IMLebanon

الفراغ الداخلي والخلافات السياسية المقيمة: تهديد باستمرار تراجع النشاط الاقتصادي والمالي

PresidentParliament-s
عدنان الحاج

إذا كان هناك من إنجازات خلال العام 2015 فإنها لا تذكر على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، كونها لا تشكل محطات يفترض التوقف عندها نظراً لتعدد المشكلات الجديدة والطارئة ودوام المشكلات المزمنة وتراجع التقديمات الاجتماعية والمعيشية.
السبب الأساسي في غياب هذه الإنجازات يعود لغياب إدارات الدولة والوزارات المعنية القائمة على هموم المواطن.
تعداد المشكلات لا يبدو أنه من الممكن حصره بقطاعات أو بمجالات محددة أو محدودة، وهناك نماذج كثيرة يمكن التوقف عند بعض عناوينها البسيطة.
1ـ بداية يمكن التوقف عند ظاهرة انعدام حركة الاستثمارات الجديدة اللبنانية وغير اللبنانية. هذا البند يظهر جلياً من خلال تراجع حركة الاستثمارات والرساميل، أولاً على اعتبار أن هذا البند يشكل أساساً للنقاش، فحسب التقرير الاقتصادي لبنك عوده فإن حركة الرساميل الوافدة تراجعت خلال العام 2015 مقارنة بالعام 2014 حوالي 28.6 في المئة وهي نسبة عالية، وتشير إلى تراجع الاستثمارات والتحويلات من اللبنانيين العاملين في الخارج من حوالي 13 مليار دولار خلال العام 2014 إلى حوالي 9.3 مليارات دولار خلال العام 2015 (إحصاءات عشرة أشهر).
النقطة الثانية في هذا المجال تتعلق بمؤشر ميزان المدفوعات الذي بلغ عجزه حوالي 2.2 مليار دولار مقابل عجز بحوالي 868 مليون دولار للفترة ذاتها من العام الماضي. النشاط السياحي الذي تحسن بحكم السياحة الداخلية والاعتماد على اللبنانيين، تراجع على مستوى الحركة السياحية العربية والخليجية التي تشكل أساساً للنشاط.
2 ـ النقطة الثانية المهمة تتعلق بالمالية العامة حيث تراجعت النفقات العامة حوالي 2.9 في المئة بينما تراجعت الإيرادات الخاصة بالخزينة حوالي 8.6 في المئة بما قيمته حوالي 700 مليون دولار في 10 أشهر من 7.9 مليارات دولار إلى حوالي 7.2 مليارات دولار في عشرة أشهر من العام الحالي.
3 ـ بالنسبة لموضوع الصادرات الزراعية والصناعية فقد تراجعت حوالي 11.1 في المئة من 2.5 مليار دولار إلى حوالي 2.2 مليار دولار وهذا عنصر أساسي يتعلق بالنمو الاقتصادي. ويؤشر إلى إقفال المعابر بين لبنان وسوريا من جهة وارتفاع كلفة التصدير بحراً، ما جعل السلع اللبنانية أقل قدرة على المنافسة في الخارج والوصول إلى أسواقها الأساسية.
العجز التجاري يشير إلى إيجابية كونه تراجع من 13.2 مليار دولار إلى حوالي 10.9 مليارات وذلك نتيجة تراجع المستوردات بحوالي 15.9 في المئة من 15.7 مليار دولار إلى حوالي 13.2 مليار دولار، ومع ذلك فإن ميزان المدفوعات سجل عجزاً كبيراً.
3 ـ حركة المرفأ والبواخر تراجعت حوالي 20 في المئة من حيث عدد السفن الداخلة إلى مرفأ بيروت وهذا ينسجم مع تراجع معدلات المستوردات والصادرات اللبنانية.
4 ـ وحده القطاع المصرفي استطاع أن يحافظ على معدلات نمو مقبولة خلال الفترة حيث زادت الودائع حوالي 3.4 في المئة بتراجع حوالي الواحد في المئة عن العام الماضي حيث كان حوالي 4.3 في المئة. وهذا معدل مقبول في ظروف تشغيلية صعبة.
5 ـ بالعودة إلى موضوع عجز الكهرباء الذي يشكل حوالي 40 إلى 45 في المئة من عجز الموازنة العامة، فإن التغذية تستمر بالتراجع والتقنين يتزايد على الرغم من تراجع أسعار النفط التي وفرت عجزاً يصل إلى حوالي 1300 مليار ليرة للعام الحالي وهو عجز جيد لم ينعكس تحسناً بالتغذية.
6 ـ رخص البناء وتسليمات الإسمنت تراجعت كثيرا بين 11.9 و14.2 في المئة مما انعكس تراجعاً على المبيعات العقارية بحوالي المليار دولار في عشرة أشهر من 7.4 مليارات دولار إلى حوالي 6.4 مليارات. ومع ذلك فإن أسعار الشقق لم تتراجع بالنسبة المقبولة على الرغم من تراجع الطلب كثيرا.
في المحصلة، ان العام 2015 سيقفل بالتأكيد على تراجع معظم المؤشرات الاقتصادية والمالية المباشرة، لا سيما بالنسبة للمؤشرات الأساسية التي تنعكس مباشرة على النمو الاقتصادي.
وحده الدين العام يستمر بالنمو وهو زاد خلال العام 2015 حوالي 4.5 في المئة منها حوالي زيادة بحوالي 6.4 في المئة للدين العام الداخلي الذي بلغ حوالي 42.5 مليار دولار من أصل حوالي 69 مليار دولار مجمل الدين العام اللبناني حتى اليوم.
بمعنى آخر إن من أصل حوالي 30 مؤشراً أساسياً هناك حوالي 24 مؤشراً متراجعاً، ناهيك عن عشرات المؤسسات التجارية التي أقفلت وصرفت عمالها، ما انعكس زيادة كبيرة في معدلات البطالة في ظل تقلص فرص عمل اللبنانيين في الخارج، لا سيما في دول الخليج حيث تراجع الطلب واستمر بالتراجع نتيجة عوامل المنطقة وتراجع أسعار النفط العالمية.
وهذا يعني أنه في حال استمرار الفراغ الرئاسي والمؤسساتي في لبنان، سيؤدي إلى انتقال التراجع واستمراره في العام 2016 ما لم يتم إحصاء الأضرار والبدء بملء الفراغ السياسي والرئاسي.