شهدت أسعار النفط عاما متقلبا يشارف على الانتهاء، لكن في ظل نتيجة الاجتماع الأخير لمنظمة أوبك وتوجه المنتجين الكبار لمواصلة الإنتاج بغض النظر عن مستويات الأسعار، فإن المواجهة بين القوى الكبرى المنتجة للنفط، سيكون العام المقبل 2016 مسرحا كبيرا لها، سواء من جانب دول أوبك أو الولايات المتحدة أو روسيا، وسط توجه جميع الأطراف للدفاع عن الحصص السوقية.
وقال نيل اتكنسون، رئيس قسم التحليل في شركة “لويدز ليست إنتليجنس، ضمن تقرير لقناة العربية إن أوبك عندما قررت منذ عام الدفاع عن الحصص السوقية، علمت أن أسعار النفط ستبقى منخفضة لفترة. وفي تقييم هذه الاستراتيجية ولا أعتقد أنه كان لديها خيار آخر في حينها… فلو خفضت الإنتاج وحافظت على الأسعار المرتفعة كان ذلك سيشكل محفزا للدول ذات التكلفة المرتفعة لا سيما منتجي النفط الصخري لرفع الإنتاج ولكان المعروض في الأسواق عند نفس المستويات اليوم ولكن من منتجين من خارج أوبك سيأخذون من حصصها السوقية.
ويستبعد الخبراء قيام روسيا بأي خطوات لخفض إنتاجها الذي وصل الى مستويات تاريخية في نوفمبر الماضي عند عشرة ملايين وثمانمئة ألف برميل يوميا، وسط سعيها لزيادة حصصها السوقية في آسيا ولاسيما الصين، إضافة الى رفع حصتها في السوق الأوروبية قبل عودة النفط الإيراني الى الأسواق.
من بين أبرز العوامل التي ستؤثر على أسواق النفط خلال العام المقبل السرعة التي سيعود فيها النفط الإيراني الى الأسواق عند رفع العقوبات. الإيرانيون متفائلون جدا متوقعين ضخ خمسمئة ألف برميل يوميا إضافية من النفط خلال أشهر قليلة وخمسمئة ألف برميل يوميا أخرى بعدها بقليل. لكن الكثير من الخبراء لا يرون أن الأمر بهذه السهولة إن كان لرفع الإنتاج أو لتسويقه بعد إنتاجه.
من جهته قال جايسون شنكر، رئيس شركة “بريستيج إكونومكس” أن الأسعار على المدى القريب ستسوء قبل أن تعود للتحسن مع نهاية 2016 – ما سيدعم التحسن مع نهاية العام المقبل التيسير الكمي الذي يتواصل في الصين وسياسات تحفيز الاقتصاد في أوروبا التي قد تبدأ بإظهار ثمارها. هذا إضافة الى انخفاض الإنفاق الرأسمالي في الولايات المتحدة على المشاريع النفطية الجديدة.
بدورها رأت كورنيليا ماير – رئيسة شركة MRL وخبيرة نفطية، أن الضغط على أسعار النفط خلال النصف الأول من العام المقبل في ظل الضعف في الاقتصاد العالمي وتوجه الفدرالي لرفع أسعار الفائدة المتوقع هذا الشهر وهذا سيؤثر على الصادرات الأميركية. لكن الأسعار المنخفضة ستؤثر نهاية على إنتاج النفط الصخري وعندما يظهر ذلك بشكل أكبر ستبدأ الأسعار ارتفاعها التدريجي خاصة إذا تحسن الوضع الاقتصادي أيضا.
وقد شهد عام 2015 تقلبات كبيرة لأسعار النفط، حيث ارتفعت خلال الأشهر الخمسة الأولى بنحو عشرين في المئة لتعود وتهوي بأربعين في المئة من قمتها مع نهاية السنة لتحوم قرب أدنى مستوياتها منذ الأزمة المالية العالمية.
ومع انتهاء الاجتماع الأخير لمنظمة أوبك لعام 2015 من دون تغيير سقف الإنتاج من الواضح أن التحديات أمام أسواق النفط تبقى قائمة وأن مرحلة تراجع الأسعار لم تنته بعد… فمع طي صفحة العام الجاري وفتح صفحة جديدة سيكون من المثير رؤية مدى تحمل أعضاء المنظمة الأسعار المنخفضة وما إذا ستهبط الى مستويات يدق فيها ناقوس الخطر أم ان سياسة أوبك ستنجح أخيرا في كبح التراجع.