Site icon IMLebanon

مبادرة الحريري إلى الأمام…برغم المعوّقات

saad-hariri6

 

 

كتبت كلير شكر في صحيفة “السفير”:

لا يكترث المتحمسون لمعادلة الحريري ـ فرنجية للمعوقات الإسمنتية التي وُضعت على طريقها بعد انتقالها من باريس الى قلب العاصمة اللبنانية، ففرملت اندفاعتها وزخمها، ليؤكدوا أنّ هذا السيناريو متوقع بالأساس ولم يأت من العدم، لأنّ كل هذه العراقيل حُسب حسابها، وكان من الطبيعي أن تطل من مخبئها مع خروج المبادرة الى الضوء.

ولهذا يصرّون على الجزم بأنّ طرح سعد الحريري بترشيح سليمان فرنجية لم يمت ولم يُدفن كما يعتقد البعض. كل ما في الأمر أنّ «انقلاباً» من هذا النوع يحتاج الى مسافة زمنية كي يستقر في مكانه ويرتب الأوضاع الداخلية، بما فيها بيوت التحالفات، التي اهتزت عروشها. ولا بدّ بالنتيجة، من الترقب والانتظار.

بنظرهم إنّ دخول زعيم «المردة» الى السباق بدفع من الخصوم، هو نقطة لمصلحته لا يمكن أن تمحى من سجله. هو عملياً صار مرشحاً جدياً على الحلبة الذهبية. قبل أكثر من 500 يوم كانت المنافسة بين ميشال عون وسمير جعجع ومن له الحظ في دفع اسمه على بورصة التوافقيين أو الوسطيين. أما اليوم فتكاد تنحصر بين مارونَي قوى «8 آذار»، أي عون وفرنجية، كما يرى المتحمسون للمبادرة الباريسية.

وفق حساباتهم، فإنّ ما جرى عرضه في العاصمة الفرنسية يتمتع بقوة زخم إقليمية، لم تظهر كل مفاعليها حتى اليوم، لكنها كافية لمدّه بكميات من الأوكسيجين التي يحتاجها كي لا يغرق في مستنقع الخلافات الداخلية، وتسمح له بأن يواجه سدّ الاعتراضات التي تواجهه، وهي مرتقبة بنظر هؤلاء.

يقولون إنّه مع الوقت، ومع التأكد بأنّ هذه المبادرة تحظى بالغطاء الدولي اللازم الذي تحتاجه لكي تكون فاعلة وذات قدرات تدميرية للحواجز، ستتغير خريطة الحسابات بين القوى اللبنانية، ترتيباً للموازين الجديدة.

بالنسبة للمتحمسين، فإن التعامل مع المبادرة بواقعية هو ممر إلزامي للتخفيف من أثقال هذا الخيار الانقلابي. هنا يسأل هؤلاء: يوم كان إميل لحود رئيساً للجمهورية محمياً من الوصاية السورية وعسكرها، هل كان بإمكانه تجاوز الدستور؟

يستخلص هؤلاء من هذا الدرس ما مفاده أن أي رئيس للجمهورية هو تحت سقف الدستور والقوانين المرعية الإجراء، سواء كان من قماشة سليمان فرنجية أو غيره. وبالتالي لا حراجة في التعامل مع هذه المعادلة حتى لو بدت انتصاراً لقوى «8 آذار»، لأنها بالنتيجة ستكون ضمن الأطر الناظمة للحياة السياسية. وهذا ما يمنحها قابلية للحياة.

هكذا، يرون بأنّ عودة الحرارة الى خط بيت الوسط ـ معراب ليس من باب التراجع عما أقدم عليه «الشيخ المغترب»، بل من باب العمل على ترتيب العلاقة الثنائية، ومن بعدها شبكة علاقات قوى «14 آذار»، بعد التصدّع العميق الذي ضربها نتيجة ترشيح القطب الزغرتاوي.

يعترف أهل المنزل الآذاري بأنّ عمارتهم خسرت الكثير من رصيدها على مدى الأشهر الماضية، ليس بفعل قفز «تيار المستقبل» من مناداته بمرشح توافقي غير مولود في كنف أحد الاصطفافيْن، الى مرشح يعرّف عن نفسه أنه «ابن الخط»، ولكن بنتيجة تراكم أخطاء ارتُكبت من كل مكونات هذا الفريق بحق بعضها البعض.

بمقدور هؤلاء أن يقدّموا جردة بالاختلافات التي أصابت هذا المحور منذ مدة غير قليلة، لا حاجة للتذكير بها ما دام الجميع يحفظها عن ظهر قلب، لكنهم يقرّون بأنّ الضربة الأخيرة أتت في الصميم وجعلت من منسوب الثقة في أدنى مستوياته.

بنظرهم، إنّ حاجة مكونات هذا الفريق بعضها لبعض، يدفعها الى التمسك بهذه العلاقة التي صار عمرها أكثر من عشر سنوات، لكنه من الصعب، لا بل من المستحيل أن تعود الى سابق عهدها. ما تعرضت له من انتكاسات، وما ينتظرها من متغيّرات، يصعّبان لحْمَها من جديد.

هكذا، لا يرون أنّ الطلعات والنزلات صوب معراب هي نتيجة تراجع سعد الحريري عن مبادرته، لا بل هي محاولة للحفاظ على ما تبقى من العلاقة، حتى لو صارت في أسفل الكوب. حتى أن الحريري كان واضحاً خلال الاتصال مع جعجع بأنّه لا عودة الى الوراء، وأنه لا بدّ من البحث عن قواسم مشتركة تحفظ مصالح الفريقين. ولكن بالخلاصة: فرنجية لا يزال مرشح «المستقبل».

صحيح أنّ هناك الكثير من الأخطاء والهفوات التي ارتُكبت «على الطريق» وأظهرت نوعاً من سوء الإدارة لملف ترشيح القطب الزغرتاوي، سواء لناحية تعامله مع حلفائه أو في كيفية تقديم هذه الخطوة.. لكن هذا لا يغيّر في الجوهر.