Site icon IMLebanon

شروط “حزب الله” لعودة الحريري الى السرايا!

 

كتب جوني منير في صحيفة “الجمهورية”:

 

منذ أواخر الصيف الماضي والكواليس الديبلوماسية الجدية تهمس بأنه سيكون للبنان رئيس للجمهورية قبل نهاية العام الجاري.

كانت هذه الهمسات تستند الى الأجواء الإقليمية التي شهدت تطورات إيجابية على وقع المستجدات الميدانية والتي جاء في طليعتها التدخل الجوي الروسي في سوريا.

كان الحديث جارٍ عن تقدّم واضح يدور في الكواليس وتشارك فيه إيران، وتجلّى في إعطاء دفع للملف السوري في اتجاه التسوية وإقرار الغرب ومعه وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس بوجوب بقاء الرئيس بشار الأسد، ولو خلال المرحلة الانتقالية.

وفي الرياض تحضيرات لاجتماع اطياف المعارضة السورية بدءاً من غد. اجتماع لم توجّه خلاله الدعوة إلى الأكراد في وقت دخل فيه الجيش التركي الى مناطقهم في العراق في خطوة خطيرة ومن دون التشاور المسبق مع واشنطن بهدف توجيه رسالة ضغط اضافية لإبقاء الاكراد خارج اطار المشاركة في التسويات. في وقت يجري فيه التحضير لانتقاء الدول الاسلامية التي ستُشارك في قوات الردع وستنتشر في مناطق المعارضة السورية.

الواضح أنّ الآلة الاميركية الدافعة تعمل بقوة. ومثالاً على ذلك، فإنّ زيارة وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي الى دمشق واجتماعه بالأسد في 27 تشرين الاول الماضي كانت قد سبقتها تحضيرات الوساطة العمانية.

ويوم الجمعة الماضي أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أنّ مؤتمر فيينا الذي تشارك فيه 17 دولة سينتقل الى نيويورك في 18 كانون الاول الجاري تحضيراً لوقف إطلاق نار جدي في سوريا برعاية دولية واسعة، والذي سيباشر النقاش في قوات الدرع الاسلامية. وألحَقت وزارة الخارجية الاميركية بسفيرتها سامنتا باور فريق عمل كبير استقدم من واشنطن للبحث في الحلول المطروحة من جوانبها كافة.

وعَملُ آلة الدفع الاميركية لا يقتصر فقط على الملف السوري، ففي 15 كانون الاول الجاري ستبدأ في جنيف المحادثات في شأن اليمن برعاية الامم المتحدة لتنفيذ القرار 2216 الصادر عن مجلس الامن في آذار الماضي. ولهذا السبب التقى السبت الماضي في عدن الرئيس عبد ربه منصور هادي بالمبعوث الاممي اسماعيل ولد الشيخ احمد. وتبدو الاوساط الديبلوماسية الاميركية واثقة لا بل حاسمة بأنّ هذه المحادثات ستكون حاسمة وستتكلّل بالنجاح.

كل هذا الدفع الاميركي والذي شمل إرسال قوات الى العراق تمركزت في نقاط مدروسة بعناية وتعتبر استراتيجية بامتياز، إنّما هو تحضير ممتاز للانتقال فوراً الى المرحلة التالية ألا وهي التسوية الفلسطينية والعربية مع اسرائيل.

فيوم السبت الماضي تحدّث وزير الخارجية الاميركي جون كيري خلال ندوة نظمتها مؤسسة “بروكنز” عن هذا الملف فاتحاً الباب امامه ولو جزئياً. انتقد بقوة عمليات الاستيطان معتبراً أنها خطأ جسيم وما لم يقله علناً، تحدث به أمام حلقة ضيقة من الديبلوماسيين بعد انتهاء الندوة حيث قال حرفياً وفق ما نُقل عنه: “… يجب ضبط الوضع الاسرائيلي – الفلسطيني في مرحلة التسويات الكبيرة التي تلي الاتفاق النووي”. واضاف كيري الكلام الأهمّ: “نثق بقدرة إيران لدعم استقرار المنطقة، وأصدقاؤنا في السعودية بدأوا يقتنعون بهذا المنحى”.
وفق هذه الاجواء المتقدمة والتي تضجّ بمشاريع التسويات الاقليمية، راهنت العواصم الغربية على أنّ الوقت حان “لسرقة” الحلّ في لبنان استناداً الى التعاون الحاصل مع ايران، فوُلدت ما عرف بتسوية النائب سليمان فرنجية الرئاسية.

واعتبرت هذه العواصم أنّ وصول فرنجية قابل لانتزاع موافقة من “حزب الله” وسوريا وايران، في مقابل النجاح في إنقاذ المؤسسات من الانهيار وبالتالي قطع الطريق على الذهاب الى نظام سياسي جديد على أنقاض اتفاق الطائف.

لكنّ التجاوب الايراني الذي راهنت عليه هذه العواصم لم يكن فعالاً هذه المرة وتجمّد عند رفض “حزب الله”. وفهمت الاوساط الديبلوماسية الغربية رسالة الحزب: “ان التفاهمات الاقليمية لا تكفينا للسير بتسوية في لبنان، فنحن نريد تفاهمات وتسويات تشمل الواقع اللبناني بمعزل عن التسويات الاقليمية”.

وفيما تنقل هذه الاوساط عن مصادر قريبة من “حزب الله” توقعاتها بأنّ جلسة انتخاب الرئيس المقرّرة في 16 الشهر الجاري لن يكتمل نصابها وأنّ فرنجية ربما قد قرّر عدم المشاركة فيها بسبب غياب حلفائه عنها، فإنها سمِعت بنقاط يشترطها “حزب الله” قبل ولوج باب التسوية الرئاسية والقبول بعودة الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة، وهي حدّدت بالآتي:

أولاً: قانون انتخابي جديد يستند الى النسبية، وتُدرك هذه الاوساط أنّ هذا البند يشكل المدخل الواسع للذهاب في اتجاه إنتاج نظام سياسي جديد خصوصاً أنّ مجلس النواب هو البنية التحتية للنظام السياسي في لبنان، وهو ما يعني أيضاً إقصاء تيار “المستقبل” عن مساحة القرار.

ثانياً: انسحاب لبنان من المحكمة الدولية ووقف تمويله لها، بعد تصنيفه لها بأنها محكمة تستند الى الادانة السياسية وليس وفق الوقائع والمعطيات القضائية.

ثالثاً: فتح ملف تورّط تيار “المستقبل” والمتعلق بمدى تورّطه في الحرب التي نشبت في سوريا.

وتستنتج الاوساط الديبلوماسية بأنّ “حزب الله” الذي يُدرك جيداً المشروع الاميركي بفتح ملف التسوية مع اسرائيل يُريد إبقاء الملف اللبناني مفتوحاً لكي يضمن لنفسه الحماية، كون فتح ملف التسوية سيعني حكماً فتح ملف المقاومة في لبنان، اضافة الى أنّه لن يقبل بإعادة إحياء “اتفاق الطائف” بل إنه يريد نظاماً سياسياً جديداً يعكس التوازنات والمعادلة الجديدة على الارض.