Site icon IMLebanon

خيار الترحيل “في خواتيمه”.. ماذا عن النفايات “غير الصالحة”؟


حنان حمدان

بعد مرور خمسة أشهر على أزمة النفايات، لا تزال الحلول البديلة من طمر النفايات في مطمر الناعمة تأخذ الحيز الأكبر من المباحثات والنقاشات الدائرة في إجتماعات وجلسات المعنيين بإيجاد حل لأزمة النفايات المتكدسة والمتراكمة في الشوارع والمكبات العشوائية في لبنان. المباحثات تلك لم تجد حلاً حتى الأن، لذلك عمد المسؤولون إلى طرح خيار الترحيل كخيار “مؤقت” في الوقت الراهن. وبالتزامن مع طرح خيار الترحيل إتخذت بلدية بيروت قراراً بوضع دفتر شروط لإجراء مناقصة تلزيم معالجة نفايات بيروت الإدارية. يحدث ذلك في وقت لا يزال فيه موعد تحويل أموال البلديات مجهولاً، كما مصير النفايات المتراكمة التي لا يمكن ترحيلها، في حين يعاد طرح إعادة فتح مطمر الناعمة مرة أخرى لفترة لم يتم تحديدها بعد، ما يشي بغياب بلورة واضحة لحل جذري يمكن إعتماده لحل أزمة النفايات في الوقت القريب، وكأن المباحثات تدور في حلقة مفرغة يصعب الوصول من خلالها إلى أفضل “الممكن”.

قرار بلدية بيروت تكليف الـ UNDP وضع دفتر شروط لإجراء مناقصة تلزيم معالجة نفايات بيروت الإدارية إلى شركة متخصصة، على أن تتولى البلدية كنس وجمع النفايات، أتخذ في الجلسة التي عقدها المجلس البلدي، الخميس الفائت، وفق ما يؤكده نائب رئيس بلدية بيروت نديم أبو رزق في حديث لـ “المدن”. التكليف يأتي ضمن خطة بعيدة الأمد، تسعى البلدية إلى تنفيذها في الوقت الذي تُمنح فيه البلديات مسؤولية تحمّل معالجة نفاياتها بنفسها، وتحديداً في المرحلة المستدامة من خطة الوزير أكرم شهيب، وفي حال فشل خيار الترحيل وتم تسليم البلديات أموالها.
وضع دفتر شروط لتلزيم معالجة النفايات في بيروت الإدارية سبقه إستدراج لعروض ضمن مشروع متكامل لمعالجة النفايات في معظم بلديات جبل لبنان التي طالتها أزمة النفايات، وفق ما يؤكده رئيس إتحاد الغرب الأعلى والشحار وليد العريضي في حديث لـ “المدن”، لافتاً إلى أن “الأسعار التي تم تقديمها من قبل العارضين حينها هي أدنى بكثير من الأسعار التي كانت تتقاضاها شركة سوكلين”. وقد وضعت تلك المشاريع في أدراج المسؤولين على الرغم من أنها إستدرجت عروضاً بأسعار قاربت الـ 70 دولاراً للطن الواحد، بما في ذلك كلفة إعادة طمر البقايا.
معظم هذه البلديات حاولت تحصيل أموالها، للمباشرة في تنفيذ مشروع معالجة النفايات ضمن إطار منطقتها، إلا أن عائدات البلديات لا تزال خاضعة للتجاذبات السياسية لاسيما أن طريقة صرفها تلقى اعتراضاً من “التيار الوطني الحر”. فيما يتم التباحث حالياً في خيار الترحيل الذي “أصبح في نهاياته”، وفق ما أكده وزير الزراعة أكرم شهيب، الإثنين بعد إجتماع لجنة متابعة ملف النفايات.
وبالتزامن مع اعتماد خيار الترحيل كحل رسمي دخل مرحلة غربلة العروض وانتقاء العرض الأسلم والأضمن والأرخص وفق ما يتم تناقله رسمياً، أعيد الى طاولة الترحيل طرح خيار نقل النفايات المتراكمة على الطرقات وفي المكبات العشوائية، والتي يصعب ترحيلها، إلى مطمر الناعمة.
طرح خيار إعادة فتح المطمر لم يأت عبثاً، بل نتج عن الموافقة المبدئية التي أبداها بعض أهالي منطقة الناعمة حين طرح خيار إعادة فتح المطمر لمدة 7 أيام، وانقسم حينها الأهالي بين موال للخطة ورافض لها. إلا أن المسألة لم تعد تحظى بالقبول كما كان سابقاً، إذ بدأت تتبلور المواقف السلبية الناتجة عن رفض الأهالي والجمعيات المحلية فكرة إعادة فتح مطمر الناعمة حالياً، على اعتبار أن الموافقة التي أبداها الأهالي سابقاً أتت مشروطة بنقل النفايات بالتوازي الى مطمري سرار والبقاع، وفق ما يؤكده عضو الحملة الأهلية لإقفال مطمر الناعمة وليد الشعار لـ “المدن”.
وفي السياق، علمت “المدن” أنه تم تقديم عرض مبالغ مادية ومشاريع تنموية لمنطقة الناعمة وضواحيها مقابل إعادة فتح المطمر لأيام معدودة لكن غير محددة بعد، بسبب صعوبة إحصاء حجم النفايات المتراكمة حالياً، والتي تتوزع على عقارات مؤقتة فاق حجم النفايات فيها مساحة العقار نفسه كما حصل في عقار الكرنتينا، والذي يستقبل نفايات بيروت الإدارية المتراكمة منذ أشهر عدة، وفق ما أكده أبو رزق. أما نفايات الضاحية الجنوبية والشويفات فإنها ليست أفضل حالاً، فهي أيضاً “تنقل منذ اللحظة الأولى للأزمة إلى منطقة تعرف بحائط المطار، والذي تم اختياره كمكب مؤقت من قبل بلدية الشويفات وإتحاد بلديات الضاحية، وفق ما يؤكده المسؤول الإعلامي لبلدية الشويفات جاد حيدر، لـ “المدن”. وفي العقارين تلتزم شركة “سوكلين” خدمة نقل النفايات.
أما في بلدات جبل لبنان، فإن التعامل مع النفايات لا يزال يتم بشكل فردي، إذ تتولى البلديات أمر نقل نفاياتها بنفسها، ووضعها في مكبات عشوائية غير صحية ولا بيئية، وفق ما يؤكده العريضي، الذي يأمل أن “يتم تحويل أموال البلديات في الوقت القريب، قبل أن يزداد الأمر سوءاً”، رافضاً “أي حديث يتم تداوله مؤخراً حول إعادة فتح مطمر الناعمة، إلا إذا كان ذلك في إطار خطة متكاملة يتم من خلالها توزيع النفايات المتراكمة في مناطق مختلفة من لبنان”.
وبانتظار ما ستؤول إليه الأمور في موضوع ترحيل النفايات، يبقى البحث عن حل جذري ينهي أزمة النفايات في لبنان جارياً، إذ تبقى جميع الحلول المطروحة، حلولاً مجتزأة ومؤقتة لا تفي بالغرض منها.