كتب عماد مرمل في صحيفة “السفير”:
إذا كانت طريق النائب سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية لا تزال تفتقر الى القدر الكافي من «الإسفلت السياسي»، فان ذلك لا يمنع ان رئيس «تيار المردة» يتسلح في معركته بالعديد من أوراق القوة التي تسمح له بمواصلة السباق الرئاسي، ومن بينها:
الزخم الاقليمي والدولي، غطاء بكركي، دعم القائد الفعلي لـ«14 آذار» والمكوّن السني الأساسي الرئيس سعد الحريري، تأييد أحد ركنَي الثنائي الشيعي الرئيس نبيه بري، والوسطي الدرزي وليد جنبلاط.
وبهذا المعنى، يمكن القول إن وصول فرنجية الى قصر بعبدا بات يتوقف الى حد كبير على مدى نجاحه في «استجرار» طاقة الشرعية الميثاقية المسيحية التي تنتجها، بنسب متفاوتة، معامل الرابية ومعراب والصيفي.
وإذا كان الحصول على دعم رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع لترشيح رئيس «المردة» يبدو متعذرا، فان رهان فرنجية يبقى على إقناع العماد ميشال عون بأن يكون شريكا في التسوية، او أقله استمالة رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل الى هذه التسوية التي تعاني عروقها من نقص في «الكريات المسيحية».
لكن هناك من نقل عن الجميل خلال الساعات الماضية ما سبق له أن أكده قبل ايام، لناحية انه لا يستطيع ان ينتخب خصمه السياسي في «8 آذار» رئيسا للجمهورية، انسجاما مع قناعاته، معتبرا ان المطلوب التوصل الى حد أدنى من الاتفاق حول قواسم مشتركة مع المرشح الرئاسي حتى يحصل على أصوات «الكتائب» وثقته، «وهذا لا يعني ان ينتقل فرنجية الى ضفة 14 آذار، وإنما عليه ان يكون وسطيا.
وبينما يتواصل الحوار، في الكواليس، بين ممثلين عن «الكتائب» و «المردة» سعيا الى تقريب المسافات، يؤكد الجميل ـ كما يُنقل عنه ـ انه ليس واردا لديه عقد صفقات تحت الطاولة، «وإذا لم يطرح فرنجية ما يُطمئن في الملفات الخلافية الجوهرية، كتلك التي تتعلق بسلاح حزب الله والازمة السورية، فليس هناك ما يُلزمنا بأن ننتخبه، وينبغي التفتيش عن مرشح آخر»
ووفق الكلام المنسوب الى الجميل في مجلس خاص، فان «على رئيس المردة ان يتصرف كما تصرف بشير الجميل عام 1982 الذي تحول بعد انتخابه رئيسا للجمهورية من قائد للقوات اللبنانية الى رئيس لكل لبنان، حيث انفتح على المسلمين اللبنانيين والعرب، وبالتالي فان فرنجية مدعو بدوره الى ان ينفتح على خصومه السياسيين ويتفهم هواجسهم، وصولا الى طمأنتهم والتلاقي معهم في وسط الطريق».
ولئن كان البعض قد روّج مؤخرا لإمكانية ان يبادر رئيس حزب «القوات» الى دعم ترشيح عون، ردا على طرح الحريري اسم فرنجية.. إلا ان الجميل يعتبر انه «من غير الجائز اعتماد سياسة النكايات في مقاربة الاستحقاق الرئاسي»، متسائلا عن سبب محاولة حصر الترشيحات باثنين هما عون وفرنجية «إذ اننا نختلف معهما في المشروع السياسي، ولا يوجد ما يُلزمنا بالاختيار بينهما حصرا».
ويشير الجميل الى ان اختيار رئيس الجمهورية يجب ان يتقرر تبعا للدور المطلوب ان يؤديه في المرحلة المقبلة، «فإذا كان يراد له ان يشكل جزءا من الاصطفافات الداخلية، تتخذ الخيارات الرئاسية وجهة معينة، وإذا كان سيعكس موقعا وفاقيا وتوفيقيا، خصوصا بين السنة والشيعة، وهذا ما ننادي به لتفعيل الحضور المسيحي من دون الالتحاق بأحد، يُفترض انتخاب رئيس يتحلى بالمواصفات التي تتناسب وهذا الموقع».
ويستغرب الجميل التسويق للتسوية المقترحة على قاعدة انها متوازنة، كونها تأتي بالقوي في «8 آذار» الى رئاسة الجمهورية وبالقوي في «14 آذار» الى رئاسة الحكومة، متسائلا: «ماذا عن رئاسة المجلس النيابي المصنفة في خانة 8 آذار؟ ولماذا لا يتوقف عندها أحد حين يجري تظهير صورة التوازنات في السلطة؟».
وفي حين ينفي الجميل علمه بوجود اتفاق بين الاقطاب الموارنة الاربعة برعاية بكركي على حصر الترشيح بهم ومنح الافضلية لمن يتمكن من تحصيل الاكثرية المطلوبة لانتخابه، يُنسب اليه قوله: «نحن حزب متقشف، ونستمر بالاكتفاء الذاتي «واللي بعتلنا كيس طحين يخبّرنا.. ان ثروتنا الوحيدة هي ثقة الناس، وأنا لن أفرط بها من أجل أحد».