“المجتمع الدولي يقف الى جانبكم، ولكن عليكم كلبنانيين إغتنام اللحظة وانتخاب رئيس، وتحريك عجلة المؤسسات الدستورية، ليبقى لبنان بلد التنوع نابضاً بالحياة”. عبارة تختصر فحوى رسالة الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، التي لم توفّر جهداً في استطلاع آراء كلّ القوى السياسية في لبنان والخارج وحضّهم على تسهيل مهمة انتخاب رئيس للبنان، من دون أن تحيد قيد أنملة عن الخط الحيادي الذي رسمته لمهمتها، والتي تحظى بتأييد الجميع.
وأكدت كاغ لـ “الجمهورية” أنّ “وظيفتي أن أذهب الى مجلس الأمن وأذكّرهم بألّا ينسوا لبنان، لأنّ الأمور تسير على قاعدة “ماشي الحال”، إنما المطلوب مواصلة دعم لبنان لضمان استقراره وقيامه بدوره بشكل أفضل”.
وأشارت إلى أنّه “في البيان الأخير لمجلس الأمن، جدّد الدول الأعضاء نداءهم لدعم لبنان ودعوا القادة اللبنانيين الى إيجاد آلية لانتخاب رئيس بطريقة مرنة وعاجلة”.
ولفت إلى أنّ “تفجيرات برج البراجنة ذكّرت في الجلسة الأخيرة أنّه على مجلس الأمن أو مجموعة الدعم الدولية أو الأعضاء والمانحين الآخرين القيام بكل ما في وسعهم لدعم الجيش اللبناني والقادة اللبنانيين من أجل انتخاب رئيس للجمهورية، فضلاً عن النظر إلى الوضع الإقتصادي وتداعيات الأزمة السورية وإظهار الكرَم في التمويل”.
وشدّدت على أنّه “علينا فِعل المزيد من أجل لبنان لتأمين حاجات كل من المجتمعات اللبنانية واللاجئين، سواء في مجال توفير فرَص العمل والتعليم، والدفع بأجندة النمو في لبنان، وإشراك القطاع الخاص بصفته قاطرة للتغيير”.
وأضافت “لا نريد الحفاظ على لبنان فقط آنياً والإكتفاء بوقف التدهور، لكن بتوفير مناخ داخله لمستقبل أفضل من أجل أن يبقى بلداً نابضاً بالحياة، حتى يجد الشباب فرَصهم فيه ويفضّلوا البقاء على الهجرة”.
ولفت كاغ إلى أنّه “هناك إرادة دولية حسنة لدعم لبنان، ونتوقع أداءً قيادياً من ممثلي لبنان المنتخبين. هذا لا يعني أننا نُملي شروطاً على لبنان، الذي هو في نظري دولة فريدة في المنطقة وتتميّز بديموقراطيتها، لكن يجب أن تعمل مؤسسات الدولة، وعلى الحكومة أن تجتمع للخروج من هذه الحلقة المفرغة. ففي مطلع السنة، هناك اجتماعات دولية لبحث تمويل آثار الأزمة السورية، ولبنان يجب أن يكون مستعداً وفي يده خطة عمل”.
وإعتبرت أنّه من المهم للأسرة الدولية إنهاء الفراغ للحفاظ على مؤسسات الدولة ومصداقيتها وشرعيتها، فهذه أسئلة برسم القادة السياسيين والمواطنين اللبنانيين”. وتأمل كاغ أن “يُثمر حراك مختلف الأطراف السياسية، بما في ذلك مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه برّي للحوار في التوصل الى حلّ مقبول، وتحقيق النتيجة المأمولة بانتخاب رئيس للجمهورية، من دون أن تخوض مُفصّلاً بالتسوية المطروحة عن إمكان انتخاب النائب سليمان فرنجية رئيساً”.
وترفض كاغ التنبؤ بأنّ التسوية الرئاسية اللبنانية باتت في مهب الريح، وأن لا فرَص لانتخاب رئيس قبل الربيع المقبل، معتبرةً أنّ “هذه تكهنات وسائل الإعلام، ولستُ بوارد التعليق عليها”.
في سياق تداعيات الأزمة في سوريا، أشادت كاغ بكرَم لبنان في استضافة اللاجئين، فالمسؤولية عن اللاجئين هي مسؤولية دولية، لكن لبنان يتحمّل عبئاً كبيراً جداً”. مذكرة بـ”تقرير للبنك الدولي يشير إلى أنّ الأولاد خارج المدارس والعاطلين عن العمل يخلقون مشاكل لهم ولمَن يحيط بهم”، قائلة “علينا تعزيز أمن لبنان واستقراره من خلال ضمان حقوق الجميع. ونتطلّع إلى مناقشة فرَص سبل العيش المناسبة التي ستفيد اللبنانيين واللاجئين، خصوصاً أنّ إمكانية العودة الآمنة الى سوريا في المدى القصير لا تبدو متوافرة”.
وأشارت كاغ إلى “الحاجة لتأمين فرص العمل للمجتمعات الضعيفة اللبنانية وبين اللاجئين السوريين والفلسطينيين الذين يمكن أن يصبحوا ثروة إقتصادية اذا تلقوا استثماراً كافياً”، قائلة “الموضوع حساس لسببين، الأول أنّ هناك قلقاً من أنّ توفير فرص عمل للّاجئين سيجعلهم يندمجون في المجتمع اللبناني ولن يغادروا بعدها. أمّا السبب الثاني فهو أنّهم حلّوا مكان بعض اللبنانيين في سوق العمل”.
وأضافت “في هذه المرحلة الإنتقالية، وللحفاظ على استقرار لبنان وفي النظر إلى أجندات الحماية وحقوق الإنسان، علينا أن نبحث عن الفرص ومساعدة إقتصاد لبنان على النمو”.
وأوضحت “نحن لا نتكلّم عن دمج اللاجئين، ولكن إشراكهم، وهذا مختلف عن الدمج. وهذا أيضاً جزء من أجندة التنمية المستدامة التي أقرّتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول الماضي، والتي وقّع عليها لبنان”.
أماّ بما يخصّ الأزمة السورية إعتبرت كاغ أنّه “ليس لديّ تعليق على الأمر، نحن نراقب التطورات من حيث تأثيراتها على لبنان، ونقدّر مشاركة لبنان في مسار فيينا”، في إشارة الى المؤتمر الذي عقد في تشرين الأول الماضي بهدف بحث حلّ سياسي لسوريا.
وترى كاغ أنّ ” النساء يشكّلون أكثر من 50 في المئة من عدد سكان لبنان، وبالتالي إنّ تمثيلهم بشكل ضئيل في البرلمان ليس ظاهرة صحية، والكوتا هي ضرورة للمرحلة الإنتقالية لكسر هذا السقف الزجاجي”، مضيفة “أنا لا أدافع عن حقوق المرأة فقط لأني إمراة، بل لديّ واجب ومسؤولية أممية في ذلك، والمطلوب من الرجل مساعدة المرأة لنيل حقوقها، ولمستُ تشجيعاً من بعض النواب”.
وختمت كاغ “لدينا نوايا حسنة تجاه لبنان ونحن ضيوف فيه. نتواصل مع كل الأطراف يومياً، هذا جزء من عملي، واحترام وجهات نظر الآخرين، وهذا يؤمّن للأمم المتحدة ممارسة عملنا بطريقة فعّالة ونزيهة لتكوين صورة أوضح عن لبنان”.