IMLebanon

إشتر منزلاً في قبرص واحصل على إقامة.. أيّها الثري!

cyprusrealestate
حنان حمدان

لم يعد شراء منزل الأحلام في بلد السياحة قبرص أمراً صعباً على الأثرياء. بل أصبح شراؤه مرفقاً بتأشيرة إقامة دائمة تُمنح للمستثمرين الأجانب كهدية مجانية عند شراء عقار بقيمة 300 ألف يورو.

الحصول على الإقامة الدائمة مقابل شراء منزل في قبرص، يأتي ضمن سلة حوافز وتسهيلات تقدمها الحكومة القبرصية منذ العام 2012، حين طرحت برنامج الإقامة الدائمة والجنسية في البلاد. والاقامة تُمنح لكل مستثمر يشتري عقاراً سكنياً بقيمة 300 ألف يورو وما فوق، كما تمنح لزوجته وأولاده حتى بلوغهم سن 18 عاماً أو 25 عاماً في حال ثبت إكمالهم تعليمهم. ويمكن لصاحب الإقامة تأسيس عمل خاص به شرط تواجده مرة على الأقل كل سنتين، كما يستطيع التقدم للحصول على الجنسية بعد خمسة أعوام من حصوله على الإقامة. وسلة الحوافز تتضمن أيضاً تحسين شروط الحصول على الجنسية القبرصية، إذ نص القانون القبرصي مؤخراً على منح المستثمرين في عقار سكني أو عقار غير سكني، الجنسية القبرصية في حال تخطت قيمة العقار خمسة ملايين يورو.
هكذا أصبحت قبرص “فرصة” إستثمارية سانحة، جذبت أنظار المستثمرين الأجانب إليها، ومن ضمنهم لبنانيون، “وازدادت نسبة الطلب اللبناني على إستملاك العقارات هناك بشكل لافت”، وفق ما تؤكده مديرة تسويق شركة sold on syprus البريطانية (صاحبة عدد من المشاريع العقارية في قبرص)، سهى غرزالدين، والتي ترجع هذا الإرتفاع في حديث لـ”المدن” إلى جملة أسباب، أهمها “الأوضاع الأمنية المتقلبة في لبنان، وأسعار الشقق المرتفعة والتي ضاهت أسعار الشقق في قبرص”، لافتة إلى “أن إرتفاع الطلب على الشقق في قبرص لم يهدف بمجمله إلى الحصول على الإقامة الدائمة، إذ لوحظ شراء الشقق التي تقل أسعارها عن 300 ألف يورو”.
علماً أن شراء منزل بقيمة تقل عن 300 ألف يورو، لا يخول صاحبه الحصول على الإقامة الدائمة. وبالتالي، هناك من قصد قبرص بهدف الحصول على منزل وحسب، وهناك أشخاص قد غُرر بهم لشراء عقارات على أساس أنها ستخولهم الحصول على الإقامة أو الجنسية، ثم اكتشفوا لاحقاً أنها تصلح للإستثمار وحسب إذ إن قيمتها لم تتعدَ 300 ألف يورو. وتشير غرزالدين إلى “تعرض العديد من الأشخاص لعمليات بيع وهمية في قبرص، إذ تم بيع العقار لأكثر من شخص في الوقت نفسه، نتيجة للترويج الخاطىء الذي اعتمدته بعض الشركات من أجل تحصيل الأرباح، ووقع في فخه لبنانيون”. وللغاية، تلفت غرزالدين الى أهمية التنبه عند الشراء والتعامل مع جهة موثوقة كي لا يكونوا عرضة لمثل هذه المواقف.
ويشير أحد المستثمرين (الذي قام بشراء منزل بقيمة 80 الف يورو عبر الشركة نفسها) أنه “لم يتمكن من شراء منزل بقيمة 300 الف يورو كي يحصل على الإقامة الدائمة، ورغم ذلك فإن إمتلاكه منزل في قبرص قد يفتح مجالات عديدة أمامه في المستقبل، كإمكانية التنقل بحرية بين الدول الاوروبية إذا ما تم تطبيق قانون حرية الإنتقال داخل الإتحاد الأوروبي (شينغن)”، فيما يؤكد حصول مستثمرين أجانب، لبنانيين وعرب، على الإقامة الدائمة فور تسجيل العقارات التي اشتروها في قبرص.

من جهتها لم تفرض قبرص أماكن محددة للإستثمار، ولكن معظم الإستثمارات تتركز في مناطق لارنكا وبروتاراس، علماً أنّ الأسعار تتفاوت بين المناطق الجبلية والبحرية. وتجدر الإشارة إلى أن الإقامة الدائمة لا تمنح المستثمرين اللبنانيين وغيرهم القدرة على التنقل بين قبرص والدول الأوروبية الأخرى، إذ أن قبرص لم تطبق حتى اليوم قانون حرية الإنتقال داخل دول الإتحاد الأوروبي على الرغم من كونها عضوا فيه.

الحوافز الإستثمارية التي تقدمها قبرص توصف من قبل الاقتصاديين بالجيدة. كما تعرض العديد من البلدان تأشيرة إقامة لجذب المستثمرين الأجانب، مقابل مبالغ مادية كبيرة، كبلجيكا وإسبانيا مثلاً، ولكن ما حقيقة جعل الحصول على هذه التأشيرة سهلاً للغاية في قبرص، وقد يصل حد منح المواطنة كاملة؟
يعتبر الخبير الإقتصادي إيلي يشوعي في حديث لـ”المدن”، أن “من يلجأ إلى هذا النوع من الأساليب لجذب الإستثمار، يعني أنه يرزح تحت أعباء مالية كبيرة، وعليه مستحقات يعجز عن إيفائها، ويهدف من خلال ذلك إلى تحصيل أكبر قدر من العملات الصعبة لسداد الديون والمستحقات المتراكمة عليه”، وبالنسبة ليشوعي فإن “الأمر لا يختلف في قبرص، التي لا تزال ترزح تحت أعباء الأزمة المالية منذ العام 2008، ولديها إستحقاقات لا بد من تسديدها، لاسيما مستحقات خطة الإنقاذ المالي التي قدمها الإتحاد الأوروبي لدعم النظام المصرفي لديها وحمايتها من الإفلاس، بقيمة 10 مليارات يورو”.

في المحصلة، حملت حوافز الحكومة القبرصية اللبنانيين إلى الإستثمار العقاري على نحو لافت في هذا البلد الذي يستقطب نحو مليون سائح سنوياً ويبعد عن لبنان مسافة 20 دقيقة جواً. ولكن هل يمكن أن يكون لتلك الإستثمارات أي تداعيات سلبية على المستثمرين اللبنانيين؟، يؤكد يشوعي أن الأمر “ليس له أي إنعكاس سلبي على المستثمرين، إذ إنه أسلوب تعتمده الحكومات لجذب المستثمرين ولا يكون له أي أثر سلبي مستقبلاً”، علماً أن الحكومة القبرصية ستلجا الى تعديل خطة الإستثمار في الوقت الذي تتعافى فيه من أزمتها المالية”، وعليه فإن خطوة الإستثمار المتاحة راهناً في قبرص تعد “فرصة” أمام بعض اللبنانيين وإن إلى حين.