IMLebanon

تراجع نمو النشاط الاقتصادي يقابله تفاقم الفراغ في القطاعات والمؤسسات

BanqueDuLiban
عدنان الحاج

لاشك في ان العام 2015 كان أسوأ من العام 2014 على صعيد النشاط والنتائج الاقتصادية والمالية والاجتماعية وحتى المعيشية، نتيجة جملة تراكمات منها ما له علاقة بتطورات المنطقة، ومنها ما له علاقة بالوضع الداخلي اللبناني، لاسيما على صعيد تغييب المؤسسات والفراغ الرئاسي من جهة، ونتيجة آثار التطورات الأمنية والسياسية على الوضع الداخلي، نتيجة استمرار الانقسامات بين اهل السلطة، والنزاع على السمسرات من دون انتاجية وزعزعة الثقة بالقطاعات، من جهة ثانية. والخوف الأكبر أن يكون العام الجديد 2016 أسوأ، من حيث المؤشرات والنتائج الاقتصادية، في ظل تزايد نمو الفراغ السياسي والرئاسي والإداري، مقابل تراجع النمو الاقتصادي خلال العام الحالي إلى أقل من واحد في المئة.

ومن خلال المتابعة لميزانية مصرف لبنان، يظهر جلياً ان احتياطي مصرف لبنان تراجع خلال شهر حوالي 670 مليون دولار، وهذا بسبب، إما التدخل في السوق النقدية لتغطية الطلب على الدولار في سوق القطع نتيجة التوترات، أو بسبب تغطية اعتمادات خارجية، والفواتير والاستحقاقات النفطية وغيرها.. ويبلغ احتياطي مصرف لبنان من العملات اليوم حوالي 37.8 مليار دولار، وهو ما بين أعلى الاحتياطيات التي يتمتع بها مصرف لبنان مقارنة بالسنوات الماضية.
في تعداد الثغرات، يمكن ايراد أكثر من سبب للتراجع، وأكثر من مؤشر يعكس نتائج التراجع والجمود، حتى لا نقول الركود المترافق هذه المرة مع تراجع نشاط الأسواق في المنطقة، بفعل انعكاسات تراجع اسعار النفط وأثرها على باقي النشاطات المتعلقة بالحركة المالية والاسواق. مع الاشارة إلى أن حجم الديون المشكوك بتحصيلها بقيت مستقرة بعض الشيء عند حوالي 5.3 مليارات دولار، نتيجة تسهيلات المصارف، ومحاولات مصرف لبنان عدم زيادة المؤسسات المتوقفة عن الدفع، أو المتعثرة، بين حوالي مئات المؤسسات التجارية والخدماتية والصناعية والزراعية، ناهيك عن القروض الفردية.

تكفي الإشارة إلى تراجع مثلث النمو الاقتصادي اللبناني، الذي يعتمد على قطاعات محدودة، يمكن التوقف عند أبرزها. بالنسبة للمؤشرات الاقتصادية يمكن التوقف عند الأبرز والأكثر تاثيراً في الاقتصاد اللبناني، وفي القطاعين العام والخاص. بالنسبة لقطاع البناء الذي كان يتقدم وينمو بشكل ملحوظ خلال السنوات الماضية، فقد تراجع على مختلف المستويات، من دون ان يظهر ذلك بتراجع الاسعار. فقد تراجعت التراخيص أو رخص البناء بحوالي 12 في المئة مقارنة بالعام 2014. كذلك تراجعت تسليمات الاسمنت بحوالي 14.5 في المئة، في حين تراجعت المبيعات العقارية حوالي المليار دولار من 7.5 إلى حوالي 6.5 مليارات دولار، وهذه نسبة كبيرة مردها إلى تراجع المشتريات من قبل غير اللبنانيين، لاسيما من دول الخليج . وهناك من يقول أن بعض الخليجيين باعوا عقاراتهم في مناطق جبلية ،وفي مناطق الاصطياف وهذا مؤشر غير صحي بالنسبة للنشاط العقاري اللبناني.

1ـ حركة التحويلات اللبنانية والرساميل الوافدة والاستثمارات تراجعت بنسبة كبيرة، وهي بلغت حوالي 9.2 مليارات دولار، مقابل 12.9 مليار دولار للعام الماضي (بتراجع حوالي 29 في المئة في عشرة أشهر). هذا الواقع يعكس تراجع المشاريع الجديدة بشكل كبير، مما يقلص امكانية خلق فرص العمل الجدية، حتى التحويلات من اللبنانيين العاملين في الخارج تراجعت بشكل ملحوظ (من حوالي 8.2 مليارات دولار إلى حوالي 7.2 مليارات دولار) وهذا يعكس تقلص فرص العمل في الخارج ناهيك عن تزايد حركة الهجرة من قبل العائلات اللبنانية طلباً لظروف افضل.
العنصر الأهم يتعلق بالصادرات الصناعية اللبنانية التي تراجعت حوالي 300 مليون دولار، بما نسبته حوالي 11.3 في المئة. كذلك تراجعت المستوردات اللبنانية حوالي 2.6 مليار دولار، وهذا عنصر ايجابي، لكنه مؤشر على تراجع الحركة التجارية من جهة، وتراجع القدرة الشرائية لدى المواطن من جهة ثانية.
2 ـ اما الحركة المصرفية، وهي العمود الفقري للقطاعات الاقتصادية حالياً، حيث تسلف حوالي 55 مليار دولار للقطاع الخاص، مع تزايد عدد المقترضين، الذي يفوق 840 الف مقترض في القطاعات الانتاجية والقروض الفردية، التي تشكل القسم الأكبر من القروض، من السكن إلى القروض الشخصية، بما في ذلك القروض الزراعية والصناعية والسياحية. الخوف الأكبر من مؤشر نمو ولو بسيط لعد المقترضين المتخلفين عن الدفع، على الرغم من التسهيلات التي تقدمها المصارف بطلب من مصرف لبنان، الذي قدم القروض المدعومة الفوائد بحوالي 3200 مليار ليرة خلال سنتين، ومع ذلك فقد تراجعت التسليفات المصرفية خلال العام 2015 حوالي 23 في المئة، مما يعني أن هناك تراجعاً في النشاطات وطلب القروض، نتيجة تراجع قدرة القطاعات التجارية والفردية على الايفاء، وبالتالي عدم القدرة على الاستثمارات والتوظيفات المقبولة. مع اشارة هنا إلى ان الحوافز التسليفية والتسهيلات التي قدمها مصرف لبنان بالتعاون مع المصارف، بدعم فوائد القروض، كانت المصدر الأول لتحريك التسليف، وبالتالي المحافظة على النمو الاقتصادي في الخانة الايجابية، من دون تسجيل نتائج سلبية في النمو حتى الآن. كذلك كانت هذه التسهيلات من اسباب عدم توسع عدد المؤسسات المتخلفة عن الدفع وبالتالي نمو الديون المشكوك بتحصيلها.

بالنسبة إلى الودائع وهي المصدر الأول للتسليف فإنها زادت حوالي 3.4 في المئة، خلال عشرة أشهر، مقابل حوالي 4.3 في المئة للفترة ذاتها من العام 2014، وهي زادت حوالي 4.9 مليارات دولار، مقابل زيادة قدرها حوالي 5.9 مليارات في الفترة ذاتها من العام الماضي. ويعني نمو الودائع حوالي 3.4 في المئة، انها لم تزد بحجم الفوائد المفروضة او المعتمدة على القروض المصرفية بالليرة وبالدولار، وهي تفوق الـ7 في المئة. يذكر أن تسليفات المصارف للقطاع العام تفوق 37 مليار دولار، يقابلها تسليفات للقطاعات الاقتصادية بما يفوق 57 مليار دولار، بمعنى آخر أن حجم القروض المصرفية تقارب ثلثي الودائع المصرفية البالغة حوالي 149 مليار دولار.

الكهرباء: تراجع الانتاج وتزايد الاستهلاك والتقنين
دخلت فترة اعياد نهاية السنة، ومعها دخلت عملية ظهور انعكاسات استمرارية التقنين في التيار الكهربائي، وهي معضلة مستمرة على الرغم من الاستثمارات التي طلبت والتي صرف بعضها للتأهيل والتطوير في المعامل، التي مازالت بعيدة عن تأمين حاجة الاستهلاك، ولو لسنوات طويلة نتيجة تغلب السمسرات على تنفيذ المشاريع التي تخفف عن كاهل المواطن.
فحسب نتائج احصاءات مؤسسة كهرباء لبنان فإن الكمية المنتجة اليوم تقدر بحوالي 1485 ميغاوات، بينما الحاجة هي لحوالي 3000 ميغاوات أو حوالي 2850 ميغاوات، في حال تراجع الطلب وفي ايام لا تكون فيها الذروة في الاستهلاك، وهي ايام الطقس الربيعي البعيد عن حر الصيف وبرد الشتاء حيث يكون الطلب اقل من الشتاء والصيف حيث تزداد الحاجة للتبريد أو التدفئة.
بمعنى آخر أن لا كهرباء على مدى ساعات اليوم على المدى القريب، بعد توقف تجهيزات معامل الانتاج، لاسيما في بناء معمل دير عمار بمجموعة جديدة، وكذلك بعض الاعمال التأهيلية في معملي الذوق والجية، والاكتفاء باعمال التأهيل على مجموعات محدودة.
وهنا توزع القدرة الانتاجية الحالية في المعامل، بعدما رفعت البواخر انتاجها إلى حوالي 380 أو 367 ميغاوات، لتلبية تزايد الطلب على الكهرباء، وهو أمر يبشر بأن البواخر التي تحولت إلى عنصر انتاج اساسي، سيمدد لها تلافياً لتزايد القطع وتراجع الكميات المنتجة حالياً، على الرغم من ارتفاع الانتاج المائي إلى حوالي 24 ميغاوات وهو انتاج الذروة. وهو أمر لايشمل حاجة زيادة الانتاج، نتيجة النزوح السوري إلى لبنان، حيث يزداد الطلب في العديد من المناطق ولو إلى مراكز المخيمات.
القدرة الإنتاجية الحالية
ـ معمل الذوق 227 ميغاوات،
ـ معمل الجية 163 ميغاوات،
ـ معمل الزهراني 459 ميغاوات،
ـ معمل دير عمارفي طرابلس 155 ميغاوات،
ـ بعلبك 60 ميغاوات،
ـ صور 30 ميغاوات،
ـ إنتاج مائي 24 ميغاوات (في الذروة)،
ـ البواخر التركية 367 ميغاوات.
وهكذا يكون مجمل القدرة الإنتاجية الموضوعة على الشبكة حوالي 1485 ميغاوات، فيما يتجاوز الطلب الـ2800 ـ 3000 ميغاوات في اوقات الذروة في الصيف وفي الشتاء.
يشار إلى أن عددا من مجموعات الإنتاج ومن بينها مجموعتان في معمل دير عمار تخضع للصيانة العامة الدورية.