سام فليمينج وشون دونان
ذبول الطبقة المتوسطة الأمريكية يتشكّل ليصبح واحداً من الموضوعات المُهيمنة في حملة الانتخابات الرئاسية. على اليسار السياسي يتعهّد بيرني ساندرز، المرشّح الديمقراطي، بإعادة بناء الطبقة المتوسطة مع الرعاية الصحية الشاملة، ورفع الحد الأدنى للأجور، والدراسة في الجامعات والكليات الحكومية بدون رسوم. وعلى اليمين تعهّد دونالد ترامب بخفض الضرائب المفروضة على الطبقة المتوسطة، قائلاً إنها “تتعرض تماماً للدمار”، وفي الوقت نفسه تخفيض المعدلات على الأمريكيين الأغنياء.
أصبحت الطبقة المتوسطة الأمريكية، وفقاً لدراسة أجراها مركز بيو للأبحاث، بمثابة أقلية من السكان للمرة الأولى منذ أربعة عقود على الأقل، بعد أن تقلّصت إلى ما دون 50 في المائة من الراشدين، مقارنة بـ 61 في المائة في نهاية الستينيات.
إعلان
حكاية أن الولايات المتحدة تصبح مجتمع “الفائز يأخذ كل شيء”، حيث يتم تركيز المكافآت في أيدي 1 في المائة من السكان، كشفها تقرير مركز بيو على أنها مبالِغة في تبسيطها. أعداد الذين يكسبون أكثر من دخل الطبقة المتوسطة، الذي حدّده مركز بيو بالنسبة إلى عائلة مكونة من ثلاثة أشخاص بما يراوح بين 42 ألف دولار و126 ألف دولار سنوياً، توسعت بالملايين في الأعوام الأخيرة، على الرغم من أن حجم الطبقة الأدنى من السكان يتوسّع أيضا.
يقول مركز بيو “توزيع البالغين حسب الدخل يُصبح أقل في الطبقة المتوسطة ويتراكم على الحواف. هناك استقطاب أعمق يجري في الاقتصاد الأمريكي”.
أجرت “فاينانشيال تايمز” مقابلات مع بعض الأمريكيين من مختلف أنحاء البلاد لسماع آرائهم حول وضع الطبقة المتوسطة ومكانهم فيها. وتراوح تعليقاتهم من انعدام الأمان الذي يشعر به العاملون في القطاع العام، الذين تم تقليص أعدادهم بشكل حاد بعد فترة الركود الكبير، إلى تفاؤل العاملين في مجال التكنولوجيا الذين كانوا بين أكبر الفائزين في سوق الوظائف التي تكافئ المهارات والحاصلين على التعليم العالي. معاً، يُمثّلون المجتمع الذي يبدو مُتفكّكاً على نحو متزايد.
المعلمون
جولي روهلن “34 عاما” مُعلّمة تعمل في واحدة من أغنى المقاطعات في الولايات المتحدة، لكنها تقول “إن فكرة العيش في المقاطعة نفسها التي تعمل فيها أمر بعيد المنال”. روهلن مُعلّمة في مدرسة هاربر بارك المتوسطة الحكومية في مُقاطعة لودون، في ولاية فيرجينيا، وهي ضاحية مُحاطة بالأشجار تُميّزها قصور بملايين الدولارات، وهي واحدة من أغنى المناطق في الولايات المتحدة. لكن مثل كثير من مُعلّمي المدارس العامة، عليها تكملة دخلها بوظيفة بدوام جزئي – في حالتها، هي العمل في أحد المعامل في الولاية – للحفاظ على نمط الحياة الذي تُريده.
يتوقع أن يكون نصف نمو الإنفاق الاستهلاكي الأمريكي بين 2015 و2030 مدفوعا بمن هم في عمر 60 عاما وأكثر.
كان المُعلّمون من بين الأضعف أداءً من حيث حركة الدخل منذ السبعينيات. فمن بين 14 مهنة تعقّبها مركز بيو بين عامي 2001 و2014، كانوا يعانون أكبر تراجع في سلم الدخل بسبب تخفيض الولايات للميزانيات، الأمر الذي يؤدي إلى توقّف الأجور، أو تخفيض الوظائف لمجموعة واسعة من العاملين في القطاع العام من الطبقة المتوسطة.
تقول روهلن التي تسافر لمدة 50 دقيقة ذهابا إلى مدرستها و50 دقيقة في رحلة الإياب “هذا الأمر لا يؤثّر فيّ شخصياً فقط، لكنه يؤثر أيضاً في الناس الذين أنا موجودة لمساعدتهم. بإمكاني فعل كثير لو كنت قادرة على العيش في المنطقة التي أدرِّس فيها”.
ويختلف دخل المُعلّمين بشكل حاد حسب المكان الذي يعملون فيه. وتُشير بيانات مركز بيو إلى أن عدد الأفراد من الطبقة العُليا والمتوسطة العاملين في المهنة لا يزال أكثر من السكان العاملين ككل.
مع ذلك، التقشّف في كثير من الولايات الأمريكية أدى إلى نقص يبلغ 375 ألفا في عدد مُعلّمي المدارس العامة، وذلك وفقاً لتقديرات معهد السياسة الاقتصادية، وهو مؤسسة استشارية يسارية.
على الصعيد الوطني، كانت رواتب مُعلّمي المدارس العامة أقل 3.5 في المائة عام 2013/2014 مما كانت عليه قبل عقد من الزمن، من حيث القيمة الحقيقية، وذلك وفقاً للجمعية الوطنية للتعليم. في ولاية فيرجينيا، ذكر أحد تقارير الولاية أن المُعلّمين شهدوا انخفاضاً بنسبة 2.8 في المائة منذ عام 2003/2004. وكان متوسط أجر مُعلّم الصف في فيرجينيا 49826 دولارا، وهو أقل من المعدل الوطني للمهنة البالغ 56610 دولارات.
تقول تينا ويليامز، المستشارة في إحدى مدارس فيرفاكس في فيرجينيا، التي تعمل في وظيفة بدوام جزئي في أحد المتاجر العامة “أنا لا أعتبر نفسي من الطبقة المتوسطة. أتذكّر أثناء نشأتي، أن المُعلّمين الذين كانوا يُدرّسونني كان يبدو عليهم أنهم يعيشون بشكل مريح أكثر مما أنا عليه الآن”.
تكنولوجيا المعلومات
ويل هانزمان (40 عاما)، وهو مطور برامج حاسوبية، مولود لأبوين من علماء الكمبيوتر وتعلم لغة البيسك الحاسوبية على يدي والدته حين كان لا يزال في المدرسة الابتدائية، يتذكر أنه عندما في السابعة من العمر كان يعمل على تفكيك أجهزة الحاسوب الرئيسي التي كان يحضرها والده معه من العمل.
ساعدته طفولته في أجواء التكنولوجيا بشكل جيد. وهو الآن يشرف على تطوير البرمجيات في “أبتيك”، الشركة الناشئة سريعة النمو التي تشكل جزءا من صناعة التكنولوجيا في شيكاغو. وتعمل برمجيات الشركة على تحليل البيانات لتحديد حالات الفشل المحتمل في الآلات والأنظمة.
ويخوله منصبه هذا ليكون من بين الفائزين بلا منازع في الاقتصاد الأمريكي، إذ بلغت مكاسب مطوري البرمجيات 93450 دولارا في المتوسط عام 2012، مقارنة بالمتوسط الوطني الذي مقداره 34750 دولارا، وفقا للأرقام الحكومية. وتجاوز عدد تلك الوظائف مليون وظيفة في ذلك العام ومن المتوقع أن يزيد العدد أكثر 200 ألف بحلول عام 2022.
الموضوع المشترك بين الفائزين في الولايات المتحدة هو التعليم العالي. ووفقا لمركز بيو، 41 في المائة من الأمريكيين الحاصلين على الأقل على درجة جامعية واحدة يندرجون في الطبقة العليا من أصحاب الدخل. و11 في المائة من تلك الشريحة العليا لديهم فقط شهادة الدبلوم العالي، و5 في المائة لم يتخرجوا في المدرسة الثانوية.
رغم ذلك لم يكن الطريق إلى أبتيك مباشرا. فقد فشل أول مشروع لهانزمان بعد تخرجه في جامعة إيلينوي في هندسة الفضاء في التسعينيات، بعدما تلاعب لصوص في أجهزة الكمبيوتر. لكن تلك التجربة سجلت فقط نكسة مؤقتة بالنسبة إلى هانزمان.
يقول “أنا في حقل التكنولوجيا، بالتالي أنا دائما شخص متفائل. تعافى الاقتصاد بشكل جذري خلال السنوات الست الماضية”. ويصف حالة الطبقة الوسطى بأنها “نشطة”.
شيكاغو التي يوجد فيها 53 ألف وظيفة في مجال التكنولوجيا و3200 شركة رقمية، هي من بين عشرات المدن الأمريكية التي تحاول تلميع مؤهلاتها على أنها مركز نشط للشركات الناشئة. والمسألة التي تكافح المدينة فيها الآن هي كيفية توزيع المنافع. فنحو 850 ألف شخص يعيشون في مناطق “مأساوية”، بحسب “إيكونوميك إنوفيشن جروب”. وهذه مناطق ذات معدلات بطالة مرتفعة، وفقر، وتحصيل علمي ضعيف. وكثير من أحيائها على بعد دقائق فقط من وسط المدينة وشهرتها التكنولوجية.
المهندسون
مثال آخر تعكسه ليز هيث، المهندسة المعمارية البالغة من العمر 32 عاما. ظلت هيث تنتظر خمس سنوات، لكنها الآن في طريقها إلى مضاعفة حجم بيتها الصغير الموجود منذ عام 1972 في حي جرانت بارك، المتحول إلى الطبقة الوسطى في أتلانتا.
ما يساعد في ذلك هو أن هيث أعدت بنفسها المخططات لعملية التجديد البالغة 3100 قدم مربع. لكن بخلاف الوفاء بهدف طال أمده، يعتبر مشروعها علامة على الثقة المتجددة. فبعد بدء حياتها المهنية في ظل الركود الاقتصادي عام 2008/2009، تحس هيث أنها هي وأقرانها يعيشون في ظل اقتصاد أكثر أملا.
تقول “تخرجنا في الجامعة وبعد سنوات قليلة وصلنا إلى مرحلة بحيث كنا نكسب أقل مما كنا نكسبه عندما تخرجنا في الجامعة. لكن منذ ذلك الحين، بدأت الأمور في التقدم. رجعنا نؤثر في الاقتصاد”.
كانت هيث واحدة من المستفيدين من الطفرة في مجال الخدمات المهنية، مثل الهندسة المعمارية، وهي طفرة أتاحت للأمريكيين ذوي الياقات البيضاء دخلا قابلا للإنفاق.
في عام 1971 كان 18 في المائة من أفراد الطبقة المتوسطة الأمريكية يعملون في الشركات والخدمات المهنية، أما اليوم فيعمل ثلث أفراد الطبقة في الأنشطة. ونحو واحدة من كل ثلاث من 66 ألف وظيفة أضافتها منطقة أتلانتا في العام المنتهي في آب (أغسطس) كانت في مجال الشركات والخدمات المهنية.
وينطبق هذا النمط على الصعيد الوطني، حيث تمثل الشركات والخدمات المهنية الجزء الأسرع نموا من قوة العمل خلال السنة الماضية. فمن بين 2.9 مليون وظيفة أضافتها الولايات المتحدة في السنة المنتهية في آب (أغسطس)، كان أكثر من 650 ألف وظيفة في تلك المجالات ـ تقريبا ستة أضعاف الوظائف المضافة في مجال الصناعات التحويلية.
وينعكس هذا النمو على “تي في ديزاين”، الشركة التي تعمل فيها هيث، التي أنشأت مكانة لها في تصميم مراكز المؤتمرات ولديها ستة مشاريع في الصين وحدها. وبعد الاستغناء عن الموظفين في أعقاب الأزمة المالية عام 2008، كانت تعمل الشركة على توظيف آخرين ولديها الآن نحو 150 موظفا في سجلاتها.
وبعد سنوات من العمل على تجاوز تباطؤ الاقتصاد، يشير توم كانينجهام، كبير الاقتصاديين في غرفة تجارة مترو أتلانتا، إلى أن التحدي الكبير الذي يواجه أتلانتا هو جذب العمال المهرة. يقول “كان لدينا كثير من الهجرة المطردة للوظائف أكثر من غيرنا”.
عمال المصانع
وسط التراجع البطيء المطول في قطاع التصنيع في أمريكا، بدا وكأن وظائف ذوي عمال المصانع، مثل وظيفة آمبر بارنارد (37 عاما) قد تكون عما قريب شيئا من الماضي.
لكن الأمور تتحسن بالنسبة إلى هذه الأم التي لديها ثلاثة أطفال. فبعد 11 عاما من العمل في خط تجميع في سيمور في ولاية إنديانا، تشهد الآن ارتفاعا في أجرها وتحسنا في مهاراتها. وحصلت أخيرا على ترقية رفعت أجرها إلى 20.75 دولار للساعة، ما يرفع راتبها إلى نحو 43 ألف دولار سنويا، بدون أجر العمل الإضافي، فضلا عن أن تدفع لها شركتها لحضور دورات خاصة بالأعمال التجارية بمستوى جامعي.
مصنع كومينز لمحركات الديزل، حيث تعمل بارنارد في بلدة سيمور منذ عقود. لكن في السنوات الخمس الماضية تم تجديده بتكلفة بلغت 300 مليون دولار وأنتج محركا جديدا سعة 95 لترا. وما كان ذات مرة مصنعا قديما بقوة عاملة غير منتجة أصبح الآن أنموذجا للتصنيع الحديث.
وتبدو سيمور آخذة في الانتعاش بعدما فتح مصنع كومينز منشأة بحوث متاخمة لمصنع يوظف 400 مهندس. وثمة مجموعات أخرى آخذة في التوسع أيضا.
تقول بارنارد “يبدو أن كل شخص حولي يجني مالا أكثر. الكل ينمو ويتطور والأعمال التجارية على ما يرام”.
ولا تبدو الطبقة المتوسطة الأمريكية الآن مليئة بأفراد من العاملين في المصانع كما كانت من قبل. ففي عام 1971 كان 28 في المائة من البالغين في الأسر ذات الدخل المتوسط يعملون في قطاع الصناعات التحويلية. اليوم النسبة تراجعت إلى 11 في المائة، لكن الذين تمكنوا من الصمود في وظائف قطاع الصناعة التحويلية لا يزالون يشكلون جزءا مهما من الطبقة المتوسطة، حتى في الوقت الذي يتوقع فيه بعضهم أن وظائف المصنع قد تتأثر بالموجة الجديدة من الأتمتة.
ويستخدم مصنع كومينز في سيمور الروبوتات، لكن توم لاينبارجر، الرئيس التنفيذي للشركة، يرى أن للروبوتات دورا محدودا في المصانع التي تنتج منتجات ذات اختصاص عال.
ويعتبر تكيف قوة العمل لدى مصنع سيمور عاملا مهما في نجاحه. يقول لاينبارجر “يكلفك الأمر كثيرا لتحقيق المرونة في التعامل مع الروبوتات”.
وحتى في الأوقات العصيبة تبدو وظائف المصنع أكثر أمانا مما كانت عليه في الماضي. فعندما أعلن عن تسريح العاملين هذا العام لمواجهة الانكماش، وجد المصنع سبلا لتخفيض ساعات العمل والاحتفاظ بعدد أكبر من العاملين.
وتبدو مكانة بارنارد ضمن الطبقة الوسطى آمنة، على الأقل حتى الآن.
بعد الـ 65
إيفي أوسترمان (75 عاما) بعد بضع سنوات وهي تعيش “حياة لطيفة بوصفها موظفة متقاعدة”، قررت أن الوقت قد حان للعودة إلى العمل. وهي الآن مديرة مكتب متفرغة في شركة ميراكل إير، حيث تمضي أيامها وهي تتكلم بصوت واضح ومرتفع مع العملاء المحتملين وتساعد الزبائن على التعامل مع الأخطاء التي يمكن أن تحصل في الوسائل السمعية لديهم.
تقول، وهي تجلس في مكتب صغير مرتب “دعونا نواجه الأمر، فأنت تتقاعد معتقدا أنك تمتلك ما يكفي من المال، لكن إليكم المتغير الكبير. لا أحد يعرف كم بقي لك من العمر”. في الوقت الذي يمكن لها هي وزوجها العيش من دون الحاجة إلى أن تعمل، قد يلزمهما خفض الإنفاق، بحسب ما تقول.
“من الصعب على الناس في الطبقة المتوسطة اليوم أن يكونوا قادرين على النجاة. الحياة تصبح أكثر تكلفة”. وفي حين حقق الأشخاص ممن هم فوق 65 سنة الخطوات الأكبر على سلم الدخل منذ أوائل السبعينيات، تشير الإحصائيات إلى أن مزيدا من الأمريكيين ممن هم في سن التقاعد يبحثون عن عمل. تعتبر الفئة الديمغرافية لسن 65 وما فوق المجموعة الوحيدة التي شهدت زيادة في معدل المشاركة الوظيفية منذ بداية العقد.
وتشير توقعات معهد ماكينزي العالمي إلى أن ما لا يقل عن نصف نمو الإنفاق الاستهلاكي بين عامي 2015 و2030 سيكون مدفوعا من قبل أشخاص في عمر 60 عاما وأكثر. ومن أجل رؤية للاتجاهات المستقبلية، يحسُن بصناع السياسة أن يزوروا مقاطعة ساراسوتا، في ولاية فلوريدا، وهي مجتمع على الشاطئ يضم متقاعدين بمتوسط عمري أكثر من 53 عاما، بدلا من المستوى الوطني البالغ 37 عاما.
وكثير من هؤلاء يقضون أوقاتهم وهم يلعبون الماهونج أو البريدج، لكن ليس الجميع يفعل ذلك.
يقول نورمان جراسمان، وهو مالك سابق لأحد محال بيع الأحذية، ويعمل دليلا للزوار في المجمَّع التجاري “إنه ليس صراعا، لكن علينا أن نكون حريصين في الإنفاق. لحسن الحظ هذا العمل بدوام جزئي يساعدني فعلا على تغطية نفقاتنا”. وفي حين إن معدل الفقر بين من هم فوق 65 سنة تراجع إلى 10 في المائة في السنة الماضية، مقارنة بـ 25 في المائة في السبعينيات، إلا أن أفراد هذه المجموعة السكانية هم على الأرجح أصحاب دخل أدنى من أي مجموعة عمرية أخرى.
ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، وطول متوسط الأعمار، وتراجع منافع التقاعد، كل ذلك يزيد من الضغط على كبار السن وعلى المالية العامة لعدة عقود مقبلة.