68.7 مليار دولار هو حجم الدين العام الإجمالي “المُعلن” حتى نهاية شهر أيلول من العام الحالي، لكنه قد يتجاوز هذا الرقم بالعديد من المليارات إذا ما أضفنا إليه ما يتم استثناؤه للتغطية أو التعتيم على حجم الدين العام الحقيقي.
بالأمس القريب أعلنت وزارة المال بلوغ الدين العام حالياً 68.7 مليار دولار من دون “ايراد المتأخرات المتوجبة”، أي من دون احتساب الأموال المتوجب على الدولة سدادها لبعض المؤسسات التي تملكها أو تساهم في تمويلها كالصندوق الوطني للضمان الإجتماعي والمستشفيات الحكومية، وبحسب المدير العام لوزارة المال آلان بيفاني، فإن متأخرات الدولة المتوجبة عليها لا تبلغ مستوى المليارات بل الملايين من الدولارات، وبالتالي فلا أهمية لاحتسابها من مجمل الدين العام، غير أن للوزير السابق والخبير الإقتصادي جورج قرم رأياً آخر، إذ يعتبر في حديثه الى “المدن” أن تقدير الدين العام من دون احتساب المتأخرات المتوجبة على الدولة تجاه المؤسسات العامة والخاصة وشبه المستقلة ليس دقيقاً إطلاقاً.
فحجم الدين العام المُعلن، وفق قرم، لا يمكن فصله عن متوجبات الدولة المُستحقة للبلديات ومؤسسات المياه والمقاولين والمستشفيات والمؤسسات الضامنة، لاسيما الضمان الإجتماعي والإستملاكات ومساهمتها مع القطاع الخاص وغيرها من المتأخرات التي تقدّر بالمليارات وليس بالملايين.
وإذ يعتبر قرم أن أي رقم للدين العام لا يمكن أن يلامس الدقة في ظل غياب إحصاءات حول المتأخرات المتوجبة على الدولة، يؤكد أن الحجم التقديري للمتأخرات غير المُحتسبة في أرقام المالية العامة تقارب الأربعة مليارات دولار، بحيث ترفع مستوى الدين العام الُمُعلن الى نحو 73 مليار دولار من دون شك.
وتكاد تكون مستحقات صندوق الضمان الإجتماعي على الدولة من المتأخرات الأبرز، إذ يفوق حجمها 1008 مليارات ليرة يضاف إليها 280 مليار ليرة القسط السنوي عن العام الحالي، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فديون المتعهدين ومقاولي الأشغال المتوجبة على الدولة فاقت 300 مليار ليرة، ومستحقات المستشفيات على الدولة (عبر تعاونية موظفي الدولة والأجهزة الأمنية، ووزارة الصحة) فاقت 1300 مليار ليرة، وغيرها كثير من الأرقام التي تستثنيها وزارة المال عند احتساب حجم الدين العام وإعلام الجمهور به.
ولا يقتصر “تجذيب” الدين العام على “عدم احتساب المتأخرات المتوجبة”، بل أيضاً على عدم احتساب دين المؤسسات المالية التابعة للدولة كمصرف لبنان مثلاً، الذي تُعد ديونه جزءاً لا يتجزأ من مجمل الدين العام اللبناني، بحسب المنهجية الإقتصادية الأكاديمية المعتمدة دولياً.
وتشير الأرقام الى أن دين مصرف لبنان (ودائع من المصارف وشهادات إيداع) يفوق 51 مليار دولار، واذا استثنينا شهادات الايداع التي أطلقها المصرف أخيراً، وبعد إجراء عملية مقاصة بين مصرف لبنان والدولة وشطب الديون بين الطرفين، يصبح دين مصرف لبنان نحو 35 مليار دولار، وبالتالي يكون الدين العام الإجمالي كسر حاجر المئة مليار دولار ليقارب 104 مليارات دولار (69+35) خلال العام 2015 .