تجزم مصادر سياسية مستقلة بأن وظيفة رئيس الجمهورية العتيد تحددت، ولم يعد من مجال للشك، في ضوء التطورات الدولية والاقليمية المتسارعة بأن رئيس البلاد العتيد يجب ان يكون ملمّا إلماما كاملا بالازمات الاقليمية وتفاصيلها وحيثياتها والنتائج التي ستترتب جراء مخططات التسويات التي ترسم لها في كواليس المحادثات الدولية الناشطة في اكثر من عاصمة عربية وغربية، بحيث يتخذ القرارات والاجراءات بالتماهي مع التطورات على المسرح الدولي.
وتقول المصادر لـ”المركزية” إن مواصفات الرئيس يفترض ان تتضمن ايضا القدرة على اتخاذ القرار الحاسم في مواجهة الارهاب، مواكبة للاجواء الدولية التي تنسج التسويات السياسية وتفترض بعد الحل السياسي الانصراف الى توحيد الطاقات والجهود الدولية والاقليمية والمحلية للقضاء على التنظيمات الارهابية التي كُلف الاردن بتحديدها وفرزها. وتضيف بأن الصفات المشار اليها يمكن ان تتوافر في أي شخصية، وليس بالضرورة ان يكون صاحبها من النادي الامني او العسكري، حتى ان المصادر تذهب الى الاعراب عن اعتقادها بأن المرشح المفترض قد يكون مدنيا ومن خارج فلك القادة الموارنة الاربعة.
وتؤكد المصادر ان صفة القدرة على مواجهة الارهاب مطلوبة لكون لبنان معنيا بها من زاوية تعشعش ارهابيين معروفين في بعض المخيمات الفلسطينية التي تحولت بعض ازقّتها الى مرتع لهؤلاء يستعصي على الدولة واجهزتها الامنية والعسكرية الوصول اليهم او تخطي مربعاتهم الامنية التي يتحصنون فيها، مشيرة الى ان مهمة تنظيف المخيمات من الارهاب واستتباعاته اصبحت حاجة ملحة وتوقيت تنفيذها يتراوح بين فرضيتين: اما في مرحلة الفراغ المؤسساتي، اي قبل انتخاب رئيس الجمهورية وربما في مرحلة تصريف اعمال الحكومة تلافيا لاي مواجهة طائفية، واما بعد انتخاب الرئيس شرط ان يكون من معسكر القادرين على الاقدام بمعنى، ان رئيس التسوية الحالية زعيم تيار المردة النائب سليمان فرنجية، اذا حظي بمباركة حزب الله (والامر مستبعد راهنا في ضوء موقفه الاخير)، يكون مؤهلا للعب هذا الدور انطلاقا من موقعه السياسي وتموضعه الراهن الذي يخوله أداء المهمة ما دام “حزب الله” الى جانبه.
وتعتبر ان اختيار فرنجية للتسوية الرئاسية لم يكن عبثيا، فمهندسو التسوية أجروا حسابات دقيقة ووضعوها في ميزان الربح والخسارة قبل ان يقدموا. وتبعا لذلك، ارتأوا ان الوزير فرنجية يمكن ان “يسقط عصفوري” الامساك بالوضعين الامني والسياسي بحجر واحد، ما دام من ضمن فريق 8 آذار المعروفة قدراته ومفاعيله الامنية على المسرح اللبناني بحيث، الى جانب طمأنة هواجس هذا الفريق يمكن تأدية الدور الامني المطلوب دوليا في مرحلة القضاء على الارهاب، واذا لم يتحقق الغرض من ترشيحه، فان مجرد طرحه أحدث نقلة نوعية على مستوى خلط الاوراق وكسر حدة الاصطفافات السياسية وفق ما تبين في الايام الاخيرة على رغم ان هذا الكسر أنتج في مكان ما، تحالفات طائفية ليس وقتها.
ولا تستبعد المصادر ان يكون من بين اهداف المهندسين ايضا اقفال باب الترشيح على القادة الاربعة وفتحه على الرئيس التوافقي المطلوب أساسا، او اسقاط مشروع سلة الحل الكامل التي كان طرحها امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله ما دام الاتفاق على قانون الانتخاب، احد مشاريع سلة نصرالله، متعذرا، فاذا جاء الرئيس من فريق 8 آذار تسحب تلقائيا ذريعة السلة، المحددة اساسا لطمأنة الهواجس.