إلتقى رئيس تجمع رجال الأعمال اللبنانيين الدكتور فؤاد زمكحل مع سفير أستراليا في لبنان غلين مايلز في مقر السفارة الأسترالية في بيروت.
وعرض زمكحل مختلف ألأولويات والمشاريع الجارية ضمن التجمع ونتائج الطاولات المستديرة الاقتصادية مع الاتحاد العمالي العام في لبنان، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي (FMI)، والاسكوا (ESCWA) والاتحاد الأوروبي ومع سفير البرازيل من أجل إدماج لبنان في السوق المشتركة Mercosur والاجتماع مع سفير إيران للدخول الى هذه السوق الجديدة ذات الإمكانات العالية.
وعرض نتائج مختلف البعثات الاقتصادية ووفود رجال الأعمال اللبنانيين التي ترأسها الى دول عدة.
وشدد زمكحل على هدفه الأساسي ألا وهو “الدفاع عن القطاع الخاص اللبناني مع الحفاظ عليه بعيدا ومستقلا عن أية توترات سياسية من شأنها تلويث بيئة الأعمال”. وأشار إلى “أهمية وفرص إعادة بناء البنية التحتية في لبنان بمساعدة الشركات العالمية وخاصة الأسترالية منها ضمن شراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) وهي الحل الوحيد الممكن والقابل للتحقيق في لبنان”.
وأشار الى انه “لا بد من بناء شراكات مميزة مع رجال الأعمال الأستراليين وخصوصا مع الجالية اللبنانية الكبيرة الموجودة في استراليا منذ أجيال، وخلق التآزر المثمر معهم من أجل تنفيذ استراتيجيات نمو جديدة”، قائلا: “نحن بحاجة إلى تبادل معرفتنا، وخبراتنا، ومنتجاتنا، وخدماتنا، بحيث يمكن لكل واحد منا تنويع أنشطته بشكل مستقل أو معا اعتمادا على نظام تحالف استراتيجي على المدى القصير أو المتوسط أو الطويل.
ثانيا، نحن بحاجة إلى زملائنا الاستراليين بغية النمو في أسواق جديدة مثل الصين والولايات المتحدة وهم بالتأكيد بحاجة إلينا للنمو في الأسواق العربية في الشرق الأوسط”.
أضاف: “يمكن النظر إلى لبنان أو فهمه على أنه سوق صغيرة مؤلفة من 4 ملايين شخص ولكن في رأيي المتواضع إن هذه الرؤية غير صحيحة. يجب اعتبار لبنان على أنه بوابة متميزة نحو الشرق الأوسط بأسره. بالفعل، تمر هذه المنطقة في مرحلة إعادة هيكلة، مما يمثل سوقا ضخمة مع تزايد مطرد في الطلب وقوة شرائية متزايدة. ليس هذا سرا على أحد، بل بالأحرى انه واقع إذ أن معظم شركات القطاع الخاص المحلية تعمل، وتستمر وتنمو من خلال فروعها في الخارج وتواجدها الإقليمي والدولي.
على المستوى الإقليمي، صحيح أن الصراع السوري يزداد تعقيدا يوما بعد يوم، في حين يهز صوت البنادق، أو بالأحرى صوت الطائرات المنطقة بأسرها والدماء تسيل أكثر فأكثر. تشكل هذه الحرب عبئا ثقيلا على بلدنا، واقتصادنا، وتوازننا الاجتماعي وأمننا، ولكن يجب ألا ننسى أن لا حرب تدوم إلى الأبد وان إعادة إعمار سوريا، الذي تجاوز 500 مليار دولار يمر أساسا عبر لبنان. ان الأيدي الخفية هي التي تحضر الحروب والأمر نفسه ينطبق على النزاعات فهي تحسم أيضا وراء الأبواب المغلقة وفي الكواليس، إنما بإمكان حمائم السلام أن ترفرف في السماء عندما لا نتوقع ذلك أبدا. إن فائزي الغد هم رجال الأعمال والرياديين الذين سيكونون أول من سيتمتع بالشجاعة والجرأة والذي سيحملون غصن الزيتون في يد ومجرفة الاعمار في اليد الأخرى، متجهين نحو هذه الأرض الخصبة في الوقت المناسب. لذا لا بد من الاستعداد معا ومنذ الآن لهذا المشروع الإعماري الضخم”.
وختم: “صحيح أن بلدنا صغير ولكنه يتعامل مع أكبر البلدان والقارات. انه بلد يتمتع بفرص كبيرة بينما تستمر العناية الإلهية بحمايته. بلدنا هو رسالة، أرض مقدسة، ولن نتركها بل سنستمر ونثابر مهما كانت المخاطر والصعوبات”.
مايلز
أما السفير الاسترالي فقال خلال اللقاء: “نحن نعلم جميعا أن لبنان قد تأثر سلبا من الأحداث الكارثية التي شهدتها المنطقة على مدى السنوات الخمس الماضية.
على وجه الخصوص، كان للصراع في سوريا تأثير كبير على البيئة الاجتماعية والاقتصادية والأمنية في لبنان وما يزال هذا التأثير مستمرا، لجهة الفراغ الرئاسي، وكذلك الجمود السياسي الحالي وشلل المؤسسات، يعني ان الحكومة تعاني من صعوبات في الاستجابة للتحديات التي تواجه لبنان.
نحن نعلم جميعا أن نمو الناتج المحلي الإجمالي قد عانى بشدة ولا يزال يفتقر الى الكثير من إمكاناته. ندرك جميعا أن البطالة هي عالية للغاية مما يدفع الكثير من شباب هذا البلد الى البحث عن عمل في الخارج. ندرك جميعا أن عدم القدرة على تمرير الميزانية منذ عام 2005 يمنع من وضع استراتيجية اقتصادية شاملة تهدف إلى النمو والإصلاح. وندرك كذلك أن وجود أكثر من مليون لاجىء سوري في لبنان يشكل ضغوطا كبيرة على البنى التحتية، لا سيما المياه والكهرباء والبنية التحتية الخاصة بالنقل العام الذي كان يعاني بالفعل منذ سنوات من ضعف في الاستثمار. ولكن على الرغم من هذه السلبيات، هناك فرص للشركات والمستثمرين الأجانب- بما في ذلك أستراليا- التي هي على استعداد للنظر في هذه السوق”.
أضاف: “برأيي ان الأهم من ذلك كله هو صمود الشعب اللبناني في مواجهة هذه التحديات والتغلب عليها. عندما يسألني أحد عن لبنان، أشبهه دائما ببحر هادئ في عين الإعصار. وهذا صحيح: – على الرغم من كل ما يجري في المنطقة، وقد نجا الاقتصاد اللبناني ويستمر واقفا على قدميه- بحيث ان معدل النمو وفق تقديرات صندوق النقد الدولي بلغ نحو 2 في المائة.
– ظلت الأسواق المالية والبورصة صامدة.
– ان الوضع الأمني، على الرغم من التحديات، لا يزال مستقرا إلى حد كبير.
– على المستوى الإنساني، فتح لبنان أبوابه امام اللاجئين، ولا بد من الثناء دوليا على تزويده لهم مكانا آمنا في وقت الحاجة. والأهم من ذلك، ان الشركات التجارية لا تزال تعمل.
يعود هذا الأمر في جزء كبير الى روح المبادرة لدى رجال ونساء الأعمال اللبنانيين- ولا يقتصر على لبنان، بل يشمل كل بلد توجد فيه جماعات لبنانية كبيرة، بما في ذلك أستراليا”.
وتابع مايلز: “عندما نتحدث عن الإمكانات في التجارة والاستثمار بين أستراليا ولبنان، يجب أن نوسع آفاقنا.
نحن لا نتحدث فقط عن بلدينا، ولكن عن الخليج والعراق وغرب أفريقيا، وكندا، وأمريكا اللاتينية، وجميع المناطق والبلدان حيث الجالية اللبنانية ممثلة تمثيلا جيدا وناجحا.
لذلك ينبغي النظر الى لبنان على انه مركز يمكن أن يكون صلة الوصل بين الشركات.
كما ويمكن لبيئة سياسية أكثر إيجابية أن تساهم بهذا- وقد شهدت الأسابيع القليلة الماضية أخيرا تحركا إيجابيا في هذا الخصوص.
– المحادثات الجارية حول وقف اطلاق النار في سوريا، والتي شهدت لأول مرة جميع اللاعبين الرئيسيين جالسين على طاولة واحدة.
– الإفراج في وقت سابق من هذا الاسبوع عن 16 جنديا في الجيش اللبناني والشرطة اللبنانية الذين تم اعتقالهم لمدة 18 شهرا- ورافقته احتفالات كبيرة لعودتهم سالمين.
– وأخيرا، المناقشات الجارية بشأن تعيين رئيس جديد وإمكانية إجراء انتخابات جديدة”.
وإذ شدد على ان “استراليا تعتقد ان اختيار الرئيس هو مسألة تخص الشعب اللبناني”، قال: “مع ذلك نرى أنه من الجوهري شغل هذا المقعد الشاغر بأسرع وقت ممكن لوضع حد للفراغ الحالي”.
ورأى أن “النموذج الاقتصادي في لبنان يعتمد على الثقة”، لافتا الى ان “تعيين الرئيس ووضع حد للفراغ السياسي سيعطي الدفع اللازم لتشجيع الثقة في الأعمال التجارية، كما ومن شأنه أن يؤدي إلى زيادة في النمو الاقتصادي”.
وقال: “الأهم من ذلك، نأمل أن حكومة وسلطة جديدة ستساهمان في تطوير برنامج التنمية الاقتصادية والإصلاح الذي من شأنه أن يضع أسس النمو في المستقبل.
سيستفيد لبنان من عودة السلام الى سوريا. سيكون لبنان في وسط إعادة بناء سوريا. لكن سوف يحتاج إلى أن يكون قادرا على المنافسة للاستفادة بالكامل على الصعيد الاقتصادي. وسوف يحتاج أيضا الى شركاء. وهنا يمكن لأستراليا- وعلى الأخص الشركات الاسترالية – المساعدة وان تكون شركاء جيدين”.
وتطرق الى واقع الاقتصاد الأسترالي فقال: “من المتوقع أن يكون الاقتصاد الاسترالي الاقتصاد الثالث عشر الأكبر في العالم في العام 2015 بينما كنا في المرتبة الخامسة في العالم في ما يخص الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد. وهذا الأمر مبني على أسس متينة. بالفعل، اننا الاقتصاد المتطور الوحيد الذي سجل نموا متواصلا على مدى 24 سنة.
مثل لبنان، لدينا ايضا قطاع مالي قوي إذ تجمع استراليا لإدارة صناديق الاستثمار هو ثالث أكبر تجمع في العالم. نحن أيضا، مثل لبنان، نؤمن في التعليم – بالفعل احتلت أستراليا المرتبة الثانية في تقرير التنمية البشرية للأمم المتحدة، والذي يقوم بتقدير وقياس استثمار كل بلد في شعبه.
ان استراليا بلد رائد عالميا في الأعمال الزراعية، والتعليم والسياحة والتعدين وإدارة الثروات. أما شركاتنا فهي رائدة عالميا في العديد من القطاعات – ولها خبرة في العمل في الأسواق ذات التحدي العالي والبيئات الصعبة.
من آسيا، إلى المحيط الهادئ، ومن أوروبا إلى الشرق الأوسط- تدخل المؤسسات الاسترالية في شراكات مختلفة وتكسب المناقصات على نطاق واسع بفضل كفاءتها، والتكنولوجيا لديها، وايضا بفضل موقفها الايجابي القائم على الشعار التالي “يمكننا القيام به” ومهنيتها. لذا فنحن نأمل أن نتمكن من بناء الجسور والروابط الموجودة أصلا، وبناء إطار للنمو لصالح بلدينا”.
واختتم السفير الاسترالي كلمته مهنئا رئيس تجمع رجال الأعمال اللبنانيين على جهوده من أجل خدمة الاقتصاد اللبناني وتنميته دوليا، وشكره على دعمه لنجاح منتدى الأعمال “ALCCI Forum 15” الذي انعقد الأسبوع الماضي في بيروت.