Site icon IMLebanon

«داو» و«دوبونت» تستبقان هجمة النشطاء

Dupont-Dow
إد كروكس

“حين تقتسم الحِمل مع شخص آخر يقِل عبؤه”. هذا القول المأثور قد يكون بمثابة بيان المهمة بالنسبة إلى عملية الدمج البالغة 120 مليار دولار التي يُناقشها التنفيذيون في شركتي داو للكيماويات ودوبونت، أكبر مجموعتين للمواد الكيماوية في الولايات المتحدة.

وتتعرض الشركتان لضغط من المستثمرين النشطاء. في “دوبونت”، كشفت شركة تريان التابعة لنيلسون بيلتز، عن حصتها في صيف عام 2013 وهي تملك 2.94 في المائة. وفي “داو”، كشفت شركة ثيرد بوينت التابعة لدانييل لويب، عن حصتها في كانون الثاني (يناير) العام الماضي وتملك الآن 2.03 في المائة.

من خلال الموافقة على عملية الاندماج ومن ثم الانقسام إلى ثلاث شركات أكثر تركيزاً، فإن الإدارة في كل من “داو” و”دوبونت” قد تقضي على تهديد مُحتمل من أولئك النشطاء وغيرهم من المساهمين الساخطين، باستباق دعوات محتملة من أجل إعادة هيكلة جذرية.

حسن أحمد، المحل في شركة أليمبيك، يقول “هذا هو في الأساس ما كان يسعى إليه كل من نيلسون بيلتز ودان لويب: انقسام أوسع”.

حقيقة إن خطة الاندماج، كما كانت قيد المناقشة أمس الأول، شملت وظائف جيدة لكل من أندرو ليفيريس، الرئيس التنفيذي لشركة داو، وإدوارد برين، نظيره في شركة دوبونت، ويعتبر هذا من العوامل الجذابة للصفقة في نظر كلا الرجلين.

لكن في حين إن عملية الاندماج تبدو حلا ذكيا لتحقيق أهداف كل من المساهمين والإدارة، إلا أن الصفقة تواجه كثيرا من التحدّيات قبل أن يتم إبرامها. ولا يزال بإمكان المُساهمين المعترضين وسلطات مكافحة الاحتكار وربما شركات أخرى، إفساد تنفيذ حتى أكثر الخطط تنظيما وإعدادا.

وإذا تم إبرام الصفقة بنجاح، فهذا يعني نهاية استقلال اسمين من أكبر الأسماء في الصناعة الأمريكية. فقد تم تأسيس شركة داو في عام 1897، ويعود تأسيس “دوبونت” إلى عام 1802. وتم إدراج “دوبونت” في مؤشر داو جونز الصناعي في عام 1924. لكن المساهمين يهتمون بالمستقبل وليس بالماضي، جادل النشطاء بأنهما فشلتا في الارتقاء إلى مستوى إمكانياتهما.

ولدى صناعة المواد الكيماوية الأمريكية آفاق مُشجّعة، إذ يعمل تدفّق الغاز الرخيص والسوائل ذات الصلة من حقول النفط الصخري في تكساس وبنسلفانيا على جعل الولايات المتحدة الموقع الأكثر تنافسية في العالم لإنتاج المواد البتروكيماويات، وهي اللبنات الأساسية لهذه الصناعة. وكانت الاستثمارات تزدهر في المناطق التي تستطيع الوصول إلى تلك المواد الأولية والطاقة الرخيصة.

إلا أن أداء أكبر شركتين للمواد الكيماوية في الولايات المتحدة فشل في الارتقاء إلى مستوى التوقعات التي ولّدتها طفرة النفط الصخري. وبالنسبة إلى مديري عديد من تلك الشركات، هذا يعني صعوبات في الآونة الأخيرة. وفي الأعوام الخمسة الماضية ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 69 في المائة، في حين ارتفعت أسهم شركة داو 53 في المائة وأسهم “دوبونت” 35 في المائة فقط.

وحثّ المساهمون كلا من ليفيريس وإلين كولمان، الرئيس التنفيذي لشركة دوبونت حتى تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، على تخفيض التكاليف والبحث عن سُبل لتحويل مجموعات المواد الكيماوية متعددة الأوجه إلى أعمال أكثر تركيزاً. وتنفذ الشركتان بعض الخطوات التي يسعى إليها النشطاء، وتقللان في الوقت نفسه من أهمية فكرة أنهما تستجيبان مباشرة إلى ضغط المساهمين.

ففي هذا العام فصلت “دوبونت” قسمها الذي يصنع صباغ ثاني أكسيد التيتانيوم ليصبح شركة جديدة تُسمى كيمورز، وأعلنت كذلك عن جولات لتخفيض التكاليف. وتعكف أيضا على نقل مقرّها الرئيسي من وسط مدينة ويلمنجتون في ولاية ديلاوير، حيث ظلت على مدى 110 أعوام، وباعت مسرحا تابعا لها في المدينة. وباعت شركة داو أيضاً بعض الأقسام هذا العام، من بينها عملياتها القائمة على الكلور، وهي واحدة من الأُسس التاريخية للشركة، إلى شركة أولين الأمريكية مقابل نحو خمسة مليارات دولار. وأعلنت أيضاً عن مبادرات لتخفض التكاليف.

مع ذلك، على الرغم من كل هذه الجهود، إلا أن أسهم كلتا الشركتين استمرت في أدائها الضعيف. وانخفضت أسهم “دوبونت” 9 في المائة في الأشهر الـ 12 الماضية، في حين ارتفعت أسهم داو 1 في المائة، لتتجاوز بشكل طفيف مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الثابت. بالتالي قرّرت الإدارة في كلتا الشركتين أن هناك حاجة إلى مزيد من التدابير الجذرية.

ووفقاً للورنس ألكسندر، المحلل في “جيفريز”، تبدو عملية اندماج “داو” و”دوبونت” منطقية من عدة زوايا. فهي تسمح بترشيد التكاليف المركزية والعمليات المُتداخلة، وتخفيض الازدواجية، وتكثيف نقاط القوة المشتركة في الشركتين بما في ذلك المواد الكيماوية الزراعية، والبذور، والمواد المستخدمة في الطاقة الشمسية.

ويُمكن أن تكون هناك أيضاً فوائد أخرى من التكامل. عمليات البتروكيماويات في شركة داو توفّر المُدخلات المُستخدمة في إنتاج بوليمرات الإيثيلين في شركة دوبونت، المُستخدم في كل شيء من تغليف المواد الغذائية إلى كرات الجولف. مع ذلك، هذه الصفقة من شأنها خلق مجموعة أكبر وأكثر تنوّعاً بكثير، لتكون خلافاً لكل شيء ضغطت من أجله “تريان” و”ثيرد بوينت” من حيث التركيز.

من هنا جاءت الخطة لشركة مُندمجة ومن ثم تقسيمها مرة أخرى إلى ثلاث شركات منفصلة من المتوقع أن تعمل في مجال الزراعة، والبتروكيماويات السائبة والبلاستيك، والمواد الكيماوية المُتخصّصة.

برين، الذي تولى منصب الرئيس التنفيذي في “دوبونت” الشهر الماضي، لديه خبرة جيدة في هذا المجال. فقد سبق له قيادة مجموعة تايكو الصناعية من عام 2002 حتى 2012، وهي الفترة التي تم خلالها تقسيم الشركة إلى ثلاثة أجزاء مرتين.

لكن تنفيذ عملية اندماج ومن ثم تفكيكها سيكون مسألة مُعقدة، الأمر الذي يخلق حالة من عدم اليقين بالنسبة إلى المساهمين. وأي صفقة تتضمن شركات كبيرة مثل داو ودوبونت، مع عروض مُتكاملة ومُتداخلة في كثير من الأسواق، لا بُد أيضاً أن تجذب تدقيقا شديدا من سلطات مُكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة وفي أنحاء العالم كافة.

وبحسب أحد المحامين “في هذه البيئة يجب أن تكون مستعداً فعلاً للتفاوض مع الحكومة (الأمريكية)”.

في الوقت نفسه، مع ارتفاع توقعات بإعادة تخطيط وشيكة لقطاع الكيماويات الزراعية العالمي، هناك أطراف معنية أخرى، مثل “باسف” و”باير” و”سينجينتا” و”مونستانتو”، من المتوقع أن تُلقي نظرة دقيقة على التقدّم في المفاوضات بين “داو” و”دوبونت”.