ذكرت صحيفة “الوطن” السعودية أنّ “حزب الله” منظمة إرهابية دموية، لا شك، منذ أصبح تنظيما مسلحا قبل عقود – بدعوى المقاومة والممانعة – ومثله إيران التي تدعمه وتدعم “بشار الأسد”، فالإرهاب لا يتخلى عن بعضه بعضاً، وقد كتبت قبل سنوات، عندما كان “حسن نصرالله” يعلن أن حزبه ليس لديه تطلعات سياسية، وإنما حزب مقاوم. وأضاف كاتب المقال قينان الغامدي: “قلت إنه يكذب، وأوضحت أنه يريد حكم لبنان، وغيري كثر قالوا هذا الكلام، من داخل لبنان ومن خارجه، ولم تمض سنوات على أكاذيب “نصر الله” حتى أصبح الحزب دولة داخل دولة لبنان، بل هو المتحكم في مفاصلها السياسية كلها علنا. وهو صاحب القرار، وها هو يدعم الإرهاب الآخر في سورية مع أن الدولة اللبنانية المشلولة أعلنت مراراً أنها تنأى بنفسها عن التدخل لا سياسياً ولا عسكرياً، أما الحزب فصاحب قرار خاص، أقوى من قرار الدولة والشعب اللبناني، وقراره يستمده من الداعم الأكبر في المنطقة والعالم المتمثل في “إيران”، لكن إيران متميزة في المراوغة والتستر، وتسعى إلى خداع العالم كله عما تمارسه من دعم للإرهابيين في كل مكان عسكرياً، ومعنوياً ومادياً، وهي متميزة في استخدام “القوة الناعمة” وهي القوة الأمضى التي تمكنها من التدخل في الشؤون الداخلية لكثير من الدول بحجة التجارة والدعم المادي لبعض المشروعات والمؤسسات الأهلية والإعلامية وغيرها، وهذه القوة الناعمة هي التي مكنتها من أن تفعل ما فعلت في اليمن من خلال المال والإعلام وتهريب السلاح، وهي قوة ناجعة ومستمرة إلى اليوم، بينما – مع الأسف – نجد معظم الدول العربية لا تعطي هذه القوة، الاهتمام والتخطيط الكافيين، أو أنها تتجاهلها تماماً.
وأضافت الصحيفة: “الخلاف بين دول الخليج – أو معظمها – بقيادة المملكة مع إيران خلاف سياسي، وليس دينياً ولا مذهبياً مطلقاً، كما يتوهم البعض، وتسوق له إيران، متسترة بالدين كجزء من قوتها الناعمة، لاجتذاب مشاعر وتعاطف عوام وبسطاء الشيعة العرب وفي العالم، فهي دولة دينية حزبية سياسياً، ففي دستورها أنها ملتزمة بالمذهب الإثني عشري وولاية الفقيه وتصدير الثورة، ولذلك فهي لا تختلف عن بقية المنظمات الإرهابية كلها السنية والشيعية، فجميعها توظف الدين لتحقيق أهدافها وإيران تدعمها كلها، ولهذا فكل هذه التنظيمات مسالمة مع إيران قولاً وفعلاً.
أمّا السعودية فهي دولة “عربية إسلامية” كما ينص نظامها الأساسي للحكم، وهي بهذه الصفة مظلة جامعة لكل المذاهب الإسلامية داخلها وخارجها، وأتصور – وآمل – أن يكرس الخطاب السعودي سياسياً وإعلامياً هذا المفهوم داخلياً وخارجياً، وألاّ يسمح بأي صفة غير “عربية إسلامية” مطلقاً، لأن هناك داخلياً أوخارجياً، وبحسن نية أو خبث، من يضيف صفات أو صفة هدفها وضع الدولة في صف الحزبيات والتنظيمات السياسية التي تتدثر بشعارات مذهبية طائفية، أو على الأقل وضعها في مستوى إيران لتكون دولة مذهبية تحمي وتتستر بمذهب واحد لبث العداوة والبغضاء مع المذاهب الأخرى، ومن المؤسف جداً، أن عدداً كبيراً من السعوديين السنة يعتقدون أن الشيعة هم العدو، متعمدين الإساءة إلى شخوص إخواننا الشيعة أو إلى مذهبهم، ومع الأسف أيضاً أن عدداً من السعوديين الشيعة يردون عليهم بالمثل، وهؤلاء من الطرفين في الغالب – كما أظن حيث لا توجد دراسات دقيقة – ضحايا خطاب فقهي متطرف من الجهتين، وفهم عقيم للإسلام الذي يصلح مظلة لكل البشر وجامعاً لهم كلهم مهما كانت مذاهبهم فيه، أو دياناتهم خارجه، وهناك – كما أظن أيضاً – مسيسون حركيون من الجهتين وهؤلاء أهدافهم تفتيت وحدتنا الوطنية وهدم وطننا والوصول إلى السلطة، متخفين تحت شعارات طائفية وعنصرية، ومستغلين الخلاف السياسي بين المملكة وإيران.
إن الخلاف السعودي – الإيراني، سياسي، لا ديني ولا مذهبي، فالمملكة لم تقد التحالف لإنقاذ اليمن لأن الحوثيين “زيديون أو حتى لأن بعضهم تحول إلى الإثني عشرية”، ولكن لأنهم عصابة تخريب وإرهاب، وإيران تدعمهم ليصبح حزب “أنصار الله” في اليمن مثل “حزب الله” في لبنان، ويصبح اليمن في قبضة إيران كما هو لبنان اليوم، وكما هي سورية “الأسد”، ولو ترك الوضع في اليمن لا ستفحل الأمر، ورأينا أحزاباً مماثلة في كل الدول العربية ودول الخليج خاصة.
وإعلان المملكة مؤخراً عن أسماء اثني عشر إرهابياً مطلوباً من “حزب الله”، يسير في نفس الاتجاه الذي يسعى إلى كف اليد الإيرانية عن دعم الإرهابيين، وعن التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية لأن الإرهاب الذي تدعمه سواءً كان سنياً أو شيعياً خطر على الجميع.