ذكرت صحيفة “الأخبار” أن كثرة الاعتراضات والمعترضين داخل فريقي 8 و14 معاً، لم تدفع بتيار المستقبل والرئيس سعد الحريري إلى العدول عن فكرة السير في ترشيح زعيم المردة. فعلى رغم ما تردّد عن إيجابية طبعت اتصال الحريري بجعجع أمس، إلّا أن مصادر أشارت لـ«الأخبار» الى أن الحريري أكّد لـ«حليفه» استمراره في مبادرته، وأن «جعجع لم يكن سعيداً بهذا الإصرار». واتفق الطرفان على تنظيم الخلافات بعيداً عن السجالات العلنية وضبط جمهورَي الفريقين، لاستمرار الوحدة داخل فريق 14 آذار.
وأكّد الحريري في اتصال آخر أجراه أمس بفرنجية الاستمرار في مسعاه «في معزلٍ عن العرقلة الحاصلة». وأشارت مصادر لـ«الأخبار» إلى أن زيارة النائب السابق غطاس خوري ومستشار الحريري نادر الحريري لفرنجية، هدفت إلى إبلاغه موقف الحريري. وأكد خوري ونادر الحريري لكل من سألهما عن فحوى الزيارة أن «الترشيح مستمر ولا عودة عنه، رغم كل الاعتراضات». فيما قالت مصادر أخرى إن هدف الزيارة كان معرفة أجواء اللقاء مع السيد نصرالله.
كذلك أكدت مصادر مطلعة في قوى 14 آذار لـ«الأخبار» أن الحريري أبلغ شخصيات في هذه القوى أنه لن يسحب هذا الترشيح ومستمر في مبادرته. وردّاً على سؤال «الأخبار» حول الإصرار على الاستمرار في المسعى في ظلّ الاعتراضات الكثيرة، عبّرت مصادر بارزة في تيار المستقبل عن ثقتها بوجود أجواء إقليمية ودولية مؤاتية للمبادرة في لبنان. واستغربت ما وصفته بـ»تحوّل» في الموقف الإيراني أدى إلى التراجع عن تأييد انتخاب فرنجية، مشيرة الى أن مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية حسين أمير عبد اللهيان أشار أمام رئيس الحكومة تمام سلام في زيارته الأخيرة لبيروت، قبل أسابيع، الى تسوية بين طهران والرياض تقضي بتحييد لبنان عن الاشتباك الإقليمي.
وأقرّت المصادر بأن «تسوية انتخاب فرنجية لا تزال في حاجة إلى وقت لتنضج. فلننتظر شهراً، شهرين أو ثلاثة أشهر. المسعى سينجح في النهاية، برضى العماد ميشال عون أيضاً». وعن المقابل الذي ينوي تيار المستقبل طرحه على عون في مقابل موافقته على التنازل عن ترشّحه والقبول بضمان رئاسة الحكومة للحريري لست سنوات والإبقاء على قانون انتخابات نيابية يضمن حصوله على الأكثرية وغيرها من المطالب، ردّت المصادر بأن «الأمر عند فرنجية، ورئيس الجمهورية المقبل هو من يستطيع أن يقدّم الضمانات للقوى المختلفة وليس تيار المستقبل».
ولفتت المصادر إلى وجوب أن يبادر فرنجية إلى مناقشة الرئيس الحريري في شأن قانون الانتخابات النيابية، فضلاً عن أن التسوية ستضمن لقوى 8 آذار والتيار الوطني الحر الحصول على الثلث الضامن في أي حكومة في العهد الجديد.
صحيفة “النهار” قالت: “بات مؤكداً أن الجلسة الثالثة والثلاثين لانتخاب رئيس للجمهورية بعد غد الأربعاء لن تكون “ثابتة” ولن تشكل نهاية مسار الشغور الطويل، بل رقماً جديداً كمثيلاتها من حيث عدم توافر النصاب، في ظل تعثّر المساعي للتوافق على النائب سليمان فرنجيه رئيساً، ورفض الجهة المعطلة على الدوام هذه التسوية، أي فريق 8 آذار الذي ينتمي اليه، إذ يتركز الرفض لدى تحالف “حزب الله – التيار الوطني الحر”.
لكن الرئيس سعد الحريري ماض في مشروع التسوية في ظل استمرار الشغور وعدم تقديم أي من المعترضين مشروعاً بديلاً، أو عرض اسم بديل يكون مقبولاً لدى كل الافرقاء. وقد اتصل الحريري هاتفياً أمس بفرنجيه وتبادلا الآراء في مستجدات الأوضاع السياسية والاتصالات الجارية. وخلص الاتصال الى تأكيد متابعة التشاور والمضي في المسار المشترك لانتخاب رئيس الجمهورية.
وكان الحريري أوفد السبت مدير مكتبه السيد نادر الحريري والنائب السابق غطاس خوري الى بنشعي في رد ضمني على الذين ينعون التسوية أقله لجهة استمرار ركنيها الأساسيين الحريري وفرنجيه في التشاور المباشر بينهما.
وقالت أوساط قيادية في 14 آذار لـ”النهار” إن الفترة الحالية تمثّل منعطفاً للمبادرة الرئاسية التي أطلقها الرئيس الحريري، فإما ان تستمر بأشكال جديدة وهذا يمثل علامة انفراج، وإما ان تتلاشى وهذه ستكون علامة سلبية في ما يتعلق بالمرحلة المقبلة في لبنان.
وأعربت مصادر أخرى عن اقتناعها بأن الرئيس الحريري ومعاونيه ماضون في اتصالاتهم مع الأفرقاء السياسيين في الداخل ومع عواصم التأثير في الخارج لإنجاح المبادرة، في حين أن حزب “القوات اللبنانية” ومَن يرون رأيه ماضون في موقفهم، أما الغاية من اتصال رئيس “القوات” سمير جعجع بالحريري فهي الاتفاق على أن الاختلاف في الرأي يجب ألا يؤدي إلى خلاف، وقد تحققت هذه الغاية، وستكون هناك اتصالات مماثلة بينهما في بحر هذا الأسبوع.
وأبلغت مصادر حزب “القوات” “النهار” أن جعجع بادر إلى الاتصال بالرئيس الحريري أول من أمس قرابة الظهر، وناقشا الاستحقاق الرئاسي وكل الخيارات المتعلقة به وسلبيات كل خيار وإيجابياته بطريقة عملية، واتفقا على متابعة الاتصالات.
وعلمت “النهار” ان الرئيس الحريري اتصل أمس أيضاً برئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل.
وقالت مصادر في 14 آذار لـ”النهار” على هامش إحياء الذكرى العاشرة لاستشهاد جبران تويني، التي أعادت تحريك الهواجس من انفراط العقد السيادي، “إن ما يجري في الأيام الأخيرة محاولة لتضييق هامش الخلاف بين هذه القوى ورفع قضيتها الى مستوى أرفع من الخلاف على التفاصيل، لأن الفريق الآخر سيحقق انتصاراً بمجرد زرع الشقاق في ما بينها”.
من جهة بنشعي، يمتنع المحيطون بفرنجيه عن التصريحات في انتظار ما سيقوله الخميس في إطلالته عبر برنامج “كلام الناس” في “المؤسسة اللبنانية للإرسال”، لكنهم يشيعون أجواء تفاؤل بمواقف الافرقاء من المبادرة، وأنها ماضية وإن تأخرت.
من جهتها، كتبت صحيفة “السفير”: “إنها مرحلة لملمة الأوراق وترتيبها، بعدما تبعثرت وتناثرت، تحت تأثير قوة العصف التي ترتبت على مبادرة الرئيس سعد الحريري بطرح اسم النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية.
هي مرحلة «إعادة الانتشار» السياسي. القوى الداعمة للمبادرة تحاول «تعويمها» عبر سياسة النَفَس الطويل، والأطراف المعترضة عليها تسعى الى «قضمها» بالتدريج. والمفارقة ان كلا من المعسكرين يراهن على عامل الوقت للوصول الى حيث يريد.
وأضافت الصحيفة: “لا تبدو الظروف مؤاتية بعد لتحقيق إنجاز رئاسي بفعل استمرار التجاذب الداخلي حول ترشيح فرنجية، فيما التقطت الأرصاد السياسية أمس إشارة الى تطور إيجابي في مسار العلاقة السعودية ـ الايرانية، عكسها مساعد وزير الخارجية الايراني للشؤون القنصلية حسن قشقاوي في مقابلة مع تلفزيون «العالم»، بقوله إن مستوى من الحوار بدأ بين السعودية وإيران حول العلاقة الثنائية والملفات الإقليمية.
وتجدر الإشارة الى أن الرياض رشحت سفيراً جديداً لها لدى طهران التي تتولى درس أوراقه، تمهيداً لقبول اعتماده.
وفي انتظار تبيان مدى إمكانية انعكاس المناخ الاقليمي المستجد على الملف الرئاسي، أجرى الحريري أمس اتصالاً هاتفياً بفرنجية «تبادلا خلاله الرأي حول مستجدات الأوضاع السياسية والاتصالات الجارية».
وخلص الاتصال، وفق البيان الصادر عن مكتب الحريري، الى تأكيد متابعة التشاور والمضي في المسار المشترك لانتخاب رئيس الجمهورية.
وكان لافتا للانتباه في البيان، الذي صدر عن الحريري ويُفترض ان يكون فرنجية قد اطلع عليه قبل نشره، تأكيد «المضي في المسار المشترك لانتخاب الرئيس»، ما يعني أن رئيس «تيار المستقبل» لا يزال متمسكاً بدعم ترشيح فرنجية، على الرغم من الاعتراضات التي تواجه هذا الترشيح على ضفتي «8 و14 آذار».
وعُلم أن الاتصال استمر قرابة عشر دقائق، شدد خلاله الحريري على جدّيته في مواصلة المبادرة، ووضع رئيس «المردة» في أجواء الاتصالات التي يجريها، والمعطيات التي يملكها، كما أطلعه على حصيلة المداولات التي تمت بينه وبين رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع عبر الهاتف، واتفق الرجلان على مواصلة التنسيق بينهما.
وأبلغت مصادر واسعة الاطلاع «السفير» ان الاهم في اتصال الحريري بفرنجية أنه ينطوي على رسالة بأن المبادرة مستمرة ولو أنها تباطأت، وان رئيس «المستقبل» لا يناور بطرحها.
وفي المعلومات، أن الحريري مصمم على السعي الى إنجاح مبادرته، وهو أبلغ المتحمسين لها أنه يجب الصمود لتجاوز الصعوبات والعوائق التي تواجهها، مراهناً على عامل الزمن لتليين المواقف، خصوصاً أن أحداً لم يقدم بديلاً موضوعياً من اسم فرنجية.
وكان نادر الحريري والنائب السابق غطاس خوري قد التقيا فرنجية ايضا.
بدورها، ذكرت صحيفة “اللواء” أن “الموقف القواتي لم يكن حادّاً، وأبقى الباب مفتوحاً أمام الأخذ والردّ، وتقليب الاحتمالات والاستفسارات والخيارات البديلة، في ظل وضوح أن لا خيار في الواجهة الآن سوى ترشيح رئيس تيار “المردة” النائب فرنجية ضمن سلّة المبادرة التي أطلقها الرئيس سعد الحريري لإنهاء الشغور الرئاسي، وإبعاد شبهة “الدولة الفاشلة” عن لبنان بتحريك العجلة الاقتصادية، وإنهاء أزمة النفايات، وإعادة الروح إلى مؤسسات الدولة الدستورية، وتغطية الإنجازات الأمنية التي كان آخرها، أمس الأول، باعتقال العقل التنفيذي لتفجيري برج البراجنة بلال البقار، وملاحقة سطام الشتيوي المتواري في جرود عرسال”.
وفيما نفى وزير الثقافة روني عريجي “أي ربط بين اتصال الحريري بفرنجية ومع رئيس حزب “القوات” اللبنانية سمير جعجع، كشف مصدر نيابي لـ”اللواء” أن “الاتصال بين رئيس تيّار “المستقبل” ورئيس حزب الكتائب سامي الجميّل هو السابع أو الثامن بين الرجلين في إطار المتابعة والتشاور”.
واوضح المصدر أن “الرئيس الحريري ما زال مقتنعاً بأن التسوية الرئاسية لم تنته بعكس الانطباع الذي تكوّن لدى المراقبين في الأيام الأخيرة، ولذلك فهو حرص من خلال اتصاله بفرنجية من جهة على أن يُؤكّد بأن خياره ما زال قائماً، ومن جهة ثانية، لا يريد كسر الجرّة مع أحد”..