IMLebanon

تمديد مهل الديون التجارية والتسويات يؤخر إفلاس المؤسسات

BanqueDuLiban
عدنان الحاج

أظهرت المعالجات التي يجترحها مصرف لبنان، أنها تهدف إلى الحدّ من نمو الديون المصرفية المشكوك بتحصيلها من القطاعات المختلفة، بموجب التعميم 135. وهذه خطوة على طريق تطوير تنفيذ قانون الإفلاس، من خلال الحدّ من امكانية الذهاب إلى المحاكم، تلافياً للوقوع في المعالجات التي تستغرق وقتاً طويلاً قد يمتدّ لسنوات، وسعياً وراء المعالجة المباشرة بين المصارف والمقترضين.
تحاول المصارف من خلال تعاميم مصرف لبنان الدخول في مفاوضات وعمليات مباشرة، عن طريق تمديد مهل التقسيط وإعطاء مهل جديدة، تمتد إلى أكثر من خمس سنوات، عن طريق تنظيم تسديد 20 في المئة من الديون سنوياً، على مدى خمس سنوات، قد تمتدّ إلى آجال اطول تبعاً لوضعية المدينين والمقترضين، منعاً لعمليات الإفلاس للعديد من المؤسسات، لاسيما وان العمليات مع الذهاب إلى المحكمة، تكلف أكثر بالوقت والقيمة. وتهدف العمليات إلى قيام مصرف لبنان بعملية حسم 50 في المئة خلال فترة خمس سنوات، مما يعطي تسهيلات أكبر للمؤسسات التي تشكو من تراجع النشاط الاقتصادي، لاسيما المؤسسات التجارية والسياحية وغيرها من المؤسسات الإنتاجية، التي تعاني من مشكلة المديونية، وصعوبة السداد مع تراجع النشاط الاقتصادي والتجاري، الذي يصيب غالبية القطاعات المقترضة، بما فيها المؤسسات الفردية، ويعني ذلك إعطاء المؤسسات فترة سماح لخمس سنوات، وهذا أمر يساعد على استعادة النشاط تلافياً للتعثر الكلي والإفلاس لاحقاً.
في الحسابات البسيطة فإن الديون المشكوك في تحصيلها بلغت حوالي 3.6 في المئة من القروض المصرفية للقطاع الخاص، البالغة حوالي 55 مليار دولار، حسب آخر الإحصاءات. وبالقيمة تبلغ هذه القروض حوالي 3 مليارات دولار من الديون الأقل خطورة، البالغة قيمتها حوالي 1.5 مليار دولار. مع العلم أن الديون المذكورة يخضع أصحابها لضمانات مقدمة للمصارف، تشكل حوالي 70 في المئة من قيمتها من ضمانات عقارية أو موجودات أخرى.
وقد زادت المبالغ أو القروض المشكوك في تحصيلها حوالي 84 مليون دولار خلال العام 2015، وهي مرشحة للزيادة، أو كانت مرشحة للزيادة بشكل أكبر خلال العام 2016، لولا التدابير والتعاميم التي اتخذها مصرف لبنان، بتسهيل المهل وتمديدها، ولولا تجاوب المصارف مع هذه الخطوات، بما يضمن إمكانية تحصيل هذه الديون، ضمن آجال أطول، وضمن خطوات تحفيزية تساعد القطاعات، قبل وصولها إلى التعثر، وبالتالي وصول الديون إلى مرحلة الردائة الكاملة، وربما كان هذه أهم البنود التي يقوم عليها، أو تقوم عليها فلسفة التعميم 135 الصادر عن مصرف لبنان.
في النتيجة فإن المعالجات الجارية حالياً، لا تخفي تردّي حركة القطاعات التجارية والسياحية، التي تأثرت نتيجة الفراغ الرئاسي، من جهة، وعدم الاستقرار السياسي والأمني، من جهة ثانية، على الرغم من أن وضع لبنان مازال من ضمن الأفضل في المنطقة المحيطة والمتوترة بشكل تصاعدي.
هنا لا بد من التوقف عند حجم التسليفات للقطاعين العام والخاص خلال العام 2015، لتكوين بعض المعطيات، حول ما سيكون عليه الوضع في العام المقبل، في ظل استمرار تراجع النشاط الاقتصادي والمالي.
1ـ تبلغ قيمة التسليفات المصرفية للقطاع الخاص والقطاعات التجارية والصناعية والقروض السياحية حوالي 88591.233 ليرة (حوالي 58.5 مليار دولار) لحوالي 656 الف مقترض في مختلف القطاعات. وقد ارتفع هذا العدد بعض الشيء خلال الأشهر الأخيرة، ولكن بقي متراجعاً عن معدلات الزيادة للعام الماضي، من حيث القيمة على الأقل. وقد بلغت التسليفات خلال الأشهر العشرة الأولى من العام 2015 ما مجموعه حوالي 2.01 مليار دولار مقارنة مع حوالي 2.7 مليار دولار، للفترة ذاتها من العام 2014 أي بتراجع نسبته حوالي 22.9 في المئة من حيث نمو التسليفات. وهذا مؤشر على تراجع نشاط القطاعات الاقتصادية وعدم إقبال المؤسسات على الاقتراض.
2 ـ بالنسبة لتوزّع التسليفات على القطاعات، فإن القروض الفردية وحدها بلغت حوالي 26.2 الف مليار ليرة لحوالي 555 الف مستفيد. وكانت حصة القروض السكنية منها حوالي 15.8 الف مليار ليرة، لحوالي 106.5 مقترض، بمتوسط قرض فردي قدره حوالي 47 مليون ليرة، مقابل متوسط قرض سكني قدره حوالي 147 مليون ليرة.
وبلغت حصة القطاع الصناعي حوالي 10.7 في المئة من القروض، بما قيمته حوالي 9588.3 مليار ليرة لحوالي 18636 مقترضاً، بمعدل قرض قيمته 515 مليون ليرة للمؤسسة أو للفرد الواحد.
حصة القطاع الزراعي بقيت الأقل، حيث بلغت حوالي 1.16 في المئة، بما قيمته حوالي 1032.6 مليار ليرة لحوالي 6679 مقترضاً، بمعدل قرض قدره حوالي 156 مليون ليرة.
3 ـ قطاع التجارة والخدمات وهو القطاع الأوسع من حيث حركة القروض، فقد شكلت حصته حوالي 30237.05 مليار ليرة، لحوالي 69 ألفاً و992 مقترضاً، بمتوسط قرض قيمته حوالي 433 مليون ليرة، وشكلت هذه الفئة حوالي 10.2 في المئة من إجمالي المقترضين، يستفيدون من حوالي 33.9 في المئة من القروض. يُذكَر أن قروض الفنادق والمطاعم بلغت حوالي 2445 مليار ليرة لحوالي 3200 مقترض بقيمة وسطية للقرض بلغت حوالي 755 مليون ليرة، وهي المعدل الأعلى في القروض للقطاعات التجارية والخدماتية.
4 ـ القطاع العقاري له حصته الكبيرة في التسليفات التي بلغت حوالي 6391.9 مليار ليرة لحوالي 13888 مقترضاً بمتوسط قرض قدره حوالي 460 مليون ليرة. وهذه القروض لا تدخل ضمن القروض السكنية لكونها موجّهة إلى تجارة البناء والعقارات.
توزيع التسليفات على القطاعات الاقتصادية
ويمكن تلخيص توزّع التسليفات على القطاعات الاقتصادية حسب مصرف لبنان كما يأتي:
لقد توزّعت التسليفات على القطاعات الاقتصادية في بداية شهر أيلول من العام 2015 على الشكل الآتي:
1 – قطاع التجارة والخدمات 33.75 في المئة موزعة على 10.66 في المئة من الزبائن.
2 – المقاولات والبناء 16.89 في المئة موزعة على 1.36 في المئة من الزبائن.
3 – قطاع الأفراد 29.23 في المئة موزعة على 84.61 في المئة من الزبائن.
4 – قطاع الصناعة 10.70 في المئة موزعة على 2.84 في المئة من الزبائن.
5 – القطاعات المختلفة 2.52 في المئة موزعة على 3.53 في المئة من الزبائن.
6 – قطاع الوساطة المالية 5.75 في المئة موزعة على 0.63 في المئة من الزبائن.
7 ـ قطاع الزراعة 1.16 في المئة موزعة 1.02 في المئة من الزبائن.
هذا وقد استحوذت منطقة بيروت وضواحيها على نسبة 76.76 في المئة من إجمالي القروض الممنوحة للقطاع الخاص، تليها منطقة جبل لبنان 10.54 في المئة، ثم منطقتي لبنان الجنوبي 4.08 في المئة، والشمال 3.97 في المئة والبقاع 3.10 في المئة، وأخيراً غير المقيمين 1.55 في المئة. علماً أن عدد الزبائن في منطقة بيروت يشكل نسبة 55.30 في المئة من إجمالي عدد الزبائن المدينين في القطاع المصرفي.
التوزّع المناطقي والتمركز الاقتصادي
يظهر من خلال توزع التسليفات على المناطق أن بيروت وضواحيها تستحوذ على حوالي 68.7 الف مليار ليرة، بما نسبته حوالي 76.7 في المئة من قيمة التسليفات، يتقاسمها حوالي 363 الفاً و50 مستفيداً، بمتوسط قرض قيمته حوالي 189 مليون ليرة، ويشكل هؤلاء 55.3 في المئة من اجمالي المستفيدين. اما قروض منطقة جبل لبنان فتبلغ حوالي 9439 مليار ليرة، تشكل حوالي 10.5 في المئة من القروض لحوالي 115 الفاً و190 مستفيداً. وتشكل حصة الجنوب حوالي 4 في المئة من قيمة التسليفات لحوالي 61694 مستفيداً، بمتوسط قرض قيمته حوالي 59 مليون ليرة. كذلك منطقة الشمال التي تستفيد بحوالي 3.9 في المئة من قيمة التسليفات لحوالي 66178 مقترضاً، بمتوسط قرض قيمته حوالي 53 مليون ليرة. ويعود الضعف في قيمة القروض في المناطق الشمالية والجنوبية، إلى كونها تستند إلى قروض زراعية في أكثرها، وحرفية في بعضها لحيازات صغيرة، ولعدم وجود مشروعات كبيرة في المناطق النائية عموماً، كذلك هو حال البقاع الذي تبلغ حصته من الاقتراض حوالي 3.1 في المئة، من حيث القيمة بحوالي 2779.3 مليار ليرة لحوالي 46.5 الف مستفيد، بمتوسط للقروض لا تزيد عن 60 مليون ليرة، علماً أن منطقة البقاع تقع على الطريق بين لبنان وسوريا وهي كانت طريق الترانزيت الأبرز مع منطقة الشمال.