كتب د.ناصر زيدان في صحيفة “الأنباء” الكويتية: يقول نائب مسيحي له حيثيته الخاصة المستقلة: ان بعض الأحزاب المسيحية الكبرى تستثمر دعايتها السياسية في الشعارات التي تتضمن الحفاظ على حقوق المسيحيين، بينما هي بواقع الحال تعمل لتحقيق أهدافها الخاصة، واحيانا تستخدم لغة التحريض والمزايدة للدفاع عن نفسها، إذا ما تفاقمت الأمور لغير مصلحتها.
ويتابع القيادي ذاته: هل يحق لبعض هذه الأحزاب المسيحية ان تتهجم على المستقلين، او ان تتهمهم بالتفريط في المصالح المسيحية الكبرى، بينما واقع التجارب الماضية أثبت، ان هؤلاء كان لهم الباع الطولى في ربط مصير المسيحيين في تحالفات داخلية وإقليمية أنهكتهم، وأضعفت موقعهم، وكل ذلك لتحقيق مصالح مالية، او فئوية لهذه القوى، دون ان تكون للمسيحيين أي مكاسب من هذه السياسة.
وتلجأ بعض هذه التيارات الى المزايدة على الآخرين في شعارات شعبوية تدغدغ مشاعر الشباب المسيحي، من دون ان تتحقق لهؤلاء الشباب اي مكاسب تتعلق بمستقبلهم وباستقرارهم المعيشي والوظيفي.
بالمقابل ـ يقول القيادي ذاته ـ كان هم المستقلين ومعهم مجموعات واسعة من رجال الكنيسة والقوى الأخرى، ان يحافظ المسيحيون على وجودهم الوطني في المناطق اللبنانية المختلفة، وتعاونهم مع القوى اللبنانية الأخرى، لم يكن بهدف التبعية ـ كما هو حاصل مع تبعية التيارات الكبيرة لقوى إقليمية ـ بل كان هدف التعاون الحفاظ على التنوع اللبناني، ورعاية مصالح المسيحيين في المناطق المختلفة، وتكريس صيغة العيش المشترك من خلال خلق تكتلات نيابية عابرة للطوائف، التي بدورها تقضي على التعصب الذي يدمر الحياة السياسية اللبنانية.
والنواب المسيحيون المستقلون عن بعض الأحزاب الكبرى، لم يفرطوا في أي من المصالح الوطنية، او المسيحية، في اي ظرف من الظروف، بل على العكس من ذلك: فقد جير هؤلاء مواقف عديدة لحلفائهم من الطوائف الأخرى لمصلحة المسيحيين.
كلام النائب المسيحي، كان بمناسبة ما أثاره البعض من المحسوبين على تيار مسيحي، حول الطعن الذي تقدم به نواب اللقاء الديموقراطي ضد قانون استعادة الجنسية للمغتربين الذي أقره مجلس النواب الشهر الماضي.
علما ان الطعن لم يطلب إبطال القانون برمته، بل طالب بإلغاء المادة التي تستثني اللبنانيين الذين لجأوا الى إحدى دول السلطنة العثمانية، وتحديدا، الى سورية وفلسطين وتركيا، وأغلبية هؤلاء من الطوائف المسيحية ـ غير الموارنة ـ ولو كان المسلمون الموحدون الدروز معنيين بظلم الاستثناء، إلا انهم ليسوا أغلبية من بين هؤلاء.
ويستهزئ النائب ذاته من الرسالة التي بعثها شخصان ينتميان الى التيار الوطني الحر الى البطريركية المارونية ويطالبون فيها بفرض حرم كنسي على نواب موارنة من اللقاء الديموقراطي وقعوا على طلب إبطال مادة وحيدة في قانون استعادة الجنسية، ويقول: كان الأجدر على هؤلاء ان يطالبوا بوضع حرم كنسي على الذين يعطلون انتخاب رئيس للجمهورية منذ سنة و7 أشهر.
وغياب الرئيس عن قصر بعبدا لهذه الفترة الطويلة، يشكل اكبر تفريط بحقوق المسيحيين منذ نشوء الجمهورية.
والتعطيل ناتج عن أطماع شخصية بحثة، وليس من اجل المصالح المسيحية إطلاقا.
تمارس تيارات مسيحية كبرى تهويلا غريبا على المسيحيين في أوقات متعددة، تحت شعار الحفاظ على حقوق المسيحيين ودورهم، بينما واقع الحال ان هذه التيارات تعمل لتحقيق مصالح ذاتية، لزيادة حصتها في السلطة على حساب المستقلين – ومثل هؤلاء المستقلين موجودون في كل الطوائف اللبنانية ـ بينما تخلق شعاراتهم المتطرفة أجواء مشحونة في البلاد، تدفع الآخرين إلى التعصب الطائفي، وتغذي “الداعشية السياسية” التي قد تتمدد الى الطوائف اللبنانية كل إذا ما استمر التحريض.