IMLebanon

“حزب الله” يضبط “خيار فرنجية” على… توقيته

sleiman-frangieh-hassan-nasrallah

 

ا تزال معالم البلبلة الواسعة تسود المشهد السياسي الداخلي في لبنان، عقب ما اعتُبر فرْملة او تجميداً او حتى إسقاطاً لصفحة ترشيح زعيم “تيار المردة” النائب سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية، على يد “حزب الله” تحديداً، في اللقاء الأخير الذي جمع فرنجية بالأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله ، ليل الخميس الماضي.

ويبدو واضحاً ان معالم هذا التطور أرخت بظلال كثيفة على مجمل الوضع السياسي، الذي يطلّ مع الأسبوع الجاري على ما تبقّى من السنة، بانطباعاتٍ قاتمة لجهة تَراجُع الآمال التي انتعشت بقوة في الأسابيع الأخيرة في إمكان حلول السنة 2016 برئيس منتخَب، تبدأ معه عملية إعادة ترميم الواقع الدستوري والسياسي ومعالجة الأزمات الكبيرة والمتراكمة التي يعاني منها اللبنانيون.

غير ان هذه الآمال تلقّت ضربة قاسية، فيما لا يُعرف إذا كانت تداعيات الفرْملة في الملف الرئاسي ستقف عند حدود العودة الى الدوران في الفراغ أم ستتخطاه الى تداعيات أخرى، يخشى البعض ان تكون ذات طابع أمني ايضاً.

وتسجّل أوساط بارزة في قوى “14 آذار”، التي تشكّل الجانب الأكثر تضرراً، جراء صعود تسوية ترشيح فرنجية ومن ثم تَراجُعها، عبر صحيفة “الراي”، مجموعة معطيات، تشير إلى ان من شأنها ان تبلور الاتجاهات المقبلة، أقلّه من الزاوية التي تنظر اليها غالبية الأطراف في تحالف “14 آذار”.

وتعترف هذه الاوساط بدايةً، بأن “الأضرار البليغة التي أصابت “14 آذار” لا يمكن تجاهلها، وبدأ العمل الحثيث على ترميمها ومعالجتها. ولم يكن الاتصال الذي أجري قبل يومين بين زعيم “تيار المستقبل” الرئيس سعد الحريري، الذي بادر الى طرْح “خيار فرنجية”، وبين رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع (غير المؤيد لمثل هذا الخيار) إلا دليلاً على هذا الاتجاه، في ظل تَحسُّس أقطاب “14 آذار” بفداحة المنحى الذي رتّبه ظهور الخلافات العميقة حول ترشيح فرنجية على التوازن السياسي الذي يملي على “14 آذار” إعادة تصويب واقعه الداخلي، تجنّباً لمزيد من الخسائر”.

وتلفت الأوساط نفسها، الى ان “أقطاب هذا الفريق تنبّهوا الى ما نُقل عن نصرالله في لقائه وفرنجية، من دعوته الى إبقاء كرة الانقسامات والخلافات داخل ملعب “14 آذار” وعدم نقلها الى ملعب “8 آذار”، الأمر الذي فُهم منه ان “حزب الله”- بسعيه الدائم الى استمرار الفراغ الرئاسي، والى جانب الأهداف الاقليمية التي تتصل بموقف ايران- يريد ايضاً الانتظار لإضعاف خصومه اكثر، بما يحقّق له في التوقيت الملائم انتصاراً سياسياً واسعاً، يملي عبره مجمل شروط التسوية، قبل الإفراج عن أزمة الرئاسة”. وتشدد الأوساط على ان “هذا العامل بدأ يلعب دوراً أساسياً في إنعاش السعي الحثيث لإعادة اللحمة الى “14 آذار” في المرحلة الطالعة”.

أما بالنسبة الى صفحة ترشيح فرنجية ، فإن الأوساط تعتقد انها “لم تسقط تماماً، ولو انها أُخضعت للتجميد المرحلي بفعل ثلاثة عوامل، أوّلها انه ثبت ان لا ظروف اقليمية مواتية لفرْض اختراق سياسي كبير في لبنان راهناً، وثانيها أن “حزب الله” تلقّى إشارة ايرانية بمنْع إحداث اي اختراق لبناني في الوقت الحالي، ولو كان لمصلحة حليف للحزب، وهو الامر الذي لا يحرج الحزب إطلاقاً، ما دام يرفع لواء دعم حليفه الأكبر الآخر ميشال عون ، وثالثها ان الرفض المسيحي لترشيح فرنجية شكّل السدّ الذي يصعب معه تسويق فرنجية من دون تداعيات مؤذية ترتدّ على زعيم “المردة” وداعمه الأساسي الرئيس سعد الحريري”.

ولكن في ظل هذه العوامل، يطلّ المشهد السياسي، منذ الآن، على السؤال الكبير الذي سيرمي مجدداً الكرة في مرمى رافضي التسوية،لا سيما المسيحيين منهم عن البديل. وتذكر الأوساط أن “مسعى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لجمْع الأقطاب الأربعة الموارنة الرئيس أمين الجميل وعون وجعجع والنائب فرنجية سيتجدد مع عودة الراعي من زيارته إلى مصر، حيث التقى أمس، الرئيس عبد الفتاح السيسي، ولكن ثمة شكوكاً كبيرة في ان تكتمل موافقات الأقطاب الأربعة على الاجتماع، خشية فشله تكراراً او تَسبُّبه بخلافات اضافية بين هذه الزعامات، بعد خلط الأوراق والتوترات التي أصابت العلاقات الشخصية بين بعضهم، وهو الأمر الذي لا يحمل آمالاً فعلية في الرهانات على اي توافق مسيحي على بديل، خصوصاً ان عون وفرنجية لا يبدوان مستعدّيْن للتخلي عن ترشيحهما، فيما يقتصر هذا الاستعداد على جعجع وحده”.

ورغم مناخات التريّث في “خيار فرنجية”، فقد توقّفت دوائر سياسية عند ملامح إصرار الرئيس الحريري على عدم “الإستسلام” امام التعقيدات التي تعترض طرْحه، حيث وُضع تطوّران في هذا السياق: الأول ايفاده مدير مكتبه نادر الحريري والنائب السابق غطاس خوري، أول من أمس، الى بنشعي (زغرتا) حيث التقيا النائب فرنجية ، وسط تقارير تحدثت عن ان زعيم “المردة” وضع موفديْ زعيم “المستقبل” في نتائج اللقاءين اللذين عقدهما مع عون ونصرالله، فيما نقل اليه الموفدان نتائج حركة الاتصالات التي يقوم بها الحريري.

أما التطور الثاني فتمثّل في أوّل اتصال يُكشف عنه بين الحريري وجعجع ، منذ استقبال الاول فرنجية في باريس قبل نحو شهر. وفيما أفادت تقارير بأن الاتصال الذي أجراه زعيم “المستقبل” استمرّ ساعة وتركز على التحرك المتعلق بانتخاب فرنجية رئيساً، وبأن الرجلين اتفقا على تنظيم أي خلاف بعيداً عن السجالات وعلى تكثيف الاتصالات الأسبوع المقبل مباشرة وعبر وسطاء، وان كليهما لم يبدّل موقفه من خيار فرنجية، أعلن رئيس جهاز الإعلام والتواصل في “القوات اللبنانية” ملحم رياشي ان “الإتصال كان ودياً جداً وواضحاً جداً”، لافتاً الى ان “ترشيح فرنجية هو تحرُّك لم يرق الى مستوى المبادرة”.

وأضاف رياشي: “السبت اتصل الرئيس الحريري بالدكتور جعجع وناقشا الموضوع الرئاسي وتفاصيل الخطوة التي اتخذها الأخير وخلفياتها، ولم يطلع الرئيس الحريري رئيس “القوات” على أي مبادرة، ونحن لم نتلقّ بعد خبراً يقول ان ما جرى “مبادرة”، ولا علم لنا بها، وعندما يقول الرئيس الحريري عنها مبادرة يصبح لنا علم بها”، مؤكداً ان اللقاء بين الرجليْن “وارد في أي لحظة، لكن الحركة مرتبطة بالوضع الأمني”.