IMLebanon

انفصال كتالونيا يصيب عمق الإقتصاد الإسباني

Catalonia
عزة الحاج حسن
لا يقتصر الرفض الإسباني لاستقلال مقاطعة كتالونيا عن المملكة الإسبانية على انفصال 8% من إجمالي مساحتها (33 ألف كيلومتر مربع)، بما تحويه من ملايين المواطنين وآلاف المؤسسات والشركات فحسب، بل تحركّه الخشية من خسارة الثقل الإقتصادي الذي تمثله كتالونيا والفراغ الذي ستتركه في خزينة إسبانيا، هذا إذا ما استثنينا احتمال انتقال النزعة الإنفصالية الى مقاطعات أخرى.

حكم المحكمة الدستورية الإسبانية منذ أيام بإلغاء الإستقلال الذي أعلنه برلمان كتالونيا، لم ينه مساعي الإقليم للإستقلال التام، ولن يشكّل نهاية الأزمة بين مدريد وكتالونيا، إذ تتجه الأنظار الى الـ20 من كانون الأول الجاري موعد الإنتخابات التشريعية في اسبانيا، ويتوقع أن يشهد ملف استقلال إقليم كتالونيا تطورات حاسمة بالتزامن مع هذه الإنتخابات.

على وقع احتدام الخلاف بين العاصمة الإسبانية مدريد وإدارة إقليم كتالونيا، ثمة أصوات بدأت تطالب بإجراء استفتاء عام يقرر مصير وحدة إسبانيا واستقلال الإقليم، تجنباً لوقوع ما حذّر منه رئيس الحكومة الإسبانية ماريانو راخوي، أي “عرقلة نمو الإقتصاد الإسباني”. وهنا لا بد من السؤال عن حجم التداعيات الإقتصادية التي يمكن أن يتركها انفصال اقليم كتالونيا عن اسبانيا على كلا الطرفين.

قبل الدخول في تفاصيل الإنعكاسات الإقتصادية في حال انفصال كاتالونيا عن اسبانيا على كلا الطرفين، لا بد من الإعتراف بأن الإقليم إذا استقل سيأخذ معه خمس (1/5) إجمالي الناتج المحلي لإسبانيا أي نحو 20 في المئة منه، وتعد إسبانيا رابع اقتصاد في منطقة اليورو.
وسيرتّب انفصال كتالونيا خسارة قوة اقتصادية كبيرة لإسبانيا تبدأ من تراجع حجم الضرائب الواردة الى مدريد، تُضاف الى خسارة اسبانيا لنحو 26 في المئة من صادراتها التي تعتمد بشكل أساسي على مواد أولية تنتجها كتالونيا، ونحو 45 في المئة من إجمالي المواد التكنولوجية المعدّة للتصدير التي تنتجها كتالونيا مثل السيارات والأجهزة الإلكترونية، إضافة الى ذلك فإن الإقليم يتحكم بنحو 70 في المئة من حركة النقل والمواصلات الخاصة بالتجارة الخارجية لإسبانيا، ولا ننسى طبعاً إن استقلال كتالونيا سيرفع تكلفة نقل البضائع الإسبانية الى الخارج.
ويضاف الى ذلك أن كتالونيا تستقطب ضعف عدد السياح الذي تستقطبه العاصمة مدريد، وتعد المقر الرئيسي لغالبية الشركات الكبيرة والمؤسسات والمصانع الإسبانية، كما أنها تضم أحد أهم فرق كرة القدم الإسبانية أي فريق برشلونة، ما يعني أن كرة القدم الإسبانية ستتكبد خسائر على المستويين المالي والرياضي على مستوى العالم في حال انفصل فريق برشلونة عنها.

من جهة أخرى فإن استقلال كتالونيا سيترك انعكاسات سلبية مباشرة على الإقليم لاسيما لجهة خروج كتالونيا من منطقة اليورو وعدم قدرتها على الدخول الى النظام الإئتماني للبنك الأوروبي المركزي، وهو ما حذّر منه محافظ البنك المركزي الإسباني لويس ليندي، الذي يتوقع أن تعاني كتالونيا في حال انفصالها عن اسبانيا من أزمة اقتصادية مشابهة لتلك التي ضربت اليونان.

وسيترتّب على كتالونيا في حال استقلالها ارتفاع كبير في حجم الإنفاق العام الذي تغطيه حالياً مدريد، كميزانية الدفاع العسكري على سبيل المثال وميزانية التمثيل لدى الدول الأجنبية وغيرها من النفقات العامة، كما أن الإقليم لن يسلم في حال استقلاله من مطالبات مدريد له بالتعويض عن منشأت البنى التحتية، كما ويتوقع محللون محاربة كتالونيا في حال استقلالها عن طريق الأقاليم الإسبانية الأخرى التي تمثّل تجارتها البينية معها نحو 50 في المئة من حجم التبادل التجاري الكتالوني.

وبذلك تشمل المخاطر الإقتصادية لانفصال اقليم كتالونيا عن اسبانيا الطرفين، ولكنّها ستكون أكبر بحجم تداعياتها على العاصمة مدريد، وهو ما ظهر جلياً في تحذيرات القياديين الإسبان من مخاطر هذا الانفصال، خصوصا بعد فوز الإنفصاليين الكتالونيين في الإنتخابات الأخيرة وحصولهم على جرعة دعم شعبي في سبيل الإستقلال.