية، مفاده انّ “من تنازل لفرنجية قد يتنازل لاحقا لعون” ويدعوه للتريث قليلاً.
اما العقبة الثانية، فتتمثل في التزام “حزب الله” ادبياً بترشح عون وعدم استعداده “لكسر الجرة” معه بعدما تمايزت مواقفه عن التيار في استحقاقات كثيرة من ابرزها التمديد للمجلس النيابي والتعيينات الامنية وجلسات التشريع، وهو اذا ما تخلى عنه في الاستحقاق الرئاسي فانّ “الجرة لن تسلم” هذه المرة وتقع الفرقة لا محالة. لكن الاوساط تقول انّ الحزب الذي يضع في المرتبة الاولى مصلحته ولا يمكن ان يخرج من فلك التطورات الاقليمية المؤثرة في الداخل مباشرة، ينتظر ما سيفضي اليه لقاء عون ـ فرنجية خلال اليومين المقبلين ليبني موقفه مع ترجيح خيار، في حال عدم سير عون بالتسوية، المشاركة في جلسة الانتخاب لتأمين نصابها القانوني والتصويت للعماد عون. وهذا الخيار، كما تعتبر الاوساط، هو الاكثر حنكة ما دامت اوراق الاقتراع لفرنجية تؤمن انتخابه، بحيث وعلى طريقة “لا يموت الديب ولا يفنى الغنم” يصل “الحليف الزغرتاوي” الذي يتفهم حراجة موقف الحزب ويتمتع بموقع مميز في ايران ، قال احد المسؤولين السياسيين انّها تعتبره “حليفاً ثابتاً لا يُسأل في مواقفه، ويبقى الحزب في الوقت نفسه على وفائه “لزعيم الرابية”.
امّا العقدة المسيحية، فتوضح الاوساط انّها ستجد طريقها الى الحل قبل منتصف الشهر الجاري ما دامت التناقضات تتحكم بالحلف الثلاثي المسيحي اذا ما عقد، اذ انّ الالتقاء بين “القوات” و”الكتائب” و”التيار الوطني الحر” مبني على تقاطع مصالح لا أكثر، والثقة بينهم غير متوافرة، كما قال احد الوزراء المسيحيين، لانّ احداً منهم غير مستعد لانتخاب الاخر ولا تقديم البديل، ويفترض ان تقودهم القراءة المعمّقة لواقع الحال الى ولوج التسوية لا البقاء خارجها ومحاولة تحصيل أكبر قدر من الضمانات والمكاسب السياسية وتعزيز شروطهم للدخول فيها كشركاء، ما دام مرشح التسوية من القادة الموارنة الاربعة.
وتفيد بأنّ “حزب الله” حتى لو سار العماد عون بالتسوية، فانّه كما سائر الافرقاء السياسيين يتطلع الى الشراكة وتأمين ضمانات معينة في ضوء رياح التغيير التي تلفح دول المنطقة عبر مشروع التسويات الذي يمتد من اليمن الى سوريا ولبنان، ويبدو بدأ من بيروت لكون الازمة سياسية لا امنية، قابلة للحل بمجرد تأمين الدعم الخارجي للبننة التسوية ودعم جهود الداخل لانتاج الرئيس العتيد خلافا للاوضاع المعقدة في الدول الآنفة الذكر اذ تحتاج تسوياتها الى جهود جبارة نظرا للتعقيدات الكثيرة المحيطة بها.