Site icon IMLebanon

زيت الزيتون تحت رحمة المستورد والمزوّر والمهرّب

Olive-oil

 

بيار عطالله

 

أصدر وزير الزراعة أكرم شهيب قبل فترة قراراً منع بموجبه استيراد الزيتون ومشتقاته لمدة شهرين من تاريخه إلا بإجازة مسبقة، بشكل يتيح تصريف الزيتون او الزيت اللبناني لدى المزارعين قبل السماح باستيراد المنتجات العربية وتالياً اجتياح الاسواق اللبنانية، والتي كانت توفر النقص في حاجاتها من الزيتون السوري والمستورد. ولكن، كانت النتيجة – كما هي العادة – على حساب الانتاج والمزارع اللبناني الذي ينتظر طيلة السنة ليبيع صفيحة الزيت ويؤمن القليل من المدخول الذي يقيه شرّ التسول على ابواب المصارف والمرابين، أو في اسوأ الاحوال بيع ارضه الى تجار العقارات والسماسرة.

وحكاية الزيتون والزيت اللبناني يصحّ فيها المثل القائل “متل حكاية ابريق الزيت”، اذ يجهد المزارعون وملاّك الاراضي المزروعة بالزيتون في العمل للانتهاء من موسم القطاف والمعاصر بأقصى سرعة قبل وصول الامطار والثلوج، ليفاجأوا وهم في عزّ هذا الموسم، بالشحنات السورية والتي تسمى القاطرة والمقطورة في التعبير الشعبي، تصل الواحدة تلو الاخرى من سوريا وبمعدل شبه يومي، وهي محمّلة بأطنان من الزيت السوري الذي يبلغ حجم انتاجه هذه السنة مليون طن. هذا الامر يتسبّب بمشكلات كثيرة لمنتجي الزيت اللبنانيين نظراً الى سعره المتدني جداً والذي لا يتجاوز 13 الف ليرة سورية في الارياف السورية (أي ما يعادل 30 دولاراً اميركياً)، هي كلفة ايجار العامل السوري اليومي في لبنان، اذ وصل سعر صفيحة الزيت سعة 20 ليتراً الى 150 دولاراً واكثر في بعض المناطق نتيجة ضعف الانتاج الناجم عن الجفاف القاسي الذي ضرب المواسم. ويؤكد المتابعون لملف الزيتون والزيت في لبنان، أن المزارعين السوريين سواء أكانوا في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، أم في مناطق “المعارضات”، يفضلون بيع منتج الزيت لديهم والحصول على العملة الخضراء اياً كان السعر، بدل الاحتفاظ بها في مستودعاتهم ومنازلهم. والانكى من كل ذلك، ان ثمة تجاراً لبنانيين لا يكترثون لأمر اخوانهم المزارعين وجلّ همهم جمع الاموال، ما ادى الى تدفق عشرات الشاحنات المحمّلة بالزيت الى مناطق انتاج الزيتون اللبنانية بالذات، اذ يصار الى الغش وخلط الزيوت بالانتاج اللبناني او بزيوت منتهية الصلاحية تمهيداً لانزالها الى الاسواق، كون زيت الزيتون يشكل مادة اساسية في المطبخ اللبناني والشرق اوسطي لا يستعاض عنها.
في الدول المجاورة، منع الاردن استيراد الزيت العربي والاجنبي قبل الانتهاء من تصريف الانتاج المحلي، وكذلك فعلت السلطة الفلسطينية في غزة والضفة الغربية. ورغم الارتفاع العالمي في اسعار زيت الزيتون، إلا ان الزيت السوري يباع بأسعار متهاودة تضرب الانتاج اللبناني في شكل حاسم. ويقول رئيس الفرع الزراعي في اتحاد الجمعيات التعاونية جورج العيناتي، ان لا تهريب للزيت السوري بل تمر الشاحنات على الحدود من دون “اي حسيب او رقيب”، وتدخل لبنان لتضرب الانتاج الزراعي وتهدّد المزارعين في لقمة عيشهم ومصدر رزقهم الوحيد. ويسجل المزارعون وصول اكثر من 20 قاطرة ومقطورة الى الكورة وحدها منذ بدء موسم قطاف الزيتون اللبناني والسوري.