كانت منطقة فاخاو النمسوية المعروفة بكرومها والمطلة على الدانوب تظن انها بمنأى عن مصادر الطاقة الخضراء، إلا ان تكنولوجيا جديدة تعتمد على تيارات مياه النهر تعد بتوفير الكهرباء الى مناطق محمية وبعيدة من دون المساس بالبيئة.
ويقول رئيس اتحاد بلديات وادي فاخاو اندريس نونزر: «طواحين الهواء محظورة فيما يخضع وضع الواح الطاقة الشمسية لاحكام صارمة جداً في هذه المنطقة الواقعة غرب فيينا والتي صنفتها اليونسكو في العام 2000 على قائمتها للتراث البشري العالمي». ويضيف: «تمكننا من ايجاد طريقة للمساهمة في مكافحة الاحترار المناخي من دون المساس باطار حياتنا».
ويشبه الحل غواصة يبلغ وزنها ستة أطنان مجهزة بتوربينة ويمكنها ان تنتج ما يكفي من حاجات الكهرباء لاكثر من 250 شخصاً بفضل قوة تيارات النهر.
وقال المسؤول وهو رئيس بلدية سبيتز: «حصلنا على كل التصاريح من اجل تطوير تسعة منها ولن نتوقف عند هذا الحد. فسننتج عدداً كبيراً منها».
وهذا الجهاز اتى ثمرة 10 سنوات من الأبحاث أجرتها الشركة الناشئة «اكوا ليبري»، وهو غير مرئي لانه يطفو تحت سطح المياه مع مرساة في قاع النهر.
ويقول كريستيان تييري صاحب فندق ومطعم فخم في بلدة دورنشتاين المجاورة: «قبل 10 أعوام ناضلنا بنجاح من اجل منع بناء سد لتوليد الطاقة من المياه. وهذا كان لحسن حظنا لأننا نعيش على السياحة. اما هذا الجهاز فهو لا يمس بالبيئة». واشترى جهازاً خاصاً به لتوفير الطاقة الكهربائية الى فندقه الذي يتسع لـ 100 شخص.
وبعد ثلاثة نماذج اولية من 40 و80 كيلوات وأكثر من 35 الف ساعة من التجارب في ظروف حقيقية في الدانوب، يفترض ان يبدأ الانتاج الصناعي لهذا الجهاز خلال العام 2016، على ما يؤكد فريتز موندل احد اكوا ليبري».
وتنقية قوة التيارات النهرية هي مصدر الطاقة الخضراء الوحيد الذي ينتج على مدار الساعة من دون ان يحتاج الى منشآت كبيرة وهي تالياً من اهم مصادر الطاقة المتجددة.
وتطور حفنة من الشركات الاخرى في اوروبا واميركا الشمالية التقنية نفسها. ويؤكد رئيس الشركة الفرنسية «ايدوركويست» جان فرنسوا سيمون: «يقدر حجم السوق بـ 15 بليون يورو على 10 سنوات في العالم». وقد وضعت شركته جهازين من هذا النوع في غويانا الفرنسية وفي اورليان (وسط فرنسا) وستبدأ في انتاج كميات صناعية منه.
وتفيد شركتان تبيعان وحدات صغيرة (خمسة كيلوات) الكندية «ايدينرجي» والالمانية «سمارت هايدرو»، انهما باعتا على التوالي 16 جهازاً و53 جهازاً. واضطر كل الصانعين إلى مواجهة بعض التحديات التكنولوجية، ولا سيما ادارة الاجسام الطافية التي قد تعطل التوربينة و تعرقل عملها.
ويقول سيمون ان هذه التحديات التقنية وقوة هذه الاجهزة المتواضعة (80 كيلوات) تفسر عدم انتشار هذه الاجهزة خارج الشركات الصغيرة والمتوسطة. ويضيف: «الشركات الكبيرة لا تهتم ان لم تكن القوة تفوق الف كيلوات (1 ميغاوات) الا ان هذه الاجهزة يمكنها ان تعمل في اطار مجمعات من عشرات الوحدات وهي تسمح خصوصاً بالوصول الى موارد مائية كهربائية غير مستخدمة».
وتأمل منطقة فاخاو ان تغطي على المدى الطويل حاجات الجزء الاكبر من سكانها البالغ عددهم 30 الف نسمة. وهذه التقنية تعتبر غير مؤذية للاسماك وتتماشى مع الملاحة النهرية ولا تتسبب في تعقيدات بيئية، وفقاً لمنظمة «غلوبال 2000» المدافعة عن البيئة.
الا ان هذه التقنية ربما تجد تطبيقاً كبيراً لها في الدول النامية حيث لا تزال مناطق كاملة محرومة من التيار الكهربائي لتكون بذلك مصدر طاقة محلياً لا يحتاج الى بنية تحتية على ما يؤكد مروجوها.