سلوى بعلبكي
عندما قرر مجلس شورى الدولة في حكمه الذي صدر قبل اشهر قليلة إبطال قرار وزير الاتصالات بطرس حرب بإبعاد شركة “اوراسكوم” عن المشاركة في مناقصة إدارة شركتي الخليوي، لم يكن يدرك أنه بهذا الحكم سوف يعطي بعض القوى السياسية في لبنان سلاحاً يسمح في إجهاض عملية المناقصة برمتها. إذ ان حكم مجلس الشورى جعل من “اوراسكوم” حصان طروادة الذي اعتلى “التيار الوطني الحر” صهوته لإفشال العملية.
ماذا في التفاصيل؟
الثانية عشرة ظهر اول من أمس، كان الموعد النهائي لتقديم العروض المالية والمستندات الاستكمالية لملف الشركات المشاركة في مناقصة إدارة الخليوي. إذ كان من المفترض وفق ما صدر سابقا عن وزارة الاتصالات ان تشارك الشركات الآتية: “فودافون” الإنكليزية، Turk Telecom التركية، “ماليزيا تيليكوم”، “أورانج” الفرنسية، “أم تي سي” الكويتية، و”اوراسكوم” المصرية بعدما كانت قد استبعدت في بداية أيلول المنصرم بحجة انها تقدمت خارج المهلة الزمنية، ثم ما لبث أن حكم مجلس شورى الدولة لها بعكس ذلك. غير ان ثلاث شركات قررت عدم الاستمرار بالمشاركة ولم تتقدم ببقية مستنداتها وهي “فودافون” وTurk Telecom و”ماليزيا تيليكوم”، في حين قررت “أورانج” وأم تي سي” و”اوراسكوم” الاستمرار بها. وتبعاً لذلك، أرسلت شركتا “أورانج” و”أم تي سي” عروضهما المالية وكل المستندات المكمّلة لعرضيهما منذ أيام الى إدارة المناقصات، في حين تريّثت “اوراسكوم” عن قصد، للافادة من المهل القانونية حتى اللحظة الاخيرة. وعندما تبين لها، من خلال تواطؤ بعض المعنيين المشاركين في إدارة هذا الملف، ان هناك ثلاث شركات لم تشارك، أبلغت إدارة المناقصات في آخر دقيقة انها لا ترغب في الاستمرار بالمناقصة ولن ترسل عرضها المالي، ولم يبق تاليا الا عرضا “اورانج” الفرنسية و”ام تي سي” الكويتية لإدارة الشبكيتن بما يعني غياب عامل المنافسة، وافشال عملية المناقصة التي انطلقت مع بداية حكومة الرئيس سلام ووزارة حرب قبل أكثر من 12 شهرا. وبعد وصول الوفد الفرنسي المؤلف من اربعة اشخاص فجر أمس، والوفد الكويتي الذي يضم 7 اشخاص، وفريق وزارة الاتصالات (5 أشخاص) الى مبنى إدارة المناقصات عند التاسعة صباحا لفض العروض المالية والمستندات الاستكمالية المرفقة، في حضور مدير إدارة المناقصات جان علية وممثلي الوزارات المعنية، أعلمتهم إدارة المناقصات بعدم إمكان فتح العروض المالية لسببين: الأول يعود الى عدم توافر عنصر المنافسة بعدما انحصرت بعرضين لإدارة الشركتين، بما يعني حكما إما فوز كل واحد منهما بإدارة احدى الشركتين او فوز أحدهما بإدارة الشركتين، وفي كلا الحالين المنافسة غائبة. والسبب الثاني هو الكتاب الذي وصل الى إدارة المناقصات اول من أمس من وزير الاقتصاد آلان حكيم، يطلب فيه توضيح العلاقة الملتبسة بين “أورانج” الفرنسية وإسرائيل، علما أن مكتب مقاطعة إسرائيل في لبنان كان قد توجه بهذا السؤال الى وزير الاقتصاد قبل أكثر من شهرين، وهو اي وزير الاقتصاد لم يرسله الى إدارة المناقصات الا قبل يوم واحد من تاريخ فض العروض، الامر الذي بقي مدعاة تساؤل لدى المعنيين بالملف.
أمام هذا الواقع، أبلغت إدارة المناقصات الحاضرين، انها نظراً الى انتفاء عنصر المنافسة الذي هو عنصر اساسي في هذه المناقصة، سوف تختم المحضر على هذا النحو، وتعيد الملف بكامله الى وزارة الاتصالات لتعيده بدورها ضمن القناة الرسمية الى مجلس الوزراء.
أما وقد فشلت مناقصة الخليوي، ثمة سؤال عما تحمله الايام المقبلة في هذا الملف؟ يؤكد المطلعون على الملف أنه لم يبق أمام حرب الا اعادته الى مجلس الوزراء لإطلاعه على فشل المناقصة، وربما يعطي مهلة إضافية لإعادة عملية المناقصة الى بدايتها. أما من الناحية الإجرائية، فإنه سيتم التجديد مجددا لشركتي “ألفا” و”تاتش” للاستمرار في ادارة القطاع شهرا بعد شهر، إلا في حال قلب حرب الطاولة على الجميع من خلال تكليف مسؤولين من الفريق العامل معه بإدارة القطاع في تجربة تشبه التجربة التي قام بها الوزير جبران باسيل بداية 2009 عند انتهاء العقد مع الشركة الألمانية “فال ديتيكوم” الألمانية.
نجحت “أوراسكوم” ومديرها العام في لبنان مروان حايك، في اطلاق رصاصة الرحمة على مناقصة حرب في الدقيقة الأخيرة من مسار هذه العملية، علما أنه باح مرات عدة في مجالسه الخاصة بأنه لن يكون “الستار” الذي يغطي عورة هذه “المناقصة”. وتتوافق هذه النتيجة مع مشيئة “التيار الوطني الحر” وارادته، كونه غير راض عن تغيير شركة “أوراسكوم” في ادارة شبكة “الفا”.
في التفاصيل العملية الاخرى، أظهر وفد شركة “أورانج” الفرنسية استياءه الشديد لعدم إبلاغه بضرورة توضيح علاقته بإسرائيل قبل مجيئه الى لبنان، ورأى في استدعائه الى لبنان مضيعة للوقت لا سبب لها. وقد أبلغ ذلك رسمياً الى وزير الاتصالات في اجتماع طارئ عقد في مكتب حرب أمس، ان الشركة الفرنسية كانت قد أرسلت منذ مدة ليست بعيدة ملفاً كاملاً عن الموضوع الى الوزارة.