IMLebanon

ابرام عقود النفط في 2016 والتنقيب في 2017

OilMapLebanon
ميريام بلعة

شهد الأسبوع الفائت تحركاً على أعلى المستويات، في موازاة متابعة مجريات التسوية الرئاسية، طفى بملف النفط اللبناني إلى سطح الإهتمامات، عزاه البعض إلى تحسّس الخطر الإسرائيلي الداهم على حدود لبنان النفطية، والبعض الآخر إلى تعويض «تجميد التسوية الرئاسية» بـ»استذكار العمل الحكومي» لعقد جلسة لإقرار المراسيم النفطية العالقة في أدراج مجلس الوزراء.

وانطلاقاً من الشعور بالقلق والخوف على حدود لبنان النفطية، تحركت هيئة إدارة قطاع البترول باتجاه المسؤولين المعنيين، لتحريك الملف وإزالة المعوقات التي تؤخر إقرار المراسيم والمراحل التالية.

فبعد الاجتماع النفطي في عين التينة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، ثم ترؤس رئيس الحكومة تمام سلام في السراي اجتماعاً لمناقشة موضوع النفط، يُتوقع إقرار مرسومي النفط بعد تذليل العقبات التقنية حول هذا الملف، والأخذ بملاحظات كل الوزارات المعنية، في ظل الإجماع السياسي المستجدّ على ضرورة إخراج الملف من نفق الجمود، وفي ضوء التسارعات الإقليمية لعقد تحالفات في مجالي النفط والغاز، ولبنان في غيبوبة منها.

ياغي

وفي هذا السياق، أوضح الخبير النفطي الدكتور ربيع ياغي في حديث إلى «الشرق»، أن «النقطة الأهم التي تشكّل السبب الرئيسي المباشر لتحريك ملف النفط، تكمن في النشاط الإسرائيلي المفاجئ في حقل «كاريش» الذي يبعُد 4،5 كلم عن حدود لبنان الجنوبية. هذا التحرّك الذي تبيّن من خلال اتصالات أجراها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مباشرة وفردياً، على المستويين السياسي والتقني، مع الشركات النفطية العالمية، وفي مقدّمها «آني» الإيطالية و»شافرون» الأميركية و»توتال» و»شل» و»بريتيش بتروليوم» وغيرها، حول سبل تطوير حقل «كاريش» الذي تم اكتشافه في العام 2013 لكن لم يكن آنذاك التمويل اللازم متوفراً لتطويره».

وقال: «إن تحريك موضوع هذا الحقل بغرض التطوير مع كبريات الشركات العالمية يدفع بلبنان إلى أخذ الأمور في المنحى الجدي، الأمر الذي يفرض به اتخاذ الخطوات المناسبة في هذا المجال قبل فوات الأوان. من هنا إن أضعف الإيمان إقرار المراسيم النفطية المتعلقة منها بتلزيم البلوكات النفطية بين لبنان والشركات المتخصصة المؤهّلة، أبرزها الشركات الني تحاول إسرائيل التواصل معها».

أضاف: «والسبب الثاني لتحريك ملف النفط في الفترة الأخيرة، هو عامل الوقت الذي أصبح ضدّ لبنان وعلينا تقدير أهميته جيداً، فعند أي تأخير إضافي، أشهر أو سنوات، تصبح ثروتنا النفطية سائبة، وندخل في مرحلة اللامبالاة وهي سيئة في حق لبنان. فالجميع متفقون اليوم، سياسياً وتقنياً، على أن الملف يجب وضعه على نار حامية، وبالتالي اتخاذ الخطوات الإدارية المطلوبة لطرح التلزيمات مجدداً، وأعتقد أنه من اليوم وحتى العام 2016 ستكون للبنان عقود موقعة مع شركات عالمية، وفي العام 2017 نبدأ بالتنقيب الفعلي في المياه اللبنانية».

وعن سبب تفاؤله في هذا الموضوع، قال:» نحاول النظر إلى النصف الملآن من الكوب، وإلا في رأيي هناك «دعسات ناقصة» يجب تجنّبها، فالقضية حساسة جداً، تفترض بنا التصرف بحِرفية ومهنية عالية وبروح وطنية».

وعما إذا كانت شركات النفط العالمية تثق بلبنان ولا تزال ترغب فعلاً في التعاون معه بعد طول انتظار، قال ياغي: «الشركات في النهاية، هي عبارة عن رساميل تريد الإستثمار، وبالتالي المياه اللبنانية منطقة واعدة جداً، والجميع بحاجة إلى هذه الطاقة النظيفة. وحتى لو كنا نعاني من مشكلات سياسية أو غيرها على الساحة الداخلية، فلن تؤثر على هذا الملف، بل نحن نستخدم تلك المشكلات كحجج لتبرير تقصيرنا، إذ أن الشركات النفطية العالمية عملت في الماضي في بلدان حامية وعانت مشكلات كبرى كأنغولا على سبيل المثال. من هنا لا تأبه الشركات للمشكلات القائمة في بلدان لها فيها مصالح كبرى، فموقع لبنان الجغرافي استراتيجي بالنسبة إليها، بغض النظر عن التناحر السياسي الذي نعيشه و»النفايات السياسية» التي نواجهها».

لا للمحاصصات السياسية

وتابع: من هنا، الشركات النفطية العالمية لن تتردد في المشاركة في التلزيمات النفطية مع لبنان، بل على العكس ستعتبرها فرصة قد يكون فيها موقعها التفاوضي أقوى، خصوصاً أن أسعار النفط والغاز تراجعت نحو 60 في المئة منذ ما قبل السنة. ويعتبر البعض أنه طالما الأسعار تتراجع فالشركات ستعدل عن التنقيب، على العكس فالشركات ماضية في العمل لاعتبارها أن هذه الأسعار تتفاوت صعوداً ونزولاً بين سنة وأخرى، فالسعر متحرك. ولفت إلى أنه «بعد عشر سنوات ستصبح لدينا وفرة تجارية من إنتاج الغاز في المياه اللبنانية، في حال بدأنا اليوم بالتنقيب، وهذه ثابتة علمية لا شك فيها».

وختم: «بناءً عليه يجب أن نولي هذه الأمور الجدية المطلوبة وأن نتصرّف بحِرفية ومهنية بعيداً من أي محاصصات سياسية، عندها تستقيم الأمور وتسير في المنحى الصحيح. لكن الأهم إبعاد ملف النفط عن المذهبية والسياسة، عندها يكون لبنان بألف خير».

الجدير ذكره أن لبنان يواجه مشكلة قضم مساحة 865 كيلومتراً مربعاً من المياه الإقتصادية الخالصة، تعرّضت لقرصنة إسرائيل نتيجة الإتفاق الغامض غير المبرم بين لبنان وقبرص عام 2007 والقاضي بتقاسم المياه الدولية مناصفة بين الدولتين، ورُسم في حينه ما يسمى «خطاً وسطياً»، لفصل المنطقة الإقتصادية الخالصة لكل من لبنان وقبرص، لكن هذا الإتفاق لم يحدّد نقاط البداية والنهاية لهذا الخط، بل كان ضبابياً، وهو أمر استغلته إسرائيل في مفاوضاتها مع قبرص في العام 2010.