عاشت الساحة المسيحية على امتداد الأيام الماضية حالة استنفار ركزت على قطع الطريق على ما سمي “التسوية الرئاسية” ووأدها في مهدها.
ولكن هذا الاستنفار لم يتحول بعد باتجاه البحث عن بديل لهذه التسوية، إن لجهة الاتفاق على بديل لفرنجية أو على قانون جديد للانتخابات، لا بل تحولت حالة الاستنفار الى ما يشبه “الاسترخاء”.
فقد تنفست القيادات المسيحية الصعداء بعد التأكد من أن التسوية غير ناضحة وتواجه عثرات، الى حد لم يعد سمير جعجع يرى حاجة للعب ورقة ترشيح عون، وأن البطريرك بشارة الراعي لا يرى ضرورة لإلغاء زيارته الى الخارج مادام لا شيء في الداخل يستوجب بقاءه.
1- يواصل البطريرك بشارة الراعي تطبيق أجندته وجدول زياراته للخارج كما كانت مقررة سابقا، ومن دون أن تتأثر بالتطورات الرئاسية.
وسيغادر لبنان مجددا اليوم، ما يعني أنه لا خطط لديه لجمع الأقطاب الموارنة الأربعة ما دامت فرص إنجاح اللقاء معدومة في ظل تمسك كل فريق بمرشحه ورفضه القبول بمرشح تسوية من خارج نادي الأربعة.
وأشارت مصادر كنسية لصحيفة “الأنباء” الكويتية الى أن “البطريركية المارونية التي تتابع اتصالاتها مع القيادات، لم تستطع حتى الآن تأمين الأجواء الملائمة لنجاح لقاء الأقطاب الموارنة الأربعة إذا ما تم عقده”، مشيرة الى أن “بكركي لا تريد عقد لقاء للأقطاب من دون الخروج بنتيجة في شأن التسوية أو طرح الاقطاب أسماء توافقية لرئاسة الجمهورية”.
2- لفت قول الرئيس أمين الجميل بعد لقائه عون في الرابية “إن النائب سليمان فرنجية يشكل ضمانة على الصعيدين الوطني و المسيحي، وإذا استطعنا أن نتوصل الى برنامج مشترك وحلول مشتركة فذلك يسهل قضية الانتخاب”.
ولاحقا كشف الجميل أنه اقترح خلال اللقاء على عون أن يجتمع الأقطاب الموارنة الأربعة “لإعداد ورقة مشتركة يتم من خلالها وضع مشروع مشترك، وأي مرشح يتبنى هذا المشروع فأهلا وسهلا به ننزل جميعا لانتخابه في المجلس النيابي”، وعن جواب عون على الاقتراح، قال: “لم يجب”.
وإذ نفى أن يكون قد طرح أي مرشح بديل للرئاسة مع عون، أوضح الجميل أنه ركز خلال لقاء الرابية على “ضرورة تحمل القيادات المسيحية المسؤولية وعدم التهرب منها لأن الوضع الإقليمي متفجر والعالم كله يتدخل في المنطقة و”داعش” على الأبواب ولا بد من وضع لبنان فوق كل اعتبار”، وأضاف: “قلت للجنرال يجب أن نجلس مع بعضنا بعضا ونحل مشاكلنا، علينا أن نقوم بنقد ذاتي ولا يجوز تحميل المسؤولية لغيرنا فنحن لنا دورنا ولا نقوم بواجبنا كما يجب، فلنتفق ونجد حلا لأن استمرار الوضع على ما هو عليه أمر غير مقبول”.
(تقول مصادر إن الجميل لم يسقط من حسابه احتمال أن يكون مرشح التسوية ضمن الأقطاب الأربعة، على أنقاض ترشيحات عون وفرنجية وجعجع).
3- أكدت مصادر بارزة في القوات اللبنانية أن رئيس حزب القوات اللبنانية د. سمير جعجع “يبدي أمام زواره وخلال الاجتماعات التي يعقدها في معراب ارتياحه الى الأفق المسدود الذي وصلت اليه تسوية انتخاب فرنجية، حيث انها فرملت وتوقفت، ويعود ذلك الى عوامل عدة، أبرزها رفض “القوات” الحازم لهذه التسوية، والتنسيق وصلابة الموقف بين “القوات” والتيار الوطني الحر والذي لم يعد أحد قادرا على تجاوزه، لا يعني سقوطها أو الانتهاء منها لأن العاملين على خطها سيعاودون نشاطهم”.
وشددت المصادر على أنه “في حال تحركت التسوية مجددا فإن جعجع سيكون في المرصاد وسيواجهها، وستكون هناك خطوات مفاجئة”.
ولم تستبعد المصادر أن “يكون من بين هذه الخطوات لجوء جعجع الى ترشيح عون إذا وقعت المفاضلة بين فرنجية وعون”.
ولكن مصادر مطلعة كشفت أن تفاهما قد تم التوصل إليه من دون أي اتصال مباشر بين الرئيس سعد الحريري وجعجع قضى بأن يجمد الحريري خطواته في اتجاه ترشيح فرنجية، فيما تعهد جعجع بفرملة خطواته التي كان يمكن أن تؤدي الى ترشيح عون، على أن تتواصل اللقاءات التي يقودها سعاة الخير من أصدقاء الطرفين.
4- شددت مصادر قيادية في التيار الوطني الحر على أن هناك فارقا بين أن يعلن عون عن انسحابه مفسحا في المجال أمام فرنجية، وبين أن يتجاوز الحريري ترشيح عون ويحاول فرض اسم آخر عبر التهويل بـ “عضلات” تسوية خارجية مفترضة، لافتة الانتباه الى أن من يعتمد سياسة التهويل يغفل أن عون كان قد أكد أنه مستمر في معركته حتى النهاية، حتى لو سقط شهيدا سياسيا.
واعتبرت المصادر أن تسمية طرح الحريري بالتسوية “خطأ شائع”، مشيرة الى أن هناك من يتعمد الترويج لهذا الخطأ من أجل الإيحاء بأن هناك قرارا دوليا إقليميا كبيرا غير قابل للاستئناف بانتخاب فرنجية، وذلك للضغط على المعارضين وإشعارهم بعبثية التصدي للإرادة الخارجية.
و(بدت لافتة أمس اللغة التي استخدمها بيان اجتماع تكتل التغيير والإصلاح، لناحية تشديده على أن فرنجية هو عضو في التكتل، وأن كل القضايا المطروحة بشأن ترشيحه تناقش في “البيت الواحد”، فضلا عن ترحيب البيان بما قاله فرنجية عن أن عون لايزال المرشح الرئاسي لـ “خطه الاستراتيجي”).