احتل السوريون المرتبة الأولى في تأسيس الشركات الجديدة في تركيا، حسب إحصائيات أعلنها اتحاد الغرف التجارية التركية مؤخراً، وأرجع محللون ذلك إلى الموقف الإيجابي من النظام الحالي للاجئين، وسعي البعض إلى الحصول على الإقامة عبر تأسيس شركات، بالإضافة إلى التسهيلات الكبيرة التي يحصل عليها المستثمرون الأجانب. وبحسب تقرير للاتحاد الغرف التجارية التركية فإن عدد الشركات الأجنبية التي تم تأسيسها في شهر أكتوبر/تشرين الأول بلغ 366 شركة، منها 136 شركة لسوريين و28 منها للألمان، و26 منها لعراقيين، والباقي لأجانب من مختلف الجنسيات. وبلغ إجمالي عدد الشركات التي أسسها مواطنون سوريون هذا العام حتى شهر أكتوبر/تشرين الأول 1284 شركة وفقاً للتقرير. وتنوعت أسباب إقبال رأس المال السوري على تركيا، منها سياسية تتعلق بموقف تركيا الإيجابي من الثورة السورية، على اعتبار رجال الأعمال المستثمرين بخارج سورية بعد الثورة، معظمهم من معارضي النظام، فضلاً عن أسباب اقتصادية تتعلق بالمناخ الاستثماري الجاذب ووجود أكثر من مليوني سوري بتركيا، ما يؤمن سوقا لمنتجاتهم في واقع اختلاف الأنماط الاستهلاكية، وخاصة بالنسبة للسلع الغذائية. وفي هذا السياق، أكد الخبير بالشأن التركي عبد القادر عبد اللي، لـ”العربي الجديد”، أنالسوريين سيتجهون إلى تأسيس استثمارات كبيرة الفترة المقبلة، إلا أن ذلك مرهون بالقوانين التي من المنتظر أن تصدر عن الحكومة التركية المتعلقة بملكية السوري أو إقامته.
وأوضح عبد اللي، أن السوريين يتصدرون في عدد الشركات المؤسسة، لكنهم ليسوا في الصدارة من حيث حجم الاستثمارات، مشيراً إلى أن “معظم الشركات محدودة وصغيرة كان الهدف منها تسهيل الإقامة أو التملك”.
وأكد رجل أعمال سوري من مدينة حلب، طلب عدم الكشف عن اسمه، إن تركيا هي الملاذ الأهم للاستثمار نظرا للتسهيلات التي تقدمها للسوريين، وقال “استثمرت بمصر ولبنان، لكن المناخ التركي هو الأكثر جذباً وربحاً”.
وأضاف رجل الأعمال السوري لـ”العربي الجديد”، إنني نقلت أخيراً منشأتي من مدينة حلب، وما أنقذته من الآلات بعد تصاعد قصف طائرات بشار الأسد والطائرات الروسية، إلى منطقة العثمانية بتركيا “وقريباً سيبدأ العمل في ورشة للصناعات النسيجية”.
ولفت إلى استهداف القصف السوري الروسي للمنشآت الصناعية في حلب، وكان آخرها تدمير منشأة “الديري” قبل أيام. وتوقع المستثمر السوري ثائر شعبان، في تصريحات لـ”العربي الجديد”، زيادة إقبال السوريين على الاستثمارات بتركيا، بعد فوز حزب العدالة والتنمية وتعويلهم على مزيد من التسهيلات “التي لم يجدوها بأي دولة أخرى، بما فيها الدول العربية”. ولفت شعبان، إلى أن أحد أهداف تأسيس السوريين للشركات يستهدف الحصول على الإقامة بتركيا، “والاستعداد لاحقاً للتملك بعد أنباء ترددت عن قوانين تركية جديدة، على اعتبار أن السوريين ضمن ثلاث جنسيات ممنوعة من التملك حسب القوانين الحالية”. وكان المستثمرون السوريون قد احتلوا المرتبة الأولى في قائمة الشركاء الأجانب للعام الماضي بنسبة وصلت إلى 25.2%، حيث أسس 1131 سوريا في العام الماضي شركات جديدة بقيمة 32.8 مليون دولار.
وتصاعد إقبال رأس المال السوري في ظل تحسن المناخ الاستثماري بتركيا، وبحسب بيان اتحاد الغرف التجارية، ازداد حجم الشركات التي تم تأسيسها في تركيا خلال النصف الأول من العام الجاري بنسبة 18.12% مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، لترتفع من 29 ألفا و708 شركات إلى 35 ألفًا و90 شركة، وشغل رجال الأعمال السوريون النصيب الأكبر من تأسيس هذه الشركات، ليكون نصيبهم واحدة من كل ثلاث شركات ذات شركاء أجانب أُسِّست في تركيا خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، حسب إحصائيات الغرف التجارية. وتوجه الحكومة الحالية اهتماماً كبيراً بتحسين المناخ الاستثماري وتطوير البنى التحتية، وقدّر تقرير سابق صادر عن شركة “ميد” للمشاريع (إماراتية خاصة)، قيمة مشاريع البنية التحتية قيد التخطيط والتنفيذ في تركيا، بأكثر من 350 مليار دولار، وذكر التقرير أن تركيا استطاعت خلال السنوات الماضية، تطوير برنامجها الخاص لتطوير البنية التحتية على المستوى المحلي، بفضل ازدهار اقتصادها وتسارع نمو عدد سكانها. وتصدرت مشاريع قطاع المواصلات، قائمة مشاريع البنى التحتية بقيمة تبلغ 135 مليار دولار، وتشمل مشاريع مخططاً لها أو طرقاً قيد الإنشاء، إضافة إلى السكك الحديدية والمطارات، يليه قطاع الطاقة بنحو 125 مليار دولار، حسب التقرير. وقال البنك الدولي، في نهاية يونيو/حزيران الماضي، إن تركيا احتلت المرتبة الثانية في قائمة الدول الصاعدة الأكثر استثماراً في مجال البنية التحتية عام 2014، وذلك بعد البرازيل التي حلت في المرتبة الأولى. وأوضح البنك الدولي أن تركيا تنفذ أكبر خمسة مشاريع مشتركة بين القطاعين العام والخاص في أوروبا والشرق الأوسط.