Site icon IMLebanon

أين الخطأ في تسويق تسوية ترشيح فرنجيه ؟

saad-hariri2

كتب رضوان عقيل في صحيفة “النهار”:

خفتت في اليومين الأخيرين الضجة التي أحدثها الرئيس سعد الحريري بترشيحه النائب سليمان فرنجيه لرئاسة الجمهورية، ليس لاسباب تخص الرجلين فقط، بل لجملة عوامل محلية وخارجية غير متاحة حتى الآن لانجاز هذا الاستحقاق المعطل الذي يبدو أن ايامه ستطول. ولا يمنع هذا الامر مراقبين للتسوية الاخيرة من القول ان النافذة الاقليمية والدولية لم تشرع بعد امام الانتخابات الرئاسية، على الرغم من كل ما رافقها في الاسابيع الثلاثة الاخيرة، منذ ان استقل فرنجيه الطائرة الى باريس.

اين أخطأ الحريري وفرنجيه؟ يشغل هذا السؤال الكثيرين من الذين يأملون في وصول الرجلين الى الرئاسة والحكومة، الا ان اصحاب العقول الباردة والمراقبة لمسار الترشيح يعتقدون ان الحريري لم يبلور فكرته جيداً ولم يبحث فيها اولاً مع الحلقة الرئيسة في “تيار المستقبل”. وجاء ترشيحه لفرنجيه بمثابة الصاعقة التي فاجأت الرئيس فؤاد السنيورة وعددا من الوزراء والصقور في هذا الفريق. وثمة من يعتقد انه كان على الحريري اولاً ان يطرح الترشيح داخل “بيته” قبل ان يفاتح فرنجيه في الامر.

وكان لافتا أن الحريري لم يفعل الامر نفسه مع حليفه الاول في 14 آذار سمير جعجع . ولا يعني هذا الكلام ان الاخير كان سيوافق على ترشيح خصمه. وجاءت محاولة الحريري على صورة صخرة تدحرجت من فوق على معراب التي تعاين الاستحقاق الرئاسي جيدا وتخضعه للعناية المطلوبة. ومنذ الدقيقة الاولى لتبلغها هذا الترشيح استنفرت على اكثر من جبهة ومن دون ضجيج.

واستندت الى حساسية العماد ميشال عون حيال هذا الملف واللعب على جملة من المتناقضات بين الجنرال وحليفه فرنجيه، وان كانا ضمن فريق 8 آذار الذي يجمعهما منذ اعوام عدة، ويشكل حليفهما “حزب الله” عصب هذا الحلف وحارسه الأمين من العواصف التي تهب عليه من مختلف الجهات.

وكان جعجع قد استغل “اعلان النيات” الذي ابرمه وعون. ولوح نواب في “القوات اللبنانية” بترشيح عون اذا سارت تسوية فرنجيه الى نهايتها، الا انها تفرملت من دون الوصول في الوقت نفسه الى الحسم بأن فرصة فرنجيه ضاعت. وعن امكان قبول جعجع بترشيح عون، يحسم مراقبون ان هذا الامر لن يحصل وان “القوات” لن تقدم على هذه الخطوة.

ومن العلامات التي يتوقف عندها كثيرون ان جعجع استفاد جيداً من تفاهمه وعون وقطف ثماره في الشارع المسيحي، وبدا في موقع المدرك والمستفيد من نتائج ” اعلان النيات”. واستغله الى الدرجة القصوى في التصدي لترشيح فرنجيه، ولا سيما ان كل المؤشرات تؤكد انهما لا يريدان وصوله الى رئاسة الجمهورية لاسباب تتعلق بكل واحد منهما.

وعلى خط فرنجيه، ثمة من لاحظ انه لم يحسن التعامل مع ترشيحه، وانه كان عليه، قبل السفر الى باريس، التشاور مع حليفه عون او على الاقل إطلاعه على الاجواء، ولا سيما ان الجنرال درج على القول في اكثر من مرة انه ينظر الى سليمان على اساس انه ابن له. وعندما عاد الجنرال الى لبنان في 2005 وقف في وجه كل الاصوات التي تطاولت على فرنجيه ابان الانسحاب السوري من لبنان.

بعد هذه الازمة المستجدة بين عون وفرنجيه، على الرغم من لقائهما امس، سيظهر في الايام المقبلة أن الحريري سيكون في مقدم المتضررين، وستطول فترة غيابه عن بيروت أكثر الى حين انبلاج فجر تسوية ترعاها الدول المعنية لانتخاب رئيس، بعدما ثبت ان اللاعبين المحليين لا يمكنهم بأنفسهم اتمام مباراة من هذا النوع.

ما حصل حتى الان على لسان سياسي عتيق هو تسوية لم تكتمل مواصفاتها بعد. وسينتظر اللبنانيون اكثر لرؤية رئيس لهم في قصر بعبدا.