نقلت “بلومبرغ” مؤخراً عن مصادر في قطاع الطاقة، أن هناك مفاوضات جارية بين شركة (Petronet LNG Ltd)، أكبر شركة هندية مستوردة للغاز الطبيعي، وشركة (RasGas Co.) القطرية، للعمل على صيغة تسعير جديدة لعقد الغاز الموقع بين الجانبين لمدة 25 عاماً.
وستعتمد التسعيرة المعدلة على متوسط سعر النفط كل 3 شهور، بدلاً من متوسط السعر كل 5 سنوات، كما سترتبط بخام برنت بدلاً من مجموعة متنوعة من النفط الخام المستورد من اليابان (المعروفة باسم كوكتيل الخام الياباني) التي استخدمت تقليدياً في عقود الغاز الطبيعي المسال في منطقة آسيا والمحيط الهادئ لسنوات. وهذا من شأنه أن يخفض قيمة العقد للغاز الطبيعي المسال المدفوعة من قبل شركة (Petronet ) فوراً، وبنحو 50٪ بدءاً من الشهر المقبل.
وللوهلة الأولى، قد يبدو هذا الخبر غير مهم. لكن عند تأمله بشكل أكثر، فإن له أثراً عميقاً ويدل على تحول جذري في أسواق الغاز الطبيعي المسال، بعد فترة من الإمدادات المحدودة والأسعار الباهظة (2011 – 2014) وهي المرحلة التي جاءت بعد كارثة فوكوشيما النووية في مارس/ آذار 2011، وما تبعها من إغلاق لجميع المفاعلات النووية في اليابان، واعتماد هذه الدولة المفرط على الغاز المسال لتعويض طاقة توليد الكهرباء بمعزل عن الطاقة النووية.
وخلال تلك الفترة، كانت أكبر الجهات المستوردة للغاز المسال في العالم، لاسيما في اليابان وكوريا الجنوبية، تحت رحمة المنتجين. فقد تخطت الأسعار الفورية للوقود “فائق البرودة” حاجز 20 دولار عن كل مليون وحدة حرارية بريطانية في أوائل عام 2014، في الوقت الذي استفاد فيه المنتجون من عقود طويلة الأجل وفق أسعار النفط الخام.
لكن في ضوء الانخفاض الأخير بنحو 60٪ منذ فبراير 2014 والوفرة المستمرة للإمدادات ودخول أستراليا وأميركا إلى أسواق الغاز الطبيعي المسال في العالم، فإنه من السهل أن نفهم لماذا يحاول المنتجون جني أكبر قدر ممكن من الأرباح. وقد تنعكس الأدوار الآن، ليصبح المنتجون تحت رحمة المشترين، ومن هنا جاءت أهمية المفاوضات الحاصلة بين شركتي (RasGas) و(Petronet).
فيما سيستمر هذا النوع من التطور، إذ إن المزيد من المشترين ممن يستفيدون من اتفاقيات شراء طويلة الأجل تمتد لـ20 و25 عاماً، سيبدؤون إعادة التفاوض على أسعار أفضل وبشروط أكثر مرونة من قبل، مثل: “الوجهة غير المفضلة” التي لا تسمح للمشترين من إعادة بيع الشحنات.
كما أصبح مشترو الغاز المسال تجاراً الآن، وسوق الغاز الطبيعي المسال التي لم تحظَ باهتمام مماثل في الماضي ستتطور إلى مستويات أخرى، كانت في الماضي حكراً على سلع عالمية مثل النفط وخام الحديد. ويفيد بعض المسؤولين والخبراء، كوزير النفط الإيراني بيجان زنكنه، أن عقود الغاز الطبيعي المسال طويلة الأجل وذات التسعيرة الثابتة ستنتهي. إلا أن هذه الأمر يبدو بعيد المنال.
مع ذلك، ينبغي على المشترين ألا يكونوا جشعين بشأن ذلك كله، لأنه من المرجح بعد عام 2020 أن تنعكس الأدوار مرة أخرى لصالح المنتجين. ففي الوقت الذي من المرجح أن تنخفض فيه الأسعار إلى أدنى مستوى لها في عام 2016، لتصل إلى حوالي 4 دولارات عن كل وحدة، فإن الاستثمارات في المشاريع الجديدة ستتوقف تماماً، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى توقف الإنتاج. ومع تناقص الإنتاج وازدياد الطلب على الغاز الطبيعي المسال على المدى الطويل، فإن الأسواق ستعاود التأرجح لكن في الاتجاه المعاكس. أما الآن، فما على مشتري الغاز الطبيعي المسال سوى التنعم بزيادة الإمدادات وانخفاض الأسعار قبل تغير الحال كلياً.