رأى أمين سرّ حركة “التجدد الديموقراطي” أنطوان حداد “ان في طليعة الأسباب الموجبة لمبادرة الرئيس سعد الحريري يأتي الفراغ الرئاسي الذي طال أمده أكثر من أي مرة سابقة والذي بات يهدد الاقتصاد الوطني ومؤسسات الدولة وحتى قدرتها على تسيير الخدمات العامة الأساسية، بدليل استمرار أزمة النفايات من دون حلّ، وبالتالي الحاجة الماسة لإحداث اختراق ما في هذا الجمود القاتل”.
وإذ أكد أن لا خلاف بشأن ضرورة ملء الفراغ الرئاسي، تدارك حداد في الحديث لجريدة “الراي” الكويتية سائلا: ألم يكن ممكناً الوصول إلى ذلك إلا عبر تسمية الرئيس الحريري مرشحاً من صلب الفريق الآخر؟”، مضيفاً: “في اعتقادي أنه كان من الأجدى الإبقاء على خيار المرشح التوافقي أو الحيادي بين فريقي 8 و14 آذار، حتى لو تَطلّب الأمر وقتاً إضافياً. فهذا خيار منطقي ومنصف ويعبّر بأمانة أكبر عن موازين القوى الداخلية والخارجية”.
واعتبر أن “الميزة الأساسية للنائب فرنجية أنه مباشر وصريح في طروحاته وخياراته، الأمر الذي يسهّل التعاطي معه”، لافتاً إلى أن “العائق الأكبر أمامه هو علاقته المميزة بالنظام السوري وبالرئيس بشار الأسد، والتي تتطلّب الكثير من الضمانات والتطمينات كي يصبح مرشحاً مقبولاً من الفريق الآخر”.
وأشار إلى أن “ترشيح فرنجية اصطدم بحائط مسيحي عريض يشمل غالبية مكوّنات هذا الطيف، إنما ليس للأسباب نفسها”، موضحاً “أن معارضة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وبعض النواب المستقلين في قوى 14 مارس مبدئية وسياسية، فيما العماد ميشال عون يرى أنه شخصياً أحقّ من فرنجية بهذا المنصب وهو مستاء كثيراً من تَجاوُزه، لا بل تَجاهُله قبل وضع هذه الطبخة على النار. أما حزب الكتائب فهو يسعى إلى ضمانات تتعلق بالحياد حيال الأزمة السورية وقانون الانتخاب ودوره في المرحلة المقبلة”.
وأضاف: “لكن ما من جهة حتى الآن أعلنت رسمياً رفضها القاطع لهذه المبادرة. ومردّ ذلك هو رغبة الأطراف بالتحقق من درجة الدعم الدولي الظاهر للمبادرة، وهل يقع هذا الدعم في دائرة عدم الممانعة أم في دائرة التشجيع أو في دائرة الحماس والتبني”.
وعمّا إذا كان المشهد اللبناني أمام خلطة جديدة في الاصطفاف الداخلي بعدما أوحى خيار فرنجية كمرشح لم يُنتخب بعد بخلط أوراق داخل قوى 8 و14 آذار، أجاب: “ليس تماماً، لأن مكوّنات كل من هذه القوى ما زالت بحاجة إلى بعضها البعض بانتظار جلاء غبار مساعي حل الأزمة السورية، وهذا الأمر قد يتطلب سنوات عدة، لكن لا شك أن العلاقات البينية داخل كل قوى قد أصيبت بشرخ كبير وأزمة الثقة التي كانت في الأصل موجودة بين “القوات” و”المستقبل” مثلاً، أو بين عون وفرنجية، ستكون مرشحة للاتساع سواء نجحت مبادرة ترشيح فرنجية، أو أخفقت، أو راوحت مكانها كما يحصل الآن”.
وعن تفسيره لتردد “حزب الله” في إعلان دعمه لفرنجية، وعمّا إذا كان هذا الأمر مردّه لأن الحزب لا يريد رئيساً إلا بتوقيته أم أنها مجرد مناورة سياسية، قال: “لا هذه ولا تلك. يفترض بحزب الله أن يرى في انتخاب فرنجية فرصة ذهبية، لكنه لا يريد المغامرة بخسارة عون. وأنا لا أتخيّل أن يكون فرنجية قد انطلق في هذا المشروع من دون الحصول على ضوء أخضر من حزب الله”.
وبشأن ما برز من ملامح لحلف ثلاثي مسيحي يضم “التيار الوطني الحر”، و”القوات اللبنانية” وحزب “الكتائب” والأفق المتوافر أمام محور من هذا النوع، أجاب: “لا أرى أساساً موضوعياً صلباً لمثل هذا الحلف، لأن أطرافه المفترَضين ليست لديهم رؤية استراتيجية واحدة أو نظرة متقاربة حول موقع لبنان الإقليمي وحول علاقته بصراعات المنطقة وأحلافها ومحاورها. والأهم من ذلك أن لا مصلحة أبداً للمسيحيين بتعميم منطق الأحلاف الطائفية أو المذهبية، إذ يكفي لبنان والمنطقة هذا الاستقطاب المذهبي السني – الشيعي المقلق، والذي يشكل الحاضنة الأيديولوجية الأساسية للإرهاب والعنف على ضفتي الصراع”، مؤكداً أن “مصلحة المسيحيين واللبنانيين هي تخفيف حدة التوتر الطائفي والمذهبي ومنع انتقال الحرب السورية إلى لبنان والحفاظ على اتفاق الطائف والانطلاق منه نحو آفاق الدولة المدنية”.