ذكرت صحيفة “الأنباء” الكويتية ان اوساط تيار المستقبل لا تبدو قلقة كثيرا حيال ممانعة الكتائب تجاه المبادرة الرئاسية وتحفظات القوات اللبنانية وتشنجات بعض اعضاء المستقبل الذين تربوا على اعتبار سليمان فرنجية صديق نظام الاسد في لبنان، وفي رأي هذه الاوساط لـ “الأنباء” ان جزءا من هذه المواقف مرتبط بالمبدأ السياسي وبالحرص على الشعبوية، والجزء الآخر مجرد رفع للسقوف على امل الحصول على موقع افضل في العهد الجديد.
قيادي وسطي متابع لما يجري يرى أن المكابرة السياسية لم تعد قادرة على إخفاء الأسباب الحقيقية وراء المواقف التعطيلية للاستحقاق الرئاسي، كما أن الوقت لم يعد يسمح بالمزيد من الانهيار الذي اصبح يهدد بسقوط الهيكل على رؤوس الجميع. فالاهتراء الذي يصيب مؤسسات الدولة، يحمل خطورة كبيرة على البلاد، والكلام عن الاستقرار الأمني، وتماسك الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام، لا يكفي لكسب المزيد من الوقت بانتظار الفرص التي قد تخدم هذا الفريق أو ذاك.
ويتابع القيادي ذاته كلامه: لم يبادر أحد من القوى المعنية بتحريك الملف، ولم يأت التعهد الذي قطعه القادة الموارنة الأربعة أمام البطريرك الراعي في بكركي بأي نتائج حتى الآن.
فلا هم اتفقوا على مرشح واحد، ولا تم الالتزام بالحضور إلى مجلس النواب ليباركوا لمن يفوز.
لهذه الأسباب لا يجوز العتب على من يبادر لتحريك الجمود القاتل، أو الغمز بعين طائفية على صاحب المبادرة، فالجميع معنيون بالملف الرئاسي، وعادة ما كانت الترشيحات تطرح من طرف طائفي آخر، وهذا عرف لبناني قديم.
انطلاقا من كل ذلك، لا يمكن للقوى اللبنانية الأخرى أن تنتظر إلى ما لا نهاية مبادرة لم تأت، بينما تحمل الفئات الشعبية والكنيسة والحراك الأخير، الطبقة السياسية برمتها مسؤولية الفراغ.
ويتساءل القيادي ذاته: لماذا الامتعاض من المبادرة بترشيح فرنجية؟ وكيف يمكن أن يقتنع الآخرون بتوجهات بعض القوى التي تعلن شيئا، وتضمر شيئ آخر؟ ويكاد بعض حلفاء فرنجية من المحسوبين على خط “الممانعة” أن يساهموا عن غير قصد بتخويف اللبنانيين من تاريخ فرنجية، بينما تاريخه السياسي أخذ بعين الاعتبار لإرضاء هؤلاء الحلفاء، قبل القيام بالمبادرة.
ثم ان بعض المعترضين على الترشيح من فريق 14 آذار تفانوا في المدة الأخيرة لتوحيد الموقف المسيحي، بينما بعض خطابهم اليوم ينكئ جراح، تساهم في شرذمة الموقف المسيحي.
لا تعتمد بعض القوى – خصوصا القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر- معايير موحدة في موقفهما – دائما وفقا لرأي القيادي ذاته – فالمطالبة ببرنامج رئاسي يتفق مع توجهات هذه القوى شرط تعجيزي، إذا لم نقل انه يستهدف العرقلة، وهل يستطيع مرشح كل من الفريقين التقدم ببرنامج يرضي الآخر؟ لاسيما فيما يتعلق بملفي “السيادة والسلاح غير الشرعي” علما، انه بعد اتفاق الطائف اصبح البرنامج من صلاحيات الحكومة مجتمعة، وليس من صلاحية الرئيس، وهذا ما أشار إليه فرنجية من أمام منزل جنبلاط في كليمنصو.
ثم أين أصبحت قاعدة حليف حليفي حليفي التي كانت سائدة عند جهتي الخصام؟
حظوظ وصول فرنجية إلى بعبدا كبيرة جدا، والعقبات أمام وصوله قيد المعالجة، وليس هناك صفقة على قانون الانتخاب، كما يقول البعض.
الصفقة الوحيدة التي قصدها أصحاب المبادرة، هي توليفة وطنية شاملة، وتسوية في المكان الوسط، ترضي الفرقاء كافة، ولا تلغي أحدا من المعادلة، والفرصة السانحة حاليا لإنقاذ البلاد قد لا تتكرر.