تقرير رولان خاطر
لم يكن أحد من اللبنانيين يرى أن أيّ ثمن مهما ارتفع يمكن أن يضاهي “قضية التبادل” لاسترداد العسكريين المخطوفين منذ 2 آب 2014. فكان الأول من كانون الأول 2015، تاريخاً يؤكد ان الدولة تستطيع أن تكون دولة متى أرادت ذلك.
ولكي تكتمل الصورة، لابدّ من الإفراج عن العسكريين التسعة المتواجدين لدى “الدولة الإسلامية”.
ولكن، و”كي لا ننسى”، ففي ذاكرة اللبنانيين ووجدانهم شاب حرديني، انقطعت أخباره منذ 15/10/2013 تاريخ اعتقاله من قبل تنظيم “داعش”. هو سمير كساب، الذي خطا نحو الخطر، لتأمين الحماية، المعيشة، والمستقبل.
سمير كساب يستحق من كل لبناني وقفة دعم، إن على الطرقات، أو في مؤسسات الدولة السياسية منها والأمنية، أو في الإعلام، أو في صلاة الكهنة والمشايخ.
سمير كساب يستحق كما جوزف صادر ان تُحمل قضيته كماحُملت قضايا العسكريين الذين أعادهم الله إلى ربوع الوطن بالسلامة والخير، وكما ستُحمل قضايا العسكريين التسعة.
الصحافي الفرنسي نيكولا هينان الذي كان أسيراً طيلة 10 أشهر في أقبية تنظيم “الدولة الإسلامية”، كشف للصحافة ان سمير كساب، كان جاره في الزنزانة… لكن ذلك كان قبل عام أو أكثر تقريباً، فما هو مصير سمير اليوم؟
جورج كساب، شقيق سمير، أوضح لموقع IMLebanon، أن لا معلومات رسمية بحوزتهم عن مصير سمير، واكد ما كشفه الصحافي الفرنسي، لكنه لفت إلى أن الاتصالات مع المعنيين مستمرة، ولو أن القضية لا تُظهّر إعلامياً، مبدياً عتبه الكبير على الجسم الإعلامي الذي لا يتعامل مع القضية على انها جزء لا يتجزأ منه.
تسير قضية سمير كساب ببطء لأسباب عدة، نظراً للجهة الخاطفة التي لا تعطي أي معلومات عن مصير الشاب الحرديني، ولفقدان الاتصال بها من قبل الدولة اللبنانية عبر وسيط من هذه الدولة او تلك. لكنّ جهود العائلة لا تهدأ، فهي زارت منذ مدة السفيرين التركي والقطري اللذين وعدا بأنهما سيحملان القضية إلى أمام مراجعهما. إلا ان المفاجأة كانت بعد زيارة رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع قطر الذي طرح قضية اختطاف سمير، فكان وعد قطري بمتابعة القضية.
معراب تستمر في متابعة القضية كما وعدت مع الجانب القطري، وكذلك، فإن قضية سمير تتابع مع اللواء عباس ابراهيم، ومع وزير الخارجية جبران باسيل الذي يطرح القضية لدى وجوده في حاضر الدول في الخارج.
قضية سمير كساب لم تسلك كغيرها من القضايا طريق الشارع والاعتصامات وتنظيم التظاهرات، لكن الأكيد بحسب شقيقه، فإن ما تتطلبه المسألة من تواصل مع الفرقاء والمسؤولين السياسيين والديبلوماسيين نقوم به، خصوصاً ان التجربة أثبتت ان تحرير العسكريين لدى “جبهة النصرة” كانت نتيجة الاتصالات والمفاوضات، لذلك، فالتركيز ينصبّ على التحرك الهادئ والسياسي.
هذا الأمر، لم يمنع جورج من إعلان عتبه الكبير على تقصير الاعلام الذي ينفض يديه من القضية، ولا يستذكرها إلا في فترة ذكرى اختطاف سمير من اجل تقديم مادة معينة للأخبار، كما يقول، فيما المطلوب ان يواكب الإعلام رواده، الذي يحاكون الخطر في مهنتهم، ويتنقلون بين النقاط الساخنة في العالم من اجل نقل الحقيقة. وسمير هو جزء من هؤلاء الذي “يحملون حياتهم على كفّهم” من اجل خدمة رسالة الصحافة، ومن أجل تحقيق الحلم الذي يحمله كل صحافي وإعلامي.
وفي هذا السياق، أشار جورج إلى ان العائلة كانت تلقت وعدا من وزير الإعلام باستنفار كل الوسائل الإعلامية الرسمية والخاصة في خدمة قضية سمير، إلا ان ذلك لم يحصل.
المعطيات ما قبل أحداث عرسال كانت تشير إلى أن سمير موجود في الرقة، لكن بعد هذه الحادثة، حصل خلط أوراق، إلا أن هناك من يتحدث – وبشكل غير رسمي- عن أن سمير لا زال موجوداً في الرقة، من دون التأكيد ما إذا كان بعهدة تنظيم “الدولة الإسلامية” أو أي طرف آخر.
قناة “سكاي – نيوز” بدورها تتابع قضية سمير، إلا ان الصعوبة تكمن بسبب عدم وجود جهة رسمية للتعاطي معها.
جورج كشف لـIMLebanon، أن العائلة تتحضر في الأيام المقبلة للقيام بسلسلة زيارات لبعض المسؤولين، منهم اللواء عباس ابراهيم، والدكتور سمير جعجع والوزير جبران باسيل. كما لن توفر أيّ مرجع لطرح القضية امامه من أجل الإفراج عن سمير، علما ان العائلة من ضمن الزيارات التي قامت بها، رئيس هيئة العلماء المسلمين الشيخ سالم الرافعي، للحصول على دعمه. كما لفت إلى أن هناك تواصلا مع أهالي العسكريين للإبقاء على تقاطع المعلومات، ولو بنسبة ضئيلة.
عائلة سمير لم تفقد الأمل، صلوات الوالدة يفوح منها عطر البخور حتى السماء، حسرة الوالد وكآبته الصامتة تحاكي وجع المصلوب على الصليب، بانتظار يوم “القيامة”. خطيبة سمير، رزان، الوفية، الصامدة، لم تترك العائلة منذ حلّت المصيبة، وهي تمضي سهرات العشق بين السماء والأرض، واضعة مصيرها ومستقبلها بين يدي من قام في اليوم الثالث. شقيقة سمير الصغرى والعائلة جمعاء، ستجتمع في الميلاد حول “طفل المغارة”، في كلمة واحدة إلى يسوع المخلّص… “الحرية لسمير”.