Site icon IMLebanon

أموال المضمونين غنائم يتقاسمها مديرو الضمان لرفع رواتبهم المنتفخة أصلاً

NSSFDaman

سلوى بعلبكي

ماذا يجري في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي؟ وما هو مصير أموال المضمونين في ظل الهجمة الشرسة من المؤتمنين عليه لزيادة رواتبهم على نحو ستكون له انعكاسات خطيرة على التوازن المالي للصندوق.

ينص قانون الضمان الاجتماعي على أن “المدير العام يعدّ ويرفع الى مجلس الادارة كل المستندات والمشاريع اللازمة للقرارات التي يجب أن يتخذها المجلس”. إن هذا الموجب القانوني (المادة 5 من القانون)، يفرض على المدير العام أن يعد المشاريع وفقاً للأحكام القانونية النافذة، وأن يقدم الاسباب الموجبة لاتخاذ القرار مع كل المستندات والاحصاءات التي ينبغي للمجلس أن يطلع عليها ليكون على بيّنة من صحة القرار وملاءته. مناسبة هذا الكلام الذي أورده أحد أعضاء مجلس ادارة الضمان لـ “النهار” أن المدير العام رفع الى المجلس مشروع قرار يقضي بإعطاء موظفي الصندوق الذين يتركون العمل بسبب بلوغ السن القانونية أو نتيجة العجز أو الوفاة منحة مدرسية عن اولادهم من دون ان يرفق كتابه بالاحصاءات اللازمة لتحديد الكلفة المالية، فطلب المجلس ايداعه الدراسة المالية اللازمة. وفي الجلسة اللاحقة للمجلس، اكتفى المدير العام بمداخلة أكد فيها ما ذكره أحد اعضاء الادارة بأن عدد الاشخاص الذين سيفيدون من هذا النظام لا يتجاوز الاربعة أو الخمسة، وأن الكلفة المالية زهيدة، فتمت الموافقة على الافادة. ولكن عندما رفع كتابه القاضي بفتح الاعتماد لتغطية النفقة التي نتجت من تنفيذ القرار بمبلغ مليار ليرة متوجبة لـ38 شخصاً، اعترض بعض اعضاء المجلس على ما اعتبروه فخاً وقعوا فيه، فسقط القرار.
كذلك أعد المدير العام مشروع قرار رفعه الى مجلس الادارة ويقضي بالموافقة على طلب نقابة موظفي الصندوق الرامي الى اعتبار تعويض نهاية الخدمة المقبوض بعد 20 سنة خدمة سلفة على التعويض النهائي، على ان يطبق على الموظفين حالياً. وقد ارفق المشروع بأسماء الموظفين أصحاب العلاقة، وبتقدير مالي للنفقة بلغ 55 مليار ليرة. وفي حين لا يزال الموضوع في عهدة مجلس الادارة، سجل عضو في مجلس الادارة لـ”النهار” الملاحظات الآتية:
– إن الهيئة العامة لمحاكم التمييز وبقرارها رقم 22/2015 وحّدت الاجتهاد في شأن قضية اعتبار التعويض الجزئي بمثابة سلفة، وقررت “اعتبار تعويض نهاية الخدمة المقبوض من المستخدم عند اكماله 20 سنة خدمة سنداً لأحكام المادة 60/1 من قانون الضمان تعويضا نهائيا عن السنوات العشرين المذكورة، وليس سلفة على حساب التعويض النهائي”. ان هذا القرار وبنصه الواضح يكون أقفل ابواب الاجتهادات القضائية والادارية في تفسير المادة 50/1 أ من قانون الضمان. وتاليا يكون المدير العام قد ضرب بعرض الحائط قرار هيئة التمييز، ومهّد للمجلس بأن يتخذ قراراً مخالفاً للقانون.
– ان الاقرار بحق فئة من المستخدمين المحددين في القرار، سينشىء حقاً للموظفين الآخرين الذين سبق ان صفّوا تعويضاتهم، او الذين سيصفّونها في المستقبل، وسيؤدي هذا الامر الى الاعتراف بحقهم وتكبيد موازنة الصندوق اعباء بمئات المليارات في مؤسسة راتب الدرجة الدنيا فيها مليون و300 الف ليرة (الرواتب على 15 شهراً)، وتزاد 5% سنوياً وتمنح مستخدميها مكافأة تعويض نهاية الخدمة مقدارها 25 شهراً. ونترك للاكتواريين تقدير النتائج السلبية على مالية الصندوق وانعكاس هذا القرار على المضمونين في لبنان ومؤسسات القطاع الخاص.
وإرضاء لرئيس اللجنة الفنية، رفع المدير العام الى مجلس الادارة اقتراحين بزيادة مبلغ 12 مليون ليرة لعقدي تشغيل، الاول للدراسات الاكتوارية والثاني للترجمة والتعريب، من دون ان يرفق الاعمال التي تمت خلال العام الماضي، ومن دون ان يراعي أحكام المادة 124 من النظام التي نظمت بموجبها عقود التشغيل بالاساس، ورفع كتابا آخر بزيادة مليوني ليرة لمتعاقدة خلافاً لأحكام العقد الذي تنص مادته الثانية على: “(…) يطبق في شأنه كل ما لا يتعارض مع احكام هذا العقد، الاحكام الواردة في نظام المستخدمين في الصندوق، في ما يتعلق بالواجبات والحقوق ودوام العمل والاجازات والتقديمات الاجتماعية”. وقد تبين من خلال كتب عرضت على بعض اعضاء مجلس الادارة وعبر رسالة الكترونية صادرة عن نائب رئيس المجلس ان الهدف هو استدراج مجلس الادارة لتعديل سلسلة الرتب والرواتب. فنائب رئيس مجلس الادارة وخلافا لكل الانظمة والاعراف، اتخذ مبادرة شخصية لتأمين تواقيع اعضاء في مجلس الادارة، على كتب تطالب المجلس بزيادة راتب مدير متعاقد في الصندوق بمبلغ مليوني ليرة شهرياً، وتوفير زيادة في الراتب لكل من المدير العام ورئيس اللجنة الفنية بقيمة 3 ملايين ليرة شهرياً، كما طلب من المدير العام أن يقدم بدوره اقتراحا بالموافقة على زيادة رواتب مديري الصندوق بمبلغ مليون ليرة شهريا. وورد هذا الاقتراح ضمن رسالة الكترونية مرسلة الى المدير العام يقول فيها: “سنؤمن تواقيع على عرض لزيادة للسيدة “ج” مليوني ليرة، وللمدير العام ورئيس اللجنة الفنية: 3 ملايين ليرة، وبعد اقتراحك وموافقتك زيادة مليون ليرة شهريا لكل المديرين الموجودين في الصندوق… هيك بتكون (ج) عم تاخد مليون ليرة مع المديرين ومليون زيادة لأنها متعاقدة”.
وينتقد عضو مجلس الادارة اقتراح نائب الرئيس الذي يمثل اصحاب العمل، ويسأل عبر “النهار”: “هل أموال الصندوق هي ملكه لكي يقترح توزيعها كما يحلو له؟”، مشيراً الى أن الأخير قال في آخر رسالته الالكترونية: “موازنة انفاق 1000 مليار ليرة هي بتصرف الادارة والمديرين والمدير العام ورئيس اللجنة الفنية… وبيستاهلوا أكتر بدون جميلة حدا”.
ليس خافيا أن مثل هذا الاقتراح الخطير سيفتح الباب أمام كل الموظفين للمطالبة بتصحيح رواتبهم اسوة بـزملائهم في “المراكز العليا”، بما سيكلف الصندوق أموالا باهظة لا يمكن أن تتحملها “مؤسسة اجتماعية لا تبغي الربح وأموالها هي أموال للمضمونين!”.