شدد الرئيس التنفيذي لمؤسسة رينيه معوض، ميشال معوض، على انه من المستحيل ان يتم الإنماء الحقيقي في لبنان إلا عبر اعتماد اللامركزية الموسعة التي نصّ عليها الدستور، وإعطاء البلديات صلاحيات وامكانات أوسع. ولفت إلى ان الحل في لبنان يكون باستلام البلديات والسلطات المحلية زمام الامور إنمائيا، فيما السلطات المركزية تضع المعايير، وتراقب وتدعم، وكل الباقي لف ودوران وفشل وشلل وسرقة.
كلام معوض جاء خلال حفل الاعلان عن مشاريع البلديات الانمائية المحلية الجديدة التي سيدعمها برنامج بلدي لبناء التحالفات للتقدم، التنمية، والاستثمار الممول من الوكالة الاميركية للتنمية الدولية USAID بالتعاون مع مؤسسة رينه معوض وكاريتاس لبنان في فندق لورويال ضبيه. ويأتي هذا الاعلان بمثابة متابعة للدعوة الثانية من برنامج “بلدي” لتمويل مشاريع التنمية البلدية في كانون الثاني 2015، ما يمهد الطريق لأكبر عدد من البلديات لتقديم المشاريع التي تستجيب لاحتياجات مجتمعهم.
وقال: “نجتمع اليوم لإطلاق المرحلة الثانية من برنامج “بلدي”، نجتمع لإعلان أسماء الـ42 مشروعاً التي تمّ اختيارها بعد مسار من التنافس الايجابي ـ تنافس على الإنماء بين أكثر من 160 بلدية من كل المناطق اللبنانية”.
وثمن معوض: “جهود كل البلديات التي شاركت معنا في هذا المسار وأخصّ البلديات التي لم يتم اختيار مشروعها لأقول: حتى لو لم يتم اختيار مشروعكم هذه المرّة، يبقى أنّه بمجرد مشاركتكم في هذه المنافسة الصعبة، ربحتم خبرة مهمة في كيفية دراسة وتقديم المشاريع وفي كيفية التعاطي مع المؤسسات المانحة الدولية… أي قد يكون “ما طلعلكن سمكة هذه المرة انما تعلّمتم كيف تتصيّدون”، وهذا سيسمح لكم حكما، عاجلا أم آجلا، ان تستقطبوا التمويل اللازم لتنفيذ مشاريعكم وانماء قراكم وبلداتكم، وطبعا مؤسسة رينه معوض ستبقى إلى جانبكم بخبراتا وعلاقاتنا وامكاناتنا”.
وتابع: “اليوم يتم التأكيد على الشراكة الناجحة والفعّالة بين ثلاثية السلطات المحليةـ بلديات وجمعيات محلية ـ من جهة، وبين مؤسسات المجتمع المدني غير الحكومية كمؤسسة رينه معوض وكاريتاس لبنان من جهة ثانية، وبين المؤسسات الدولية المانحة المتجسدة بالوكالة الأميركية للتنمية USAID من جهة ثالثة”.
كما شكر معوض الـUSAID وعبرها الشعب الأميركي لتمويلهم هذا المشروع ـ مشروع “بلدي” ـ. شكرا لثقتكم بمستقبل لبنان ولإصراركم على المساهمة في تمكين السلطات المحلية وعلى الاستثمار بالتنمية المستدامة في لبنان”.
وأضاف: “اليوم نجدّد ايمانّا بضرورة الارتكاز على السلطات المحلية وعلى رأسها البلديات لانماء مدننا ومناطقنا وبلداتنا. خبرة المرحلة الأولى من مشروع “بلدي”، والتي ننجز فيها 17 مشروعا بالتعاون مع 36 بلدية و43 منظمة محلية، أثبتت أن السلطات المحلية هي الأدرى بحاجات مناطقها، وأنّ الاستثمار في البلديات هو الخيار الرابح انمائياً”.
تابع معوض: “نعم لقد أثبتنا أن البلديات والسلطات المحلية قادرة. وغير صحيح أنها غير قادرة!!! هي القادرة على تحقيق إلانماء في مناطقها، إنماء متوازن على مساحة الوطن، انما المطلوب تمكينها قانونيا بتطوير قوانينها، والمطلوب الاستثمار مواكبة وتدريبا”.
واضاف: “كم يكلّف تمكين وتدريب 1050 بلدية في لبنان بالمقارنة مع المليارات التي تصرف كل سنة على الهدر والفساد ولا تزال النفايات تطمرنا ولا زلنا بلا كهرباء وبلا ماء وبلا بنية تحتية محترمة… وبلا إنماء”.
وأكد معوض أن الإنماء الحقيقي في لبنان من المستحيل ان يتم إلا عبر اعتماد اللامركزية الموسعة التي نصّ عليها الدستور، وإعطاء البلديات صلاحيات وامكانات أوسع للاهتمام بأهل مناطقهم، بعد أن رأينا الشلل والفساد والتخلّف الذي يضرب النظام المركزي في بلدنا، والذي يسبّب كل هذا الحرمان وغياب الإنماء عن المناطق البعيدة عن العاصمة، مشيرا الى انه في بيروت “الصرخة كبيرة فماذا تركنا للمناطق”؟
وتابع: “اليوم نجدد ايماننا بالانسان وبالكرامة الانسانية. نعم الانسان اللبناني من دون أي تمييز سياسي أو حزبي أو طائفي أو مناطقي، لأن المواطنة هي التي تجمعنا مهما كانت انتماءاتنا. هدفنا في مؤسسة رينه معوض خدمة الانسان وتنمية قدراته ومهاراته، وتثبيته في أرضه. وطننا ليس فندقاً، بل وطننا هو انتماء بالدرجة الأولى، وهذا الانتماء وهذا الإيمان الذي لدينا في لبنان يدفعنا أكثر وأكثر لتنفيذ مشاريع في كل المناطق كي نكون نضيء شمعة للمواطن اللبناني في عتمة الفساد وتقصير الدولة ومؤسساتها”.
وأكد أنه “إذا أردنا أن نبني وطنا، علينا أن نبني مواطنا”. وبناء المواطن الصالح يبدأ من الحلقة الضيقة: بيته وعائلته وضيعته أو مدينته. من هنا عملنا في مؤسسة رينه معوض وتعاوننا مع البلديات والمؤسسات المانحة للقيام بمشاريع ذات منفعة عامة ليس له فقط بعد إنمائي، انما يهدف أيضا لحثّ المواطن اللبناني كي يصبح مسؤولا عن بناء مجتمعه الصغير، ويكون حريصا فيه على المصلحة العامة ـ وليس المصلحة الخاصة على حساب المصلة العامة، ويتعلم أن يشارك ويحاسب في إطار السلطات المحلية، كي يصبح قادرا” على القيام بواجباته أكثر ويحاسب ويطالب بحقوقه على الصعيد الوطني”. وختم معوض: “هكذا نبني معاً لبنان الجديد.”
وقد جرى الحفل بحضور القائم بأعمال السفارة الاميركية في لبنان السفير ريتشارد جونز، مديرة الوكالة الاميركية للتنمية الدولية في لبنان كارولين بريان، الوزيرة السابقة نايلة معوض، رئيس رابطة كاريتاس لبنان الأب بول كرم، الرئيس التنفيذي لمؤسسة رينه معوّض ميشال معوّض، وممثلين عن البلديات واتحادات البلديات والمخاتير من جميع أنحاء لبنان.
ومن جهته، أشار جونز الى أن 42 مشروعا تنمويا جديدا تقودها البلديات المحلية سوف تتلقى مساعدات عينية من خلال برنامج “بلدي” لبناء التحالفات للتقدم، التنمية والاستثمار المحلي الممول من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ويساعد برنامج “بلدي” البلديات من خلال تقديم منح تنافسية ومساعدات تقنية لتنفيذ أنشطة تنموية تحظى بدفع من المجتمع المحلي في لبنان. ويعزز هذا الدعم قدرة البلديات على معالجة الاحتياجات الإنمائية الطويلة الامد.
ونوه السفير الأميركي بإحتراف وتفاني شركائنا، مؤسسة رينيه معوض وكاريتاس لبنان وشركائهم لأنهم يساهمون في ضمان التعاون الفعال بين البلديات والمجتمعات فيما يعملون على تصميم وتنفيذ الأنشطة التي تعزز الاقتصاد المحلي وتحسَّن سبل العيش.
وشدد جونز على أن الأنشطة التي يتم إطلاقها اليوم سوف تعمل على توسيع دعم أميركا للمجتمعات المحلية وتعميق التزامنا باستقرار لبنان وازدهاره.
وقال: “على مدى السنوات الخمس الماضية، استثمرت الحكومة الأميركية من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية 166 مليون دولار في مشاريع النمو الاقتصادي الهادف في مجال المياه، والصرف الصحي، وإعادة التشجير، والزراعة، والتمويل الصغير، ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والحكم الرشيد. كما أن مشروع “بلدي”، بقيمة 25.9 مليون دولار الممتد لخمس سنوات، سوف يستمر حتى العام 2017 “.
وتابع: “حتى تاريخه، ساهم برنامج “بلدي” بأكثر من 3.6 مليون دولار في أنشطة تنموية محلية تقودها البلديات. وقد استفاد أكثر من مائة ألف شخص مباشرة من هذه الانشطة، ونحن سعداء حقا بأن نرى البلديات تعمل بقوة على انخراط مواطنيها في النقاش من أجل تحقيق أكبر قدر من التأثير”.
واعلن رئيس كاريتاس الأب بول كرم ان لبنان البلد الصغير المساحة ولكن الكبير بقيمه وحضارته وتاريخه، والغني بمبادراته لا يتوانى أبدا” في القيام بأي مبادرة، تقود الى بناء الانسان وتطويره كي يبقى رائداً، خلوقاً”.
وتابع: “رغم كل التحديات والتدخلات والسياسات التي تحاك خارج أرضنا، ستبقى كاريتاس لبنان تقوم برسالتها وواجباتها لصون كرامة الشخص البشري المجروح بكرامته وسيادته وحقوقه، فعملنا فعل قبل أن يكون قولا، وفريق عملنا الغيور والناشط”.
وبعد أن عرض للمشاريع التي نفذتها كاريتاس أكد أن الهدف منها تحفيز البلديات، والمجتمع المحلي بغية تعزيز المزيد من المبادرات للتنمية الريفية، والسياحية والاجتماعية. كما وعلى البلديات مسؤولية كبرى في مواصلة العمل لما بعد المشروع فتتأمن الاستمرارية بهدف تطوير المجتمع المدني وكل العاملين والمتطوعين فيه.”
وتشمل المشاريع الـ42 الجديدة تسعة قطاعات: الصناعات الزراعية، قنوات الري، مياه الشرب، السياحة الريفية، مراكز لريادة الاعمال والتدريب المهني، التعليم العام، الصحة، توليد الكهرباء من خلال الطاقة الشمسية ومراكز رياضية وإجتماعية للشباب.
كما ستساهم هذه المشاريع بمشاركة 92 بلدية وقرية في جميع أنحاء لبنان (أكثر من 8٪ من العدد الإجمالي للبلديات) و77 منظمة غير حكومية محلية، ويتوقع أن تحسن حياة أكثر من 250 الف شخص بحلول نهاية برنامج “بلدي” في عام 2017.
ويهدف برنامج “بلدي” إلى مساعدة البلديات من خلال توفير هبات عينية وتقديم المساعدة التقنية لتنفيذ أنشطة ومشاريع تنموية في لبنان. هذا الدعم نت شأنه أن يعزز قدرة البلديات على معالجة احتياجاتهم الإنمائية الطويلة الأمد. ويتم تنفيذ برنامج “بلدي” في جميع أنحاء لبنان من خلال رابطة كاريتاس لبنان ومؤسسة رينيه معوض. حتى الآن، قام برنامج “بلدي” بتنفيذ 17 مشروعاً في 15 منطقة يبلغ مجموعها 3,6 مليون دولار ويستفيد منها أكثر من 100 الف شخص.
وقد شرحت كل من ناتاشا مارشيليان عن مؤسسة رينه معوض وداليا خوري صادق عن مؤسسة كاريتاس أهداف المشروع كما تمّ عرض وثائقيين لمؤسسة رينه معوض ومؤسسة كاريتاس عن انجازاتهما الانمائية ثم أقيم حفل كوكتيل.