Site icon IMLebanon

التصدير البحري..هل فشلت آلية دعم “إيدال”؟

MaritimeExportLebanonEco
سلام طرابلسي

بعد أن أصبح الخط البحري للتصدير المنفذ الوحيد للصادرات اللبنانية الى الدول العربية، بدأت العقبات تبرز أمامه الواحدة تلو الاخرى. فبعد حديث رئيس تجمع مزارعي وفلاحي البقاع ابراهيم ترشيشي عن “إبتزاز” شركات النقل البحري للمصدرين اللبنانيين، وتهديد “انسياب ومسارات الشحن البحري”، أعلن ترشيشي الثلاثاء أن “جهودنا ومطالبتنا بدعم التصدير البحري وتحديداً عبر بواخر “الرورو”، ذهبت سدى وهباءً، لأننا لم نتلمس أي نتيجة إيجابية من هذا الدعم”.
ويأتي هذا القول بالتزامن مع قرار الحكومة السعودية القاضي بـ”السماح للسائقين اللبنانيين بالبقاء لمدة ثلاثين يوماً داخل المملكة ليتمكنوا من أداء أعمالهم بيسر وسهولة وبما يخدم العلاقات الاقتصادية والمعايير المتفق عليها بين البلدين الشقيقين”، وذلك “تلبية لطلب الحكومة اللبنانية تقديم التسهيلات لسائقي الشاحنات العاملين على الخطوط البرية الدولية، والنظر في إطالة فترة بقائهم داخل أراضي المملكة”. غير ان هذا القرار “لن يؤثر في حجم الصادرات اللبنانية”، وفق ما أوضحه ترشيشي لـ”المدن”، إنما يريح فقط سائقي الشاحنات ويطمئنهم ذهاباً وإياباً، ما يدفع بهم إلى تلبية طلبات المصدّرين والمزارعين في أي وقت، لكونهم اطمأنوا إلى أن عامل الوقت أصبح لمصلحتهم”. إلاّ أنه لا ينفي كون هذه الخطوة “إيجابية”.

وبنظره، يجب العودة إلى التصدير عبر الـ”كونتينر” بدل أن تتكبّد الدولة مصاريف من دون جدوى ومن دون أي انعكاس إيجابي على القطاع. فالمزارعون بدوأ يرفعون الصوت، أنيناً من ارتفاع الأكلاف برغم الدعم.
ويلخّص ترشيشي ما يحصل اليوم بأننا “انتقلنا من احتكار واسع إلى آخر ضيّق محصور بعدد من المستفيدين، وحرمونا بالتالي من المنافسة. إذ أن كلفة الشحن لم تتغيّر عما كانت عليه قبل الدعم. بالتالي ذهب الدعم سدىً لكون شركتين اثنتين فقط تلتزمان عملية النقل وبالتالي تضعان الأسعار التي تريدانها، إلى جانب كلفة البراد والسائق وغيرهما”. وانطلاقا من هذا الواقع، طلب ترشيشي من رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمار “إيدال” نبيل عيتاني تغيير آلية الدعم والتطلع إلى خطة جديدة تعود بالفائدة على القطاع الزراعي، لأن الخطة المطبقة اليوم أثبتت فشلها ولم تحقق شيئاً للمزارعين، ومن الحرام دفع قرش واحد لدعم هذه البواخر”.

إغلاق الحدود البرية دفع بلبنان الى الانغلاق على الدول المحيطة، وعلينا أن لا نساهم بهذا الانغلاق من أجل أمور معينة، وفقا لعيتاني، الذي لفت في حديث لـ”المدن” الى أن “حياة لبنان ومتنفسّه بانفتاحه على العالم، ولا يجب التفكير بمصلحة آنية، شخصية ومحددة في اتجاه معين وإغفال المعطيات الاخرى. والمطلوب المحافظة على موقع المنتج اللبناني، وعلى مصداقية هذا المنتج في الاسواق”.

بالنسبة لعيتاني، فإن ترشيشي يفكّر في مصلحة منتج البطاطا فقط، فالتصدير عبر “الكونتينر” مفيد لهذا المنتج، لكنه يضر بالخضار والفواكه الموسمية أو بقطاع النقل البري المتوقف بشكل كلي حاليا، بعد أن اعتمده المصدرون على مدى 50 عاما ونما نموا كبيرا، لكن وصلنا الى مرحلة لا يمكن العمل عبره لا من خلال “الترانزيت” ولا الصادرات اللبنانية”. واليوم هناك 5 آلاف شاحنة ترانزيت (مبرد أو غير مبرد)، وإذا لم نؤمن وسيلة لعملهم، وإن كانت الكلفة أعلى، وقدّمنا لهم الدعم في ظل هذه الازمة، لن يتمكنوا الاستمرار”.
هذه الازمة لم يتسبب بها المزارع أو المُصدّر أو صاحب الشاحنة أو سائقها ولا كل العاملين على إنتاج هذه البضاعة ونقلها وتوضيبها الى الخارج، بحسب عيتاني. وإذا اعتمدنا وسيلة واحدة هي الحاوية المبرّدة، فإننا بهذه الحالة نغطّي قطاعات معينة (البطاطا والتفاح مثلاً)، وليس كل القطاعات، فبعض المنتجات لا يمكن إبقاؤها في حاويات مبرّدة لـ20 يوما أو أكثر.
وأوضح عيتاني ان “ما يطالب به ترشيشي هو الدعم على “الكونتينر”، وقرار مجلس الوزراء نص على دعم الفارق ما بين النقل البري والبحري”، شارحا أن كلفة تصدير “كونتينر” البطاطا المبرّد الذي يعتمدونه، أقل من الشحن البري، وبالتالي لا يمكن دعمه. فإذا كانت كلفة الطن عبر البر 20 دولار، أصبحت كلفته اليوم 10 دولار عبر البحر”. الا ان عيتاني لم ينف أن أصحاب “الكونتينرات”، لم يستفدوا من هذا الدعم، ما عدا المتوجهة الى الاردن، فالشاحنة التي كانت ترسل الى الاردن برا بكلفة 2000 – 2500$، ارتفعت كلفتها اليوم الى نحو 7000 بإعتماد “الرورو”، لكن المسألة تختلف بالنسبة للخليج والمناطق الاخرى، فالكلفة كانت نحو 5000 – 6000$ أما اليوم فأصبحت 8000 أو 9000$، ونحن نحاول تقديم الدعم لتقليص هذا الفارق ومساعدتهم للوصول الى الخليج”.

في المحصلة اعتبر عيتاني أن “الدعم المقدّم غير كاف ويجب إعادة النظر بالمبلغ المحدد لكي تستطيع المنتجات اللبنانية أن تصل بسهولة الى الاسواق الخارجية وأن تنافس المنتجات الاخرى، ونحن نقوم اليوم بتعديل بعض الحوافز لنساهم بتعميم الفائدة على القطاع الزراعي بأكمله وليس على جزء معيّن”.
لكن بالرغم من العقبات التي تواجه التصدير البحري، وما يعتريه من شوائب، إلاّ أنه يبقى المنفذ الوحيد للمنتجات اللبنانية الى الاسواق الخارجية. بعد أن أوشكت الصناعات والزراعات اللبنانية على الكساد. والمطلوب العمل على معالجة ما تعتري الخطة من ثغرات بما يسمح للمزارع اللبناني الاستفادة أكبر قدر ممكن من الدعم المقدم من الحكومة اللبنانية وأن لا يكون باباً جديداً لهدر الاموال العامة.