كتبت ثريا شاهين في صحيفة “المستقبل”:
يتوقع أن ينعقد الاجتماع الدولي الاقليمي حول سوريا هذه المرّة في نيويورك بدلاً من فيينا، بعدما كان مقرراً أن ينعقد في باريس بعد الاعتداءات الإرهابية التي طالتها.
وأفادت مصادر ديبلوماسية أنّ هناك نقاطاً عالقة لا سيما ما يتّصل بمصير الرئيس السوري بشار الأسد، وهي النقطة الخلافية الأساسية بين الدول المجتمعة، وستتم متابعتها للبحث في هذا الموضوع، والتشاور الأميركي الروسي متواصل سعياً للوصول إلى اختراق في هذه النقطة، إذ ان روسيا متمسّكة بموقفها الذي يعتبر أنّ على الشعب السوري تقرير مصير الأسد عبر الانتخابات وحكومة انتقالية تمهّد لذلك، والانتخابات النيابية والرئاسية في سوريا تقرر حسب «بيان فيينا» ان تجرى بعد سنة ونصف السنة، أي ان من شأن ذلك تقليص مدة حكم الأسد، التي بحسب الانتخابات الأخيرة في العام 2014 تمتد لسبع سنوات أي حتى 2021. وبدلاً من ان يبقى حتى هذا التاريخ فإنّ الحل الوسط هو بموجب التفاهم في فيينا حول إجراء الانتخابات، أن يستمر حتى الـ2017، لأن الانتخابات كلها ستأتي بقيادات جديدة. وهناك تفاوت في وجهات النظر الروسية والإيرانية حول مصير الأسد، بحيث ان طهران مستعدة للقبول بوضع سوري يمتد طويلاً على هذه الحال. والدول الاخرى تقبل ضمنياً بدور موقت للأسد للمرحلة الانتقالية، لكن كل الدول باتت مقتنعة بأن لا دور له في المستقبل. كما ان البحث سيتناول الحكم الانتقالي الوارد في لبنان، والذي لا يزال غامضاً في العديد من الأوجه، لا سيما وأن الجميع يقبل بأن يكون الأسد في هذه المرحلة ولكن كيف، ومتى تنتهي هذه المرحلة، ومتى يغادر نهائياً السلطة؟ في فيينا تم إطلاق عملية سياسية ولكن لا يزال غامضاً مدى قدرتها على أن تؤدي فعلياً إلى حل على الأرض. ففرنسا تقول انه لا يمكن أن يبقى الأسد في الحل، والرياض تقول بوجوب ان يخرج عسكرياً إذا لم يخرج بالسياسة. المواقف لا تزال على حالها، ولكن في الوقت نفسه الجميع يشعر بضرورة وجود حل أساسي لمحاربة «داعش». وحسب ديبلوماسيين مطلعين، فإنّ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يعتبر ان عملية الحل في سوريا طويلة، وهناك صعوبات وحرب عبثية.
إذاً شكل المرحلة الانتقالية سيتم بحثه ويجب أن يكون وفقاً لوثيقة جنيف 30 حزيران 2015، والعمل جار تحضيراً للاجتماع من أجل أن يتم التوصل الى صيغة تسمح بتشكيل الحكم الانتقالي، وباعداد دستور يوصل الى انتخابات شاملة. هناك بصيص أمل بإطلاق عملية سياسية والحوار الأميركي الروسي مهم جداً. كما ان جلوس الرياض وطهران إلى طاولة فيينا يكتسب أهمية بالغة. والبحث ايضاً سيركز على تحديد صيغة لوقف النار تكون قابلة للتطبيق، مع الإشارة إلى أنه لا يمكن تحقيق وقف النار في مناطق تحتلها «داعش».
العملية لن تتوقف، وكل جهة لها دور في الحل. المملكة لها دور في جمع المعارضة وتحديد شخصياتها. الروس يضغطون على النظام لتحديد مَن سيمثله. الأمم المتحدة لها دور في التئام المجموعات التي دعا موفدها ستيفان دي ميستورا إلى تشكيلها للتمكن من النظر في حل سياسي. فضلاً عن وقف النار، بحيث يتم العمل على إيجاد آلية خاصة بذلك، تحدد سبل التعاطي مع خروقه، وإذا لزم الأمر نشر مراقبين دوليين لمراقبة الالتزام به وممن تتألف لجنة المراقبين. وهناك اهمية للوفد الموحد للمعارضة في مجال الالزام على الارض بوقف النار، تماماً كما يجب أن يكون وفد النظام. من هنا ضرورة وجود نيّة سياسية وعسكرية تلزم على الأرض لوقف النار، وفق ما يقول الروس، وبالتالي الحاجة الى وقت للتوصل الى حلول نهائية، وإلى سنوات للانطلاق بسوريا إلى حل يخرجها من محنتها.
وأشارت مصادر مطلعة الى ان هناك محاولات لتوحيد المعارضة السورية، التي لا تزال منقسمة في ما بينها، والمملكة تحاول توحيدها وترتيب وضعها. وكذلك مصر لديها تحفظات عن البعض من هذه الشخصيات لا سيما تلك المدعومة من تركيا مثل خالد خوجة، والتي لا تتعاون معه نهائياً. وتتبادل تركيا ومصر الاتهامات حول أزمة الاخوان المسلمين وهي أساس مشكلتهما.
لدى روسيا والولايات المتحدة وفرنسا، جهود مشتركة لمكافحة الإرهاب، ومن بين ذلك صدور قرار عن مجلس الأمن يحدد التنظيمات الإرهابية من اجل تحديد مَن هي التنظيمات السورية التي تدخل في اطار المعارضة، ومن سيتم استبعاده بسبب صفة الإرهاب. الجهود في الاجتماع المقبل ستتركز على استمرار التنسيق القوي لمكافحة الإرهاب وفق مفاهيم مشتركة.